إن تصحيح المسار التعليمي ضمن المنهج والخطة الحكومية الذي نودي به سنوات أخذت معالمه على أرض الواقع تتضح في الإجراءات التي اتُّخذت مؤخراً في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي، التي حرص مديرها العام د. حسن الفجام على إجراء غربلة كبيرة لتصحيح المسار وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح في الميدان الأكاديمي لتطوير العملية التربوية بكفاءات قادرة على مواكبة التطورات والتحديات التعليمية بمناهج تحاكي الواقع ومعطيات تنمي الطلبة ليكونوا على قدر المسؤولية العلمية بعد التخرج.
وهذا الأمر ساندها لتصحيحات في القطاع الحيوي المهم الذي نفض الغبار عن العديد من الجوانب الإدارية والمالية، وهو بقيادة نائب المدير العام د. مشعل المنصوري الذي قاد هذه المرحلة تحت شعار «الإصلاح» ومنع أي مخالفات، وتطبيق القانون ومحاسبة المتجاوزين مهما كانت صفتهم.
هذه الجوانب تخلق أجواء صحية في العمل الأكاديمي، مما ينعكس إيجاباً على المستوى التعليمي الذي يعد عماد المجتمع عبر مخرجات قادرة على السير بمنهج إصلاحي، وهذه الجوانب المهمة تحتاج الأجهزة التعليمية الأخرى الاستفادة منها للنهوض بتعليمنا المنهار بسبب مناهج أكل الدهر عليها وشرب.
فالقيادات هم الذين يستطيعون النهوض بعمل مؤسساتهم طالما آمنوا بأهمية الدور المكلفين به، لأن هذه المناصب تكليف لا تشريف كما يعتقد بعض أصحاب العقول التي تعشق الكراسي وتعتبرها واجهة لهم، بدلاً من تحويلها إلى أداة فاعلة لمعالجة كل الأخطاء والترسبات التي ترك الماضي بصماته عليها.
والمسؤولية منوطة أيضاً بنواب الأمة الذين يجب أن يكون دورهم حاضراً في التشريع والرقابة لا القفز على القانون عبر تدخل البعض للعبث بالمؤسسات التعليمية، وممارسة ضغوطهم وتهديداتهم ضد كل من يقف أمام متطلباتهم غير القانونية وذلك من أجل المحسوبين عليهم، والسؤال: هل هؤلاء سينهضون بالتعليم خاصة أن بينهم نواباً أكاديميين يفترض أن يكونوا أكثر وعياً وإدراكاً وحماية للمؤسسات التعليمية بمختلف جوانبها ونواحيها، ودعم كل الجهود الإصلاحية وتشجيع المخلصين الذين يواصلون الليل بالنهار لمعالجة كل المثالب والأخطاء، حتى لا ينهار تعليمنا ونصبح في مصاف الدول المتخلفة؟
إن مسؤولية معالجة الملف التعليمي تحتاج تكاتف المختصين من مختلف المؤسسات وتعاضدهم حتى نقفز إلى الأمام بجيل واعٍ وناجح وطموح وأكاديميين أكثر حرصاً وإدراكاً لمخرجاتهم الطلابية دون وضع أي اعتبارات لفلان وعلان لأنها أمانة ومسؤولية سيتساءلون عنها.