رغم الاتفاق الجزئي الذي أنجز بين إيران والولايات المتحدة بشأن إطلاق سراح رهائن أميركيين مقابل الإفراج عن 6 مليارات دولار من الأموال المجمّدة، فإن مؤشرات التصعيد لا تزال قائمة على وقع ممارسة المزيد من الضغوط على طهران. فقد أرسل أعضاء من مجلس الشيوخ الأميركي المحسوبين على الحزب الجمهوري رسالة اعتراض إلى الرئيس جو بايدن على هذا الاتفاق، وهو ما من شأنه أن يعيق مسار التفاوض حول إحياء الاتفاق النووي على أعتاب مرحلة الانتخابات الرئاسية وحملاتها.

في المقابل، فإن التصعيد ينعكس توتراً على الأرض في الشرق الأوسط، أولاً بانسداد آفاق التسوية في لبنان، وثانياً من خلال اتساع رقعة التظاهرات في سورية، ربطاً بالحشود الأميركية على الحدود العراقية والمعلومات عن قطعها طرق الإمداد التي تستخدمها إيران، وصولاً إلى لبنان. وتنطوي هذه الخطوات على رفع منسوب التوتر، لا سيما أن طهران وحلفاءها يعتبرون أن الضغوط على دمشق وعليها تتزايد من خلال الدفع بحصول هذه التظاهرات المطالبة بإسقاط النظام، وسط توقّعات بإمكانية توسّعها وامتدادها إلى محافظات أخرى.

Ad

يأتي ذلك على وقع المزيد من الضغوط الاقتصادية والمالية التي تعانيها سورية وتدفع الناس إلى التظاهر. ولا يمكن فصل ذلك عن استئناف إسرائيل ضرباتها على مواقع لحزب الله والإيرانيين، وسط معلومات تفيد بأنهما يعملان على تعزيز وجودهما العسكري مجدداً في مناطق متعددة بسورية، وإرسال المزيد من الحشود العسكرية باتجاه الحدود العراقية، تحسباً لأي تطورات هناك، وللتحرك ضد الأميركيين ومطالبتهم بالانسحاب وفتح الطريق، إضافة إلى الإعلان عن عزمهما مواجهة تنظيم داعش الذي استأنف نشاطه في البادية. كل هذه الوقائع تطرح تساؤلات كثيرة حول إمكانية إعادة إرسال الحزب مقاتلين من لبنان باتجاه سورية.

يجري ذلك، وسط نقاشات كثيرة داخل إسرائيل حول اتهامات موجهة لإيران بدعم المقاومة الفلسطينية وتنفيذ المزيد من العمليات ضد قوات الاحتلال وفي الضفة الغربية تحديداً، ويعتبر الإسرائيليون أن إيران وحلفاءها يوفرون الدعم، وسط التداول الإسرائيلي بمعلومات أن عن قادة من حركة حماس لا سيما الموجودين في لبنان هم الذين يوجّهون المقاومين بكيفية التحرك وتنفيذ العمليات. وهنا لا بدّ من التذكير باجتماعات كثيرة عُقدت بين قادة حماس والجهاد الإسلامي مع الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، للتداول في تطورات الوضع الفلسطيني الداخلي.

وقد وصلت النقاشات الإسرائيلية إلى مرحلة البحث في إمكانية توجيه ضربات لقادة «حماس» الموجودين في لبنان، لا سيما أن هناك محاولات لتتبّع نشاطهم على الساحة اللبنانية، ودراسة إمكانية تنفيذ عمليات اغتيال بحق البعض معهم.

ولكن في المقابل، هناك تخوُّف إسرائيلي حقيقي وجدّي من ردود الفعل التي ستصدر بحال حصلت أي عملية من هذا النوع، خصوصاً أن حزب الله كان قد هدّد من قبل بأنه في حال تعرُّض أي عنصر من محور المقاومة لعملية اغتيال في لبنان، فإن الرد سيكون حتمياً ولو أدى ذلك إلى حصول حرب.