صعّد مجلس السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي الضغوط الدولية على المجلس العسكري في النيجر، أمس، معلناً تعليق عضويتها في كل أنشطته فوراً حتى استعادة النظام الدستوري وعودة الحكم للمدنيين.
وأكد الاتحاد الإفريقي تضامنه الكامل مع المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا (إيكواس) بشأن التزامها باستعادة النظام الدستوري دبلوماسيا في النيجر.
وخلافاً لتسريبات سابقة عن استعداد المجلس لإصدار بيان يعارض اللجوء للقوة لإنهاء الانقلاب، الذي أطاح الرئيس محمد بازوم أواخر يوليو الماضي، قال الاتحاد، إن مجلس السلام والأمن «طلب منه دراسة الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية لنشر إيكواس قوة احتياطية في النيجر وإبلاغ المجلس بالنتائج».
ورفض الاتحاد أي تدخّل خارجي في شؤون القارة، سواء من دولة أو شركة عسكرية، في إشارة إلى فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة لنيامي، ومجموعة «فاغنر» الروسية المتهمة بمساندة السلطات العسكرية التي استولت على السلطة في مالي وبوركينا فاسو، المجاورتين للنيجر العام الماضي، بعد طردهما للجيش الفرنسي منهما.
وفي تطور لافت قد يفتح المجال أمام حل دبلوماسية للخروج من الأزمة، وصف مبعوث «إيكواس»، الرئيس النيجيري الأسبق عبدالسلام أبوبكر لقاءه الجنرال عبدالرحمن تياني وقادة المجلس العسكري الجمعة الماضية، مع بأنه كان «مثمراً جداً». وأضاف
أبوبكر أنه يأمل حل الأزمة من خلال السبل الدبلوماسية.
إغلاق ونفي
ووسط تنامي مخاوف من اندلاع حرب إقليمية، في ظل مساندة سلطات مالي وبوركينا فاسو لانقلابَي النيجر، وتلويح «إيكواس» التي تقودها حالياً نيجيريا، بدعم من باريس، بالتدخل العسكري من أجل إعادة النظام الدستوري للبلد الذي يحتوي على احتياطي استراتيجي من اليورانيوم والنفط، كشفت الجزائر عن رفضها طلباً فرنسياً لفتح مجالها الجوي أمام عملية عسكرية في النيجر، مؤكدة أنها تعارض أي تدخّل عسكري أجنبي في النيجر المجاورة، وتفضّل اتباع السبل الدبلوماسية لاستعادة النظام الدستوري.
وتحدثت الإذاعة الجزائرية الرسمية عن أن باريس تستعد لتنفيذ تهديداتها الموجهة للمجلس العسكري بالتدخل عسكرياً في حال عدم إطلاق سراح الرئيس بازوم.
ونقلت عن مصادر مؤكدة أن «التدخل العسكري بات وشيكاً، والترتيبات العسكرية جاهزة».
في المقابل، سارع قائد هيئة أركان الجيش الفرنسي، تييري بوركهارد، لنفي طلب بلاده استخدام الأجواء الجزائرية في عملية عسكرية مرتبطة بالنيجر التي تقع إلى الجنوب من الحدود الجزائرية.
جاء ذلك في وقت كشفت بعض المصادر المطلعة أن حسومي مسعودو، الذي كان وزير الخارجية في حكومة النيجر قبل إطاحة الرئيس بازوم، وقّع على وثيقة تعطي لفرنسا الإذن للقيام بعملية عسكرية لتحرير بازوم بعد ساعات من الإطاحة به. ونقلت صحيفة لو موند الفرنسية عن مصادر أنه بموجب الوثيقة «تجيز السلطات الشرعية للشريك الفرنسي تنفيذ ضربات تستهدف القصر الرئاسي بهدف تحرير رئيس النيجر المحتجز كرهينة».
كما وقّع قائد «الحرس الوطني»، ميدو غيرو، باسم رئيس الأركان النيجري عبدو صدّيقو عيسى، على وثيقة مماثلة، لأنّ باريس اشترطت أن يكون أي طلب بتدخّلها مكتوباً.
وأكد أحد المقرّبين من بازوم أن الفرنسيين بدأوا يستعدّون لعملٍ ما، وكان لا يزال ممكناً أن تنقلب الأمور لمصلحة السلطات المنتخبة، ووصلت بالفعل قوات فرنسية إلى مبنى القيادة العامة للحرس الوطني في نيامي بعد ساعات من وقوع الانقلاب، لكنّ المفاجأة كانت صاعقة حين رفض بازوم الأمر، واتصل بقائد العمليات الفرنسية في النيجر طالباً منه عدم التدخل عسكرياً.
حرية وعظمة
ومع إصرار باريس على حفظ نفوذها رغم عدم تحمّس الولايات المتحدة لذلك، أطل قائد «فاغنر» يفغيني بريغوجين، في مقطع فيديو لأول مرة منذ تمرّده في يونيو الماضي، مؤكداً أنه موجود حالياً مع مقاتليه في إفريقيا، «للحفاظ على عظمة روسيا وصون حرية إفريقيا» ضد المستعمرين الغربيين.
وقال بريغوجين وهو يرتدي ملابس مموهة ويحمل سلاحاً، إن مجموعته، التي توجد حالياً في مالي وإفريقيا الوسطى، تعمل في حر الصحراء الذي تحبّه ويمثّل كابوساً لتنظيمَي داعش والقاعدة.
في هذه الأثناء، أعلن التلفزيون الرسمي أن نيامي «بدأت في اتخاذ إجراءات استثنائية بالمستشفيات، تحسّباً لأي عدوان وشيك».
موقف مصري
إلى ذلك، شدد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبوزيد، في بيان، على أن مصر تتابع باهتمام وقلق تطورات الأوضاع في النيجر، مؤكداً أهمية التمسك بالحوار لدفع سبل التسوية السلمية للأزمة.
في هذه الأثناء، أعلنت سلطات نيامي مقتل 12 جندياً في كمين نصبه مسلّحون جنوب غرب البلد.