عبدالمجيد: قصص الحُب دفعتني للتحليق في فضاء القصيدة
أكد لـ «الجريدة ● » أن أي كتابة لا تنشغل بالإنسان... باهتة
شاعر مصري مبدع، منحه الحُب تأشيرة العبور إلى فضاء القصيدة، بألوانها المختلفة. بدأ بالشعر العمودي، ثم تحرَّر من قيوده حين خاض تجربة كتابة التفعيلة، وما لبث أن تألق في قصيدة النثر، ليكتب من خلالها ما يحب، وبالطريقة التي يريدها. لم تقف موهبة عاطف عبدالمجيد تحت نجوم الشعر، بل حلَّق في سماوات إبداعية أخرى، ربما لن تكون الترجمة آخرها، لكنه في كلا المجالين ترك بصمة فريدة استحقت أن نطرق باب مملكته الإبداعية، ونجري معه هذا الحوار عن بداية الرحلة، وأبرز المحطات، ونستطلع رأيه في بعض القضايا الرائجة في ساحة الأدب، وفيما يلي نص الحوار:
• كيف كانت بداية رحلتك مع الشعر؟ وهل ثمة ظروف دفعتك إلى التحليق في فضاء القصيدة؟
- بدأت رحلتي مع الشعر مع تولُّد حُب اللغة العربية بداخلي. لقد أحببتُها منذ صغري، ولحُبي لها أحببت القراءة وموضوعات التعبير، خصوصاً في المرحلة الإعدادية. وقتذاك كنتُ أُصدر مجلة مدرسية من ثماني صفحات، اسمها «مائدة القارئ»، وحينها انبثقت داخلي شرارة الشعر، وقد ساعد في انبثاقها مبكراً وقوعي في قصة حُب، وعمري لم يتعدَّ ستة عشر عاماً، وهذه هي الظروف التي دفعتني إلى التحليق في فضاء القصيدة، ولا تزال قصص الحُب وحدها هي التي تفعل بي هذا.
مذاق قصيدتي
• بدأت بكتابة الشعر العمودي، ثم التفعيلة، قبل الولوج إلى عالم قصيدة النثر، فما الذي منحته إياك كل تجربة من الثلاث؟
- كتبتُ الشعر العمودي واقعاً تحت سطوة موسيقى القصائد التي كنا ندرسها في سنواتنا الدراسية، وكنت منبهراً بها وقتها، وأرى فيها تحدياً إبداعياً جميلاً، وقد جمعتُ كل قصائدي العمودية تقريباً ونشرتها في ديواني الأول عام 1997، وقد صدر في طبعة محدودة (200 نسخة) عن مطبوعات جامعة أسيوط، تكريماً لي كفائز بالمركز الأول على مستوى الجامعة في الشعر لثلاث سنوات متتالية، وبعد دخولي الجامعة عرفت الطريق إلى القصيدة التفعيلية، وكنت مغرماً جداً بالقصيدة القصيرة، التي يحلو لبعضهم أن يسميها قصيدة الومضة، وقد صدرت قصائدي تلك في ديواني «لماذا أنت دونهم؟» عن سلسلة إبداعات بالهيئة العامة لقصور الثقافة (2001). وأخيراً دخلتُ عالم قصيدة النثر، بعد مروري الطبيعي بما سبقها من أجناس شعرية، وقد نشرت قصائدي النثرية في دواويني: «كأشياء عادية أكتب قصيدتي»، و«ليس كمثلها أنثى»، و«لم أعد مؤمناً إلا بي»، و«لماذا أحتفظ بهداياكِ لي؟».
لقد منحني الشعر العمودي الإحساس بجمال الإبداع وأمامي قيود لا ينبغي عليَّ تجاوزها أو تحطيمها، وقصيدة التفعيلة منحتني الإحساس بالتحرر نوعاً ما من القيود المتعارف عليها، لأفرض على قصيدتي قيودي الخاصة، فيما جعلتني قصيدة النثر أكتب عما أحب بالطريقة التي أريدها. غير أن المنحة الكبرى، هي أن هذه التجارب الثلاث امتزجت معاً لتمنح قصيدتي مذاقاً خاصاً بها أغرى كثيرين لتقليدها وسرقة أفكارها!
• أيهما تعتني به أكثر: اللغة أم تقنية الكتابة؟
- أول ما أعتني به هو أن يشعر القارئ أنه بطل قصيدتي، أنها كُتبت عنه هو وحده، كما أعتني بما أود قوله، أعني جسد القصيدة ومحتواها، فكرتها ومضمونها، من دون أن أهمل دور اللغة، أو أن أغض طرفي عن تقنية الكتابة. كذلك أنا مِمَنْ يريدون أن تظهر قصيدتهم في أبهى صورة مكتملة، أو تكاد تكون، حتى تنال إعجاب القارئ، مانحة إياه متعة وفكرة، وإحساساً يجعله يحب الشعر ويأنس به، ولا ينفر منه مثلما فعل بعض النصوص التي ظهرت فظهر معها عزوف جمهور الشعر عن الشعر.
حرية الإنسان
• ما القضايا العامة التي تنطلق منها في كتاباتك الشعرية؟
- أولى القضايا التي تشغلني وتؤرق مضجع كتابتي وقصيدتي هي حرية الإنسان، خصوصاً أنني أرى أن أي كتابة لا تشغل بالها بالإنسان وباحتياجاته هي كتابة باهتة لا يُعوَّل عليها. قصيدتي تجعل من الإنسان بؤرة اهتمامها، ومن قضاياه تتحرك وتنطلق، متجهة نحو المهمشين الذين نسيهم الجميع، وتحولت عنهم ظهور عدسات الكاميرا التي لم تعد تهتم سوى بفقاقيع النجوم.
• رغم تجربتك الثرية مع الشعر، التي أثمرت 11 ديواناً، فإنك لا تخلع على نفسك صفة شاعر، لماذا؟!
- لأنني على يقين أن لفظة شاعر التي تسبق اسم الكاتب لن تمنحه حقيقةَ صفةِ الشعر إن كانت نصوصه لا تمتلك صفة الشاعرية. الآن بات سهلاً على من يكتب سطراً على «فيسبوك» أن يُسمي نفسه شاعراً، وتخيل معي أن هناك مَنْ يحرصون، في كل مرة يذكرون أسماءهم فيها، على أن يذكروا أربعة ألقاب على الأقل قبل الاسم: الشاعر الكاتب الباحث الإعلامي الصحافي المسرحي الـ...، ولأنني لا أحبذ مثل هذا الصنيع، أحببتُ أن يُذكر اسمي مجرداً هكذا، تاركاً لمَنْ يقرأ قصائدي حرية أن يراني شاعراً أو شخصاً لا يصلح إلا أن يكون بائع بطاطا.
متعة الترجمة
• لم تكتفِ بإبداع القصيدة، بل اقتحمت عالم الترجمة، حدثنا عن هذه التجربة، وهل أجهضت لديك مشاريع شعرية بالنظر إلى مزاحمتها وقتك كشاعر؟
- مثلما دخلتُ عالم الشعر عن طريق لعبة تورطتُ فيها، وبعدها لم أستطع الفكاك من قيد القصيدة، دخلتُ ميدان الترجمة كنوع من التجريب، لكني لم أستطع أن أخرج منه مرة أخرى، فمن يدخل ميدان الترجمة يدرك أنها، رغم كونها متعبة جداً ومجهدة، فإنها تحقق للمترجم متعة حقيقية، خصوصاً بعد أن ينجز ترجمة كتاب يحبه، ويشعر بأنه راضٍ عن ترجمته. الترجمة سجن كبير، وفي الوقت نفسه نافذة على الحرية والانطلاق في عوالم الإبداع والكتابة.
• ارتفاع تكاليف الطباعة الورقية فتح المجال أمام النشر المجاني عبر السوشيال ميديا... هل تراها فرصة جيدة لظهور أقلام شابة واعدة، أم نقمة تسببت في انتشار ظاهرة أنصاف المبدعين؟!
- أي شيء يقوم بتسهيل النشر أمام المبدعين هو شيء جيد وجميل، لكننا للأسف نستخدم الأشياء في غير موضعها، ففضاء السوشيال ميديا نعمة كبرى للمبدعين الحقيقيين، إذ سيوفر عليهم دفع أموال طائلة لنشر كُتبهم، أو انتظارهم لسنوات في طوابير النشر الرسمي. لكنه في الوقت ذاته سيفتح الأبواب لكل من «هب ودب»، معتبراً نفسه مبدعاً كبيراً لينشر كل غث في هذا الفضاء.
• أخيراً، ماذا يصدر بتوقيعك في الفترة المقبلة؟
- أنتظر الطبعة الثانية من ترجمتي لرواية «الأمير الصغير»، وكتاب «الأفكار»، وديواني «لماذا أحتفظ بهداياكِ لي؟»، ومجموعتي القصصية «أصابع لم يرها مرة أخرى».
- بدأت رحلتي مع الشعر مع تولُّد حُب اللغة العربية بداخلي. لقد أحببتُها منذ صغري، ولحُبي لها أحببت القراءة وموضوعات التعبير، خصوصاً في المرحلة الإعدادية. وقتذاك كنتُ أُصدر مجلة مدرسية من ثماني صفحات، اسمها «مائدة القارئ»، وحينها انبثقت داخلي شرارة الشعر، وقد ساعد في انبثاقها مبكراً وقوعي في قصة حُب، وعمري لم يتعدَّ ستة عشر عاماً، وهذه هي الظروف التي دفعتني إلى التحليق في فضاء القصيدة، ولا تزال قصص الحُب وحدها هي التي تفعل بي هذا.
مذاق قصيدتي
• بدأت بكتابة الشعر العمودي، ثم التفعيلة، قبل الولوج إلى عالم قصيدة النثر، فما الذي منحته إياك كل تجربة من الثلاث؟
- كتبتُ الشعر العمودي واقعاً تحت سطوة موسيقى القصائد التي كنا ندرسها في سنواتنا الدراسية، وكنت منبهراً بها وقتها، وأرى فيها تحدياً إبداعياً جميلاً، وقد جمعتُ كل قصائدي العمودية تقريباً ونشرتها في ديواني الأول عام 1997، وقد صدر في طبعة محدودة (200 نسخة) عن مطبوعات جامعة أسيوط، تكريماً لي كفائز بالمركز الأول على مستوى الجامعة في الشعر لثلاث سنوات متتالية، وبعد دخولي الجامعة عرفت الطريق إلى القصيدة التفعيلية، وكنت مغرماً جداً بالقصيدة القصيرة، التي يحلو لبعضهم أن يسميها قصيدة الومضة، وقد صدرت قصائدي تلك في ديواني «لماذا أنت دونهم؟» عن سلسلة إبداعات بالهيئة العامة لقصور الثقافة (2001). وأخيراً دخلتُ عالم قصيدة النثر، بعد مروري الطبيعي بما سبقها من أجناس شعرية، وقد نشرت قصائدي النثرية في دواويني: «كأشياء عادية أكتب قصيدتي»، و«ليس كمثلها أنثى»، و«لم أعد مؤمناً إلا بي»، و«لماذا أحتفظ بهداياكِ لي؟».
• أيهما تعتني به أكثر: اللغة أم تقنية الكتابة؟
- أول ما أعتني به هو أن يشعر القارئ أنه بطل قصيدتي، أنها كُتبت عنه هو وحده، كما أعتني بما أود قوله، أعني جسد القصيدة ومحتواها، فكرتها ومضمونها، من دون أن أهمل دور اللغة، أو أن أغض طرفي عن تقنية الكتابة. كذلك أنا مِمَنْ يريدون أن تظهر قصيدتهم في أبهى صورة مكتملة، أو تكاد تكون، حتى تنال إعجاب القارئ، مانحة إياه متعة وفكرة، وإحساساً يجعله يحب الشعر ويأنس به، ولا ينفر منه مثلما فعل بعض النصوص التي ظهرت فظهر معها عزوف جمهور الشعر عن الشعر.
حرية الإنسان
• ما القضايا العامة التي تنطلق منها في كتاباتك الشعرية؟
- أولى القضايا التي تشغلني وتؤرق مضجع كتابتي وقصيدتي هي حرية الإنسان، خصوصاً أنني أرى أن أي كتابة لا تشغل بالها بالإنسان وباحتياجاته هي كتابة باهتة لا يُعوَّل عليها. قصيدتي تجعل من الإنسان بؤرة اهتمامها، ومن قضاياه تتحرك وتنطلق، متجهة نحو المهمشين الذين نسيهم الجميع، وتحولت عنهم ظهور عدسات الكاميرا التي لم تعد تهتم سوى بفقاقيع النجوم.
- لأنني على يقين أن لفظة شاعر التي تسبق اسم الكاتب لن تمنحه حقيقةَ صفةِ الشعر إن كانت نصوصه لا تمتلك صفة الشاعرية. الآن بات سهلاً على من يكتب سطراً على «فيسبوك» أن يُسمي نفسه شاعراً، وتخيل معي أن هناك مَنْ يحرصون، في كل مرة يذكرون أسماءهم فيها، على أن يذكروا أربعة ألقاب على الأقل قبل الاسم: الشاعر الكاتب الباحث الإعلامي الصحافي المسرحي الـ...، ولأنني لا أحبذ مثل هذا الصنيع، أحببتُ أن يُذكر اسمي مجرداً هكذا، تاركاً لمَنْ يقرأ قصائدي حرية أن يراني شاعراً أو شخصاً لا يصلح إلا أن يكون بائع بطاطا.
متعة الترجمة
• لم تكتفِ بإبداع القصيدة، بل اقتحمت عالم الترجمة، حدثنا عن هذه التجربة، وهل أجهضت لديك مشاريع شعرية بالنظر إلى مزاحمتها وقتك كشاعر؟
- مثلما دخلتُ عالم الشعر عن طريق لعبة تورطتُ فيها، وبعدها لم أستطع الفكاك من قيد القصيدة، دخلتُ ميدان الترجمة كنوع من التجريب، لكني لم أستطع أن أخرج منه مرة أخرى، فمن يدخل ميدان الترجمة يدرك أنها، رغم كونها متعبة جداً ومجهدة، فإنها تحقق للمترجم متعة حقيقية، خصوصاً بعد أن ينجز ترجمة كتاب يحبه، ويشعر بأنه راضٍ عن ترجمته. الترجمة سجن كبير، وفي الوقت نفسه نافذة على الحرية والانطلاق في عوالم الإبداع والكتابة.
• ارتفاع تكاليف الطباعة الورقية فتح المجال أمام النشر المجاني عبر السوشيال ميديا... هل تراها فرصة جيدة لظهور أقلام شابة واعدة، أم نقمة تسببت في انتشار ظاهرة أنصاف المبدعين؟!
- أي شيء يقوم بتسهيل النشر أمام المبدعين هو شيء جيد وجميل، لكننا للأسف نستخدم الأشياء في غير موضعها، ففضاء السوشيال ميديا نعمة كبرى للمبدعين الحقيقيين، إذ سيوفر عليهم دفع أموال طائلة لنشر كُتبهم، أو انتظارهم لسنوات في طوابير النشر الرسمي. لكنه في الوقت ذاته سيفتح الأبواب لكل من «هب ودب»، معتبراً نفسه مبدعاً كبيراً لينشر كل غث في هذا الفضاء.
- أنتظر الطبعة الثانية من ترجمتي لرواية «الأمير الصغير»، وكتاب «الأفكار»، وديواني «لماذا أحتفظ بهداياكِ لي؟»، ومجموعتي القصصية «أصابع لم يرها مرة أخرى».