من صيد الخاطر: «مذبحة سانت بارتيليمي»
في عام 1570م أصدر ملك فرنسا الكاثوليكي «تشارل التاسع» أمراً بقتل كل معتنقي المذهب البروتستانتي، معلناً بدء مذبحة طائفية مسيحية، لتتحول بعدها شوارع وحارات باريس، ومن ثم كل مدن فرنسا إلى ساحات إعدام على الهوية.
بدأت المذبحة الطائفية بقتل 3 آلاف بروتستانتي في أول يوم، وفي حي واحد من أحياء باريس الصغيرة ببشاعة لا وصف لها، ووصل الأمر بهم أنهم قتلوا الأجنة بعد أن أخرجوهم من بطون النساء الحوامل، لتنتقل بعدها عدوى القتل إلى باقي المدن والقرى الفرنسية، وليصل عدد القتلى في أحد الأيام الى نحو 8 آلاف، وكانت حصيلة تلك المذابح التي استمرت 20 سنة تقريباً حوالي 4 ملايين فرنسي.
بارك بابا الكاثوليك «غريغوري الثالث عشر» أفعال القتلة، حتى أنه أمر بإيقاد النيران في أعلى الكنائس، وقرع الأجراس احتفالاً بمذابح «تشارلز التاسع»، ولم يكتف بذلك، بل لفرحته أمر بصك عملة نقدية عليها صورته من جهة، ومن الجهة الأخرى صورة سياف يقطع رأساً كُتب تحت الصورة «قتل الخوارج»، تقديراً لإنجازاته الطائفية.
لم يُكتَفَ بذلك، فقد أُمر الرسام الإيطالي الشهير «فازاي» بأن يُخلِّد ذلك الحدث السعيد بلوحة سميت «مذبحة سانت بارتيليمي»، لتعلق على جدران كنيسة الفاتيكان.
هذه المذبحة شبيهة بالمذابح الطائفية التي حصلت ضد المسلمين قديماً، ومنها المذبحة التي ارتكبها القرامطة عام 908م في المسجد الحرام، فقتلوا من فيه وسرقوا الحجر الأسود 22 سنة، كان ذلك في يوم التروية والناس محرمة، قام بتلك المذبحة أبو طاهر القرمطي.
أما حاضراً وبسبب فتاوى لمجرمين يدّعون أنهم رجال دين مسلمون، والإسلام والدين منهم براء، فقد ارتكبت مذابح طائفية وتصفيات وحشية قام بها «الدواعش» والأحزاب والحشود الإيرانية في العراق وسورية وكانت حصيلتها، حتى الآن، الملايين من البشر، ليس لسبب إلا لجهل في الدين، وطاعة وتصديق لفتاوى سياسية حاقدة، واختلاف في المذاهب، وحقد تاريخي قديم.