مقتل بريغوجين لم يفاجئ أحداً والغرب يتهم بوتين
• «فاغنر» تتوعد خونة روسيا وتهدد باحتلال الكرملين... وبيلاروسيا تعزلها
• حديث عن إسقاط الطائرة بصاروخ روسي أو زرع طيار قائد «فاغنر» قنبلة قبل اختفائه
• أنصار «طبّاخ الرئيس» يهددون بالزحف على موسكو مجدداً... وبيلاروسيا تقطع عنهم الإنترنت
رغم الصدمة المدوية داخل مجموعته العسكرية الضخمة والخسارة الفادحة لأكبر ميليشيا عابرة للحدود، لم يفاجأ أحد بمقتل مؤسس «فاغنر» يفغيني بريغوجين في التحطم الغامض لمروحيته في مقاطعة تفير شمال موسكو، وسارعت الولايات المتحدة والغرب إلى توجيه الاتهامات إلى الرئيس فلاديمير بوتين باعتباره المستفيد المباشر من اغتيال طباخه؛ انتقاماً لتمرده عليه في 24 يونيو الماضي، والزحف إلى الكرملين قبل تدخل بيلاروسيا لإنهاء الأزمة.
وبعد تأكد وجوده داخل المروحية، نعت «فاغنر» مؤسسها بريغوجين أمس، وأرجعت مقتله و6 من كبار مساعديه، بينهم الرجل الثاني ديمتري أوتكين، إلى «أفعال خونة لروسيا».
وأشار الغرب مباشرة بأصابع الاتهام إلى بوتين بوصفه المسؤول عن الحادث المريب، والمستفيد الأكبر من الانتقام، وإرسال رسالة إلى كل مَنْ يفكر في تحديه قبل انتخابات 2024.
واعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن، أن مقتل بريغوجين لا يشكل مفاجأة، مؤكداً أنه ما من شيء يحصل في روسيا إلا ويكون بوتين وراءه.
وأشار مسؤول أميركي إلى أن بوتين لديه تاريخ طويل جداً في إسكات منتقديه، لافتاً إلى أن وفاة بريغوجين في نهاية المطاف كانت متوقعة إلى حد كبير من إدارة بايدن.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك: «ليست مصادفة أن ينظر العالم بأسره حالياً إلى الكرملين عندما يسقط فجأة أحد المقربين من بوتين من السماء بعد شهرين من قيامه بانتفاضة»، مضيفة: «نعرف هذا النموذج، حالات وفاة وانتحار مشكوك فيها، وسقوط من النوافذ، تظل جميعها في النهاية بلا تفسير».
وشكك المتحدث باسم الحكومة الفرنسية أوليفيي فيران بجدية في أسباب تحطم طائرة بريغوجين المعروف بـ «طباخ الرئيس»، في حين قال وزير الخارجية البولندي زبيغيو راو، إن مَنْ يتحدى بوتين لا يموت بشكل طبيعي.
وتبرأ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من الحادث، ورأى أن «الجميع يعي مَنْ له علاقة بذلك»، كما اعتبر مستشاره ميخاييل بودولياك، أن بريغوجين «وقع على ورقة إعدامه حين صدّق ضمانات رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو» لإنهاء تمرده واللجوء إليه.
ومع استمرار تحقيقات وزارة الطوارئ الروسية بالحادث والنظر في جميع السيناريوهات بما في ذلك الخطأ المهني أو الخلل التقني أو العامل الخارجي، ذكرت تقارير أن أرتيم ستيبانوف الطيار الشخصي لبريغوجين كان آخر من فحص الطائرة، وهي من طراز «إمبراير ليغاسي»، قبل أن يغادر ليقلع طيار آخر بدلاً منه.
وتداولت تقارير روسية صورة ستيبانوف بوصفه المشتبه الأول في «الخيانة» عبر زرع عبوة ناسفة في الجزء الخلفي من الطائرة، التي قيل إن أحد جناحيها انفصل قبل أن تبدأ في السقوط.
وفي ظل غموض مستقبل المجموعة العسكرية المنتشرة في عدة دول لدعم حكومتها القمعية، خصوصاً في إفريقيا، تداولت منصات «فاغنر» تسجيلاً صوتياً لقائد جديد يطالب فيه كوادره بعدم اتخاذ أي تحرك في ظل تداول تهديدات بالزحف إلى موسكو مجدداً، والسيطرة على الكرملين.
وفي محاولة لعزلها، قامت بيلاروسيا بقطع خدمة الإنترنت عن الهواتف المحمولة عن معسكر «فاغنر» في أسيبوفيتشي شمال مينسك؛ تحسباً لأي تحرك قد يقوم به عناصرها المتمركزة هناك منذ اتفاق الوساطة.
وفي تفاصيل الخبر:
في وقت تواصل السلطات الروسية تحقيقاتها لكشف ملابسات الحادث المريب الذي وقع ليل الأربعاء ـ الخميس، ذهبت أغلب ردود الفعل الغربية، أمس، للحديث عن تعرُّض طائرة قائد مجموعة «فاغنر»، يفغيني بريغوجين، لعمل مدبّر بهدف اغتيال «الطباخ» الذي تمرّد على رئيسه فلاديمير بوتين، وزحف صوب «الكرملين» أوخر يونيو الماضي، قبل أن تنجح وساطة رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، في إنهاء الأزمة وإبعاده إلى الخارج.
ولم تتوانَ بضع دول غربية عن إبداء ردود فعل تلمّح إلى اتهام بوتين بالانتقام، بعد تأكد مصرع بريغوجين، في الحادث الذي تسبب في مقتل 6 من كبار مساعديه، بينهم الرجل الثاني بالمجموعة العسكرية، ديمتري أوتكين، وطاقم المروحية المكون من 3 أشخاص.
أوكرانيا تنفذ عملية إنزال بالقرم وتهاجم مطارين... وروسيا تضرب مراكز صنع القرار
ولدى سؤال الرئيس الأميركي، جو بايدن، حول موقفه، قال إن مقتل بريغوجين لا يشكّل مفاجأة بالنسبة إليه.
وأضاف بايدن أنه ما من شيء يحصل في روسيا إلا ويكون بوتين وراءه، لكن الرئيس الأميركي قال إنه ما زال لا يعرف الكثير عمّا وقع.
وعلّق المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، أوليفيي فيران، بالقول إن باريس لديها شكوك جدية ومنطقية بشأن أسباب تحطم المروحية، فيما قال وزير الخارجية البولندي، زبيغيو راو، إن من يتحدى الرئيس الروسي لا يُتوفى بشكل طبيعي.
وفي المنحى نفسه، قالت رئيسة وزراء إستونيا، كاجا كالاس، إن بوتين يزيح ويرعب أي شخص يفكر في مناوءته وإبداء رأي مخالف.
كما نقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن مسؤول غربي أنه تم إبلاغهم بأن الطائرة أسقطها صاروخ روسي.
تبرؤ وتجاهل
في هذه الأثناء، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن بلده ليست متورطة في مقتل بريغوجين، مضيفاً «الجميع يعي من له علاقة بذلك».
وفي وقت سابق، قال المستشار الرئاسي الأوكراني، ميخاييل بودولياك، إن تحطّم الطائرة رسالة إلى كل من يزيغ عن الولاء لبوتين قبل انتخابات 2024.
وأردف أن بريغوجين وقّع على ورقة إعدامه حين صدّق الضمانات التي قدّمها له الرئيس البيلاروسي.
على الجانب الآخر، وبينما كانت فرق الإنقاذ تنتشل الجثث من موقع تحطّم الطائرة، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلقي كلمة بمناسبة الذكرى الـ 80 لمعركة كورسك في الحرب العالمية الثانية. وأشاد بوتين بالجنود الروس الذين يقاتلون في أوكرانيا حالياً، لكنّه لم يتطرّق إلى التقارير عن مصرع بريغوجين، وتجاهل الأمر.
تحقيق واشتباه
جاء ذلك في وقت أعلنت وزارة الطوارئ الروسية أنها فتحت تحقيقاً في الحادث. ونقل عن مصادر أمنية أنه يجري النظر في جميع السيناريوهات، بما في ذلك خطأ من الطيار أو خلل تقني أو عامل خارجي.
وفي وقت أشار البعض إلى أن بريغوجين له أعداء كثر داخل روسيا، وخاصة في المؤسسة العسكرية الرسمية التي دأب على انتقادها خلال توليه مهمة الاستيلاء على مدينة باخموت الأوكرانية، ذكرت تقارير روسية أن أرتيم ستيبانوف، (الطيار الشخصي لبريغوجين) وصل إلى الطائرة المنكوبة، وهي من طراز «إمبراير ليغاسي»، لدقائق، وكان آخر من فحصها قبل أن يغادر ويختفي بشكل نهائي، ليقلع طيار آخر بدلاً منه. وتداولات وسائل إعلام روسية صورة ستيبانوف بوصفه المشتبه الأول في عملية الاغتيال المحتملة عبر زرع عبوة ناسفة في المروحية التي تحطّمت قرب موسكو بعد إقلاعها باتجاه بطرسبورغ.
في موازاة ذلك، نشرت صحيفة كومرسانت الروسية تقريراً نقلت فيه عن خبراء في مجال تحقيقات الكوراث الجوية أن الطائرة تعرّضت لانفجار في الجزء الخلفي منها.
كما نقلت الصحيفة المرتبطة بـ «فاغنر» أن معلومات أوّلية تشير إلى أن دفاعات جوية أسقطت الطائرة.
وبحسب روايات شهود نقلتها حسابات روسية، فقد سُمع دوي انفجارين قبل أن ينفصل أحد جناحَي الطائرة وتبدأ في السقوط من ارتفاع 30 ألف قدم بعد 26 دقيقة من تحليقها.
نعي وتهديدات
في هذه الأثناء، نعت قنوات ومواقع موالية لـ «فاغنر» بريغوجين، ووصفته بأنه «بطل من روسيا، وطني حقيقي لوطنه الأم، قُتل نتيجة أفعال خونة لروسيا»، مضيفة: «لكن حتى في الجحيم سيكون الأفضل، المجد لروسيا». وفي سان بطرسبورغ وضع مواطنون روس الزهور أمام مقر مجموعة المرتزقة، تعبيراً عن حزنهم.
وفي ظل غموض بشأن مستقبل المجموعة العسكرية التي تنتشر عناصرها في عدة دول لدعم حكوماتها القمعية، خاصة في إفريقيا، تداولت منصات مؤيدة لـ «فاغنر» تسجيلا صوتيا قالوا إنه للقائد الجديد، يطالب فيه كوادر المجموعة بعدم اتخاذ أي تحرُّك في ظل تداول تهديدات من قبل أنصارها بالسيطرة على «الكرملين».
وأفادت تقارير من بيلاروسيا بانقطاع خدمة الإنترنت ليل الأربعاء ـ الخميس عن الهواتف المحمولة في منطقة معسكر «فاغنر» في أسيبوفيتشي شمال مينسك، وذلك تحسّبا لأي تحرّك قد يقوم به عناصر المجموعة المتمركزون هناك منذ أسابيع.
معارك أوكرانيا
إلى ذلك، أفادت وزارة الدفاع الروسية بأن قواتها نفذت ضربة ناجحة لمركز صنع قرار تابع للقوات المسلحة الأوكرانية بأسلحة عالية الدقة من البحر والبر في محور خيرسون.
في المقابل، قال رئيس المخابرات الأوكرانية كيريلو بودانوف إن هجومين في الآونة الأخيرة على مطارين روسيين دمّرا قاذفتين من طراز «تي. يو-22» وألحقا أضرارا بقاذفتين أخريين. وأعلنت كييف أنها شنّت عملية خاصة، عبر إنزال بحري، على شواطئ منطقتَي أولينيفكا وماياك بشبه جزيرة القرم، مؤكدة أنها أدت إلى مقتل جنود روس، وأعيد خلالها رفع العلم الأوكراني بالمنطقة التي ضمّتها روسيا في 2014.
وفي تطور آخر، أعلنت النرويج أنها قررت إمداد كييف بطائرات مقاتلة «إف 16» الأميركية، لتصبح بذلك الدولة الثالثة بعد الدنمارك وهولندا التي تتخذ الخطوة.