«بريكس» تناقش التوسع والتخلي عن الدولار كعملة عالمية
ترسم مسار مستقبل تكتل الدول النامية وسط انقسامات... والبيت الأبيض يستبعد تحولها إلى منافس جيوسياسي
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء، إن «التخلي عن الدولار كعملة عالمية عملية لا رجعة فيها». وأضاف أن دول مجموعة البريكس «تناقش مجموعة كاملة من القضايا المتعلقة بالانتقال إلى العملات الوطنية في جميع مجالات التعاون الاقتصادي بين دولنا الخمس».
وتابع بوتين، خلال كلمة افتراضية ألقاها أمام قمة «البريكس» المنعقدة في جنوب إفريقيا، أن روسيا «ستظل مورداً غذائياً موثوقاً لإفريقيا».
وذكر الرئيس الروسي: «بلغت صادرات الحبوب الروسية إلى إفريقيا 11.5 مليار طن، في عام 2022، وما يقرب من 10 ملايين طن في النصف الأول من عام 2023، وهذا على الرغم من العقوبات غير القانونية المفروضة علينا والتي تعوق بشكل خطير تصدير المنتجات الغذائية الروسية وتعقد النقل والخدمات اللوجستية».
وقال بوتين، إن «روسيا قررت إرسال حبوب مجانية إلى 6 دول إفريقية محتاجة، بواقع 25 إلى 50 ألف طن لكل شحنة، بما في ذلك التسليم المجاني».
وأضاف أن روسيا «تمت إعاقتها عمداً عن توريد الحبوب والأسمدة إلى الخارج، وهو ما كان أحد أسباب انسحاب موسكو من اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، وفي الوقت نفسه، يتم إلقاء اللوم علينا نفاقاً في الأزمة الحالية في السوق العالمية»، حسب قوله.
وأشار الرئيس الروسي إلى أن موسكو «مستعدة للعودة إلى اتفاق الحبوب، لكن فقط في حالة الوفاء الحقيقي بجميع الالتزامات تجاه الجانب الروسي».
ولفت بوتين أيضاً إلى أن «تعزيز الاتصال وإنشاء طرق نقل جديدة مرنة» يمثل أولوية مشتركة بين دول البريكس، مضيفاً أن «ممرات النقل بالسكك الحديدية لها أهمية خاصة».
واجتمع زعماء مجموعة بريكس الثلاثاء لرسم مسار مستقبل تكتل الدول النامية لكن الانقسامات عادت للظهور قبل نقاش حيوي عن التوسع المحتمل للمجموعة بهدف تعزيز نفوذها العالمي.
وأضاف التوتر العالمي المتصاعد الذي أثارته الحرب في أوكرانيا وتصاعد التنافس بين الصين والولايات المتحدة إلحاحاً على دفع الصين وروسيا، التي يحضر رئيسها فلاديمير بوتين الاجتماع افتراضياً، للسعي لتقوية بريكس.
ويسعى البلدان لاستغلال القمة التي تنعقد بين يومي 22 و24 أغسطس في جوهانسبرغ لجعل المجموعة التي تضم أيضاً جنوب إفريقيا والبرازيل والهند قوة موازية للهيمنة الغربية على المؤسسات العالمية.
وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ في كلمة ألقاها بالنيابة عنه وزير التجارة وانغ ون تاو في منتدى أعمال بريكس: «في الوقت الحالي، تتكشف التغيرات في العالم، وفي عصرنا، وفي التاريخ، على نحو غير مسبوق، مما ينقل المجتمع البشري إلى منعطف حرج».
الرئيس الصيني: النمو الاقتصادي ليس حكراً على دول بعينها ويجب تعزيز التعاون بين دول بريكس لتعزيزه
وأضاف، أن النمو الاقتصادي ليس حكراً على دول بعينها. وأن نمط الحرب الباردة لا يزال يؤثر على العالم.
وذكر أن تعزيز التعاون بين دول بريكس سياسياً وأمنياً هو خيارنا، مضيفاً أن «العالم يعاني بسبب الصراعات والأزمات».
وأوضح أنه يجب تعزيز التعاون بين دول بريكس لتعزيز النمو الاقتصادي، مشيراً إلى أن دول بريكس ستعمل معاً بروح الشمولية والتناغم واحترام الآخر.
وتغيب شي عن المنتدى على الرغم من حضور نظرائه، الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامابوسا والرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
ولم يتضح على الفور سبب عدم حضور شي الذي اجتمع مع رامابوسا في وقت سابق.
وكشفت كلمة الرئيس البرازيلي عن وجود اختلافات في الرؤية داخل المجموعة التي يقول محللون سياسيون إنها تجد صعوبة منذ فترة طويلة في صياغة رؤية متسقة لدورها في النظام العالمي.
وقال الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا خلال بث عبر وسائل التواصل الاجتماعي من جوهانسبرغ: «لا نريد أن نكون نقطة مقابلة لمجموعة السبع أو مجموعة العشرين أو الولايات المتحدة... نريد تنظيم أنفسنا فحسب».
وبالإضافة إلى مسألة التوسع، يناقش جدول أعمال القمة أيضاً تعزيز استخدام العملات المحلية للدول الأعضاء في التعاملات التجارية والمالية لتقليص الاعتماد على الدولار.
ويقول المنظمون في جنوب إفريقيا، إنه لن يجري مناقشة مسألة عملة لبريكس، وهي فكرة طرحتها البرازيل في وقت سابق من هذا العام كبديل للاعتماد على الدولار.
نقطة خلاف
تضم بريكس مجموعة متباينة من الدول تمتد من الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم الذي يعاني حاليا من التباطؤ، إلى جنوب إفريقيا، التي تواجه أزمة طاقة تؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي يومياً.
وتحرص روسيا على أن تظهر للغرب أن مازال لديها أصدقاء، لكن الهند تعزز تقاربها مع الغرب، وكذا تفعل البرازيل في عهد زعيمها الجديد.
وتقع اشتباكات بين الهند والصين على طول حدودهما المتنازع عليها بين الحين والآخر، مما يزيد من صعوبة صنع القرار في مجموعة تعتمد على توافق الآراء.
وقال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض في إفادة صحفية الثلاثاء إن الولايات المتحدة تستبعد تحول مجموعة دول بريكس إلى منافس جيوسياسي لها.
وأضاف «هذه مجموعة متنوعة من الدول... لديها اختلاف في وجهات النظر بشأن القضايا الحاسمة».
وكان التوسع هدفاً للصين منذ فترة طويلة إذ تأمل أن تضفي العضوية الأوسع نفوذاً لمجموعة تضم بالفعل نحو 40 في المئة من سكان العالم وربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وتحرص روسيا أيضاً على توسع المجموعة بينما عبر الرئيس الجنوب أفريقي رامابوسا عن دعمه للفكرة في اجتماعه مع الرئيس الصيني.
وشارك القادة في اجتماع مغلق وعشاء مساء الثلاثاء لمناقشة إطار عمل ومعايير القبول لدول جديدة.
لكن وزير الخارجية الهندي فيناي كواترا قال الاثنين، إن بلاده التي تشعر بالقلق من الهيمنة الصينية وحذرت من التسرع في التوسع، لديها «نوايا إيجابية وعقل منفتح». بينما تخشى البرازيل أن يؤدي توسع بريكس إلى إضعاف نفوذ المجموعة.
وقال مصدر حكومي أرجنتيني مشارك في مفاوضات البلاد للانضمام إلى بريكس لرويترز إنه من غير المتوقع قبول أعضاء جدد في المجموعة أثناء هذه القمة. لكن التوسع المحتمل لمجموعة بريكس ما زال معلقاً، واعتزام المجموعة أن تصبح مدافعاً عن العالم النامي وتقديم بديل لنظام عالمي تهيمن عليه الدول الغربية الثرية يجد صدى بالفعل.
وقال مسؤولون في جنوب إفريقيا، إن أكثر من 40 دولة عبرت عن اهتمامها بالانضمام إلى بريكس. ومن بين هذه الدول طلب ما يزيد على 20 دولة منها رسمياً الانضمام ومن المتوقع أن ترسل دول أخرى وفودا إلى جوهانسبرغ.