الصقر: ماجد جمال الدين «الذهب العتيق» المرافق للرعيل الأصيل ورافع الراية لكل جيل
  • «آمن بدور التجارة في الاقتصاد الوطني ودافع عن التكامل العربي وحرص على أواصر الشراكة الخليجية»
.

كرّمت غرفة تجارة وصناعة الكويت أمس، مستشارها ماجد بدر جمال الدين، بعد رحلة عمل متميزة الوفاء والأداء تجاوزت الـ 50 عاماً.

وفي احتفال كبير تقدمه رئيس مجلس إدارة الغرفة محمد جاسم الصقر، وأعضاء مجلس إدارتها، وصف الصقر المستشار ماجد جمال الدين بـ «الذهب العتيق» كونه شخصاً مؤمناً بدور التجارة في الاقتصاد الوطني، والمدافع عن التكامل العربي، والحريص الدائم على أواصر الشراكة الخليجية، وهو المرافق للرعيل الأصيل ورافع الراية لكل جيل.
Ad


وفيما يلي كلمة رئيس الغرفة محمد الصقر:

«أصحاب المعالي والسعادة، الإخوة والأخوات الأفاضل ضيوف الغرفة، أيها المحتفى به الكبير العزيز ماجد جمال الدين- مستشار غرفة تجارة وصناعة الكويت.

الحضور الكريم

ليست هذه أولى وقفاتي على المنابر، وليست هي أولى كلماتي عليها، لكنها بالتأكيد من الأقرب إلى وجداني والأصعب على كياني، كون الذي نحتفي به هو الذي کرمنا بوجوده بيننا طوال نصف قرن من الزمن، والمتفضل بالوقوف إلى جانبنا، أخاً كبيراً، مستشاراً ناصحاً، وسنداً نطمئن باللجوء لحكمته.

هو المحب بلا انتظار لمقابل، هو الوفي من غير أن يجامل، هو المقبل على العمل بإصرار لا يكل، هو الحريص على العطاء بإقدام لا يمل، هو المرحب بالبسمة الهادئة، والمعطاء بالكلمة الصادقة، عن قناعة وعلم، وبصلابة وعزم...

هو المؤمن بدور التجارة في الاقتصاد الوطني، والمدافع عن التكامل العربي، والحريص الدائم على أواصر الشراكة الخليجية، هو المرافق للرعيل الأصيل ورافع الراية لكل جيل، «الذهب العتيق».

الأخ الفاضل ماجد جمال الدين

الفرع الشامخ من سنديانة الكبار، والثمر الناضج من قطاف النخيل.

ضيوفنا الأعزاء،،،

لم يكن ليخطر في بالي يوماً أن أوضع في مثل هذا الموقف، إذ إني أمام الأخوة والزمالة أعجز عن أن أفي المحتفى به بالقليل مما يستحق. فكيف لي أن أستذكر كل مآثره؟ وكيف لي أن أضيء على عظيم مناقبه؟ وكيف لي أن أوجز التاريخ ببعض الكلمات؟ وكيف لي أن أعادل بين كفة المعزة الشخصية وكفة التكريم الرسمي؟

إن خاطبتكم بما أعرف عن أبي بدر أو حدثتكم بما أشعر في هذه اللحظة، لما أسعفني الحماس، ولا كفاني الوقت، ولا ساندتني العبارات... فسأبتعد عن الرسميات وأقترب إلى الوجدانيات، وسأوجز بما نقل إلي من انطباعات من الأجيال المؤسسة لغرفة تجارة وصناعة الكويت، وأكمل ببعض مما نعرفه جميعاً عن الكبير المحتفى به.

دخل إلى الغرفة شاب يافع، بهي المحيا، أنيق الطلعة، تبدو عليه أمارات النجابة، وتشع من جبينه سمات النباهة، فكان هذا الصرح المكان الأنسب للمستشار الأنجب.

سرعان ما انطلق في أرجاء الغرفة يجوب إداراتها، يتعرف على أركانها، يتحرى مهامها، يتمعن بأهدافها، واضعاً في صلب تركيزه دورها الحيوي، رؤيتها الاقتصادية، ورسالتها النبيلة... فبدأ العمل بشعلة من النشاط... بصوابية في الأهداف... برقي في التعامل... وبتميز في العطاء والأداء.

في المواقف الوطنية كان حاضراً، وفي الميادين الاقتصادية كان رائداً... سمته الجرأة التي لا تخدش... ترسانته الكلمة التي لا تخطئ... وشغله الشاغل مساندة الكبار في جعل الغرفة صرحاً رائداً على كافة المستويات المحلية والخليجية والعربية.

الحفل الكريم،،،

عرفته منذ أن كنت يافعاً فكان الأخ العطوف والحكيم الناصح. رافقته في كل مراحل العمر فكان الوفي الأمين، المحب المخلص والملبي حتى قبل الطلب.

وها أنا ذا أتشرف بزمالته في الغرفة لأجد في خزائنه كل ما يحتاجه المرء من خبايا التاريخ وواقعية الحاضر وطموحات المستقبل، فكان ولا يزال العضد والسند، يؤازرني في عبء المسؤولية، ويشاركني واجب الحفاظ على تميز الغرفة وتعزيز دورها. عاصر الأجيال المؤسسة، تعلم من خبرة (العمام)، استفاد من تجارب الكبار، نهل من معين حكمتهم ورافقهم في مسيرتهم، فكان العون لهم والأمين على نقل الخبرة والمعرفة إلى من تلاهم من أجيال... وقد كنتُ من المحظوظين أني حملت الراية بوجوده إلى جانبي، كبيراً ناصحاً، خبيراً عالماً، وصديقاً صادقاً.

الإخوة والأخوات،،،

بعد أكثر من خمسة عقود آثر أبو بدر أن يستريح طوعاً بعد أن أعطى فأجزل، وأنجز فأكمل، مرتاح الضمير لصدق ما قدم، شاغل البال على ديمومة ما سلّم وقد قرر في قمة العطاء وفي ذروة البهاء أن يلتفت لبعض مما يخصه ولشيء مما يحبه، مستفيداً مما ترك لنفسه من وقت للتفرغ لمحبيه وأبنائه وأحفاده، وللغوص فيما تبقى من صفحات كتب لم تتح له انشغالاته أن يقرأها. وها نحن بعد أن نطمئنه على مسيرة غرفة كان ولا يزال ركناً من أركانها، نؤكد على بقائنا على نهجه ونهج الآباء المؤسسين، عاملين دائبين لرفعة اقتصادنا الوطني، صادقين مخلصين في تحقيق التطلعات من النمو والازدهار، مشاركين الحريصين على التنمية المستدامة، محافظين على موروثاتنا، متطلعين إلى المستقبل بأصالة واندفاع وطموح.

المحتفى به،،،

مع ارتباك اللسان في التعبير عن خلجات الوجدان، أستعير منك بعضاً مما قلته فيمن تحب، مخاطباً إياك بما عبّرت للعم عبدالعزيز حمد الصقر - رحمه الله - مكرراً أنه «كم نحن مدينون لك، وكم أنت غني عن وفائنا بهذا الدين... وأملنا أن تعذر تقصيرنا، وعذرنا أننا أسرى نقيضين: فيض المحبة والاحترام والامتنان، وعجز المكانة والملاءة والبيان».

ومن ثم أختم، متوجهاً إليك بما توجهت به إلى الأخ الفاضل علي محمد ثنيان الغانم مؤكداً أن ما نحن فيه الآن ليس مجرد شهادة صادقة، وأنت غني عنها، بل هو التعبير من القلب عما في القلب من محبة، وهو إعراب عما تكنه النفس من صادق الاحترام والمودة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته»

الصقر متحدثاً خلال التكريم أمس


المحتفى به: قضيت عمري في مؤسسة قامت بكتيبة الطليعة من بناة النهضة في بلادي

• «مؤسسة الغرفة بدأت عملها مع تباشير الاستقلال في فيء آل الصباح ورئاستهم الفخرية»

• «بُعيد نكبة 1967 غادرتُ دمشق وقصدت الكويت لأعمل في واحدة من أعرق مؤسسات مجتمعها المدني»


خلال احتفالية تكريمه، قال المستشار ماجد جمال الدين في كلمته إنه قضى عمره في «مؤسسة قامت بها وقامت عليها كتيبة الطليعة من بناة النهضة في بلادي، فكيف لا أصاب بزهو يلامس الغرور أو يكاد، وقد قضيت العمر فيها»....

وفيما يلي نص كلمته:

«العم الجليل علي محمد ثنيان الغانم؛ الرئيس النبيل محمد جاسم الصقر؛ الأخ الزميل رباح عبدالرحمن الرباح؛ أصحاب المعالي والسعادة ؛ الأخوة الأصدقاء؛

كان الليل باهر العتمة، وكان السكون يلف المكان إلا من صوت حبات المطر تضرب زجاج غرفة أرنست همنغواي، الذي كان يجلس وراء مكتبه، يحدق في الورق الأبيض، بعد أن عجز لساعات عن كتابة عبارة واحدة من مقالته لمجلة «لايف». فجأة، دوت رصاصة من بندقية عتيقة، أنهى بها أشهر روائيي القرن العشرين حياته، بعد أن غلبه دمعه وهو يقول: «لم تعد الكلمات تأتي».

لست بشجاعة همنغواي، ولا أملك بندقية جديدة ولا عتيقة، فلم يبق لي إلا الحزن، بعد أن أخفقت مراراً في أن أجرح بياض الورق المستلقي على مكتبي، فالكلمات لم تعد تأتي.

أقلبها، أنثرها، أجمعها، وتشرد مني كإبل ظمأى تاه شتاتها؛ ما أرضاه لا يأتيني، وما يجيئني يقصر عن التعبير عما يغمرني من مشاعر الفرح بكم، والعرفان لكم، والاعتزاز بالحديث إليكم. وقد عرفت الآن كم كنت محقاً في خوفي من نفور الكلمات، بعد أن أسمعني العم «أبومرزوق»، والرئيس «أبو عبدالله»، والصديق «أبو عبدالرحمن»، أسرارا عني، ما وقرت يوما أذني، ولا ندت مرة إلى فمي. فتركوني بين صحو ووسن؛ أذكر ما عهدت فيهم من إخاء وعطاء، فأصدق في قولهم. ثم أذكر كم أخطأت

وكم قصرت، فأرتاب فيما سمعت. فيا لخجلي منهم، كيف أستطيع أن أوفيهم حقهم؟ وأن أعبر عن عرفاني لهم؟ والكلمات لم تعد تأتي !!!

أيها الأعزاء؛

لم تعد الكلمات تأتي، ليس فقط لضعف الذاكرة، بل – أيضا وقبلاً- لفيض الذكريات. وإذا كان من العبث أن أحاول في كلمة قصيرة اعتصار تجربة تمتد على مساحة خمسين عاماً وتزيد، فإن من المستحيل - أتت الكلمات أم أبت - أن أقف على هذا المنبر بالذات، في هذه المناسبة بالذات، دون أن تلح على الفكر والخاطر أطياف شخصيات كثيرة، ما ذكرتها يوماً إلا شعرت أني في حضرتها، فأوشك أن أقف على قدمي، أعدل ربطة عنقي، أغلق أزرار سترتي، احتراماً لها، وإقراراً بفضلها، ووفاء لذكراها. من بينها الأعمام الأجلاء، رحمهم الله؛ عبدالعزيز الصقر؛ ذو القامة التي لم تنحن إلا في صلاتها، الحاج يوسف الفليج؛ فصيح الصمت الذي يخفت في حضرة وقاره كل صوت، محمد عبدالمحسن الخرافي؛ طيب السريرة والمسيرة الذي يمشي بتواضع الكبار وئيداً واثقاً، حمود الزيد الخالد؛ صاحب الذكاء الوقاد والبداهة الشرود عمقا وحكمة، محمد النصف؛ والتكامل المعجز بين واقعية الحياة ومثالية الأخلاق، محمد البحر، الذي كان في قومه سرياً، وفي غوثه سخياً. عبدالرزاق الخالد؛ المثقف الذي حمل الأصالة دون جمود، وعمل للحداثة دون جموح، والتزم صراحة كحد السيف في الحالتين، سعد الناهض؛ النبيل الذي جمع بين هدوء الطبع ودماثته، وبين شجاعة الرأي وحكمته، يعقوب الحمد؛ صاحب الحدس الصائب والموقف الذي لا يوارب. ويوسف إبراهيم الغانم، الذي تمسك بالكرامة بكلتا يديه، فلم يبق لديه ما يمسك به المناصب.

هؤلاء ورفاقهم كانوا ضمن كتيبة الطليعة من بناة النهضة في بلادي. فكيف لا أصاب بزهو يلامس الغرور أو يكاد، وقد قضيت العمر في مؤسسة قام بها وقام عليها أمثال هؤلاء. مؤسسة بدأت عملها مع تباشير الاستقلال، في فيء آل الصباح ورئاستهم الفخرية، فنهضت بواجبها المهني باقتدار، حيث التزمت منذ أيامها الأولى بالحرية الاقتصادية، والمنافسة المتكافئة، وبالعدالة الاجتماعية بين المواطنين، والعدالة المستقبلية بين الأجيال. وتبنت الإصلاح باعتباره عملية متطورة ومستمرة، تتعثر خطاها كلما تراكمت مستحقاتها، وتزداد تكلفتها كلما ترددت قراراتها. وإلى جانب هذا كله وبالتوازي معه، كانت الغرفة ولا تزال صوت الكويت وقطاعها الخاص في المحافل والمنابر الاقتصادية والإقليمية والدولية؛ فهي في طليعة المتحمسين لاتحاد الغرف العربية ورسالته، وصاحبة الدعوة لقيام اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي. وهي من مؤسسي الغرفة الاسلامية والغرف العربية - الأجنبية المشتركة، ومن الأعضاء الناشطين في غرفة التجارة الدولية. ولم تقصر الغرفة يوما بواجبها الوطني كمؤسسة طليعية، شهدت ولادة الدستور فساهمت باستلهام رؤاه ومنطلقاته. وواكبت قيام مجلس الأمة، فاحتفت برفع قواعده ودعم تطلعاته. وإني إذ أهنئ الكويت بغرفتها، وأهنئ الغرفة على جدارتها ومنجزاتها، لأحمد الله الذي أتاح لي أن أنهل من حكمة وأخلاق رجالاتها، ما أهلني لأن أكتب بضعة سطور في تاريخها.

الأفاضل رؤساء وممثلي الغرف العربية واتحاداتها؛ الأخوات والاخوة؛

لم يكن من قبيل المصادفة أبداً أن يتزامن هذا الحفل مع اجتماع مجلس اتحاد الغرف العربية، بل هو أمر قصد منه أصحاب التكريم، أن يتيحوا لي الفرصة لأعرب لكم عما عرفوه عني من إيمان برسالة الاتحاد، ومن احترام لقاماته الشامخة، التي كلما ازددت في هذه الحياة خبرة، ازددت لها احتراما وافتقاداً. ولئن كنت صعب المراس أحيانا في الدعوة إلى تطوير أداء الاتحاد وأدواته، فذلك لأني كنت ولا أزال أنظر إليه باعتباره المؤسسة الاقتصادية الشعبية الأولى التي حملت هم المشروع الاقتصادي العربي على مدى سبعين سنة، لا انحرفت بها الأحداث عن أهدافها، ولا فرقت السياسة صفوفها، ولا أضعفت النكسات إيمانها. وهذه - لعمري - ريادة تستوجب أداء ولا أصعب، ومسؤولية تتطلب التزاما ولا أصلب. ومن هذا المنطلق، أستميحكم عذرا في أن أقول؛ إن الاتحاد اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، بحاجة إلى تطوير أجهزته وهيكليته بما ينسجم مع تحديات المرحلة ومعطياتها، وبما يضمن له الموارد المالية الكافية لتحديث أدواته. علما أن أي جهد في هذا الاتجاه سيكون أشبه بحراك عبثي في نفس المكان، ما لم يوظف لمصلحة الرسالة.

أصحاب المعالي والسعادة؛ السيدات والسادة:

بعيد نكبة 1967، غادرت دمشق التي ستبقى رغم عاديات الدهر وتقلبات الدول- عز الشرق وحاضرة التاريخ، وبستان الياسمين، وقصدت الكويت لأعمل في واحدة من أعرق مؤسسات مجتمعها المدني، المتألقة بنخبة من رجالاتها ورواد نهضتها. ويشهد الله أني قد أخلصت للكويت جهداً وفكراً، وأخلصت لأهلها محبة واحتراماً، وأخلصت لمبادئها قلماً وموقفاً. وأشهد أمام الله، بالمقابل، أن الكويت قد أكرمتني، بعطاء الأمراء وبوفاء النبلاء، فإذاً هي - أيضاً - وطني، وإذا أنا أشرف بأن أكون من مواطنيها. الأمر الذي لم يزد انتمائي لأمتي إلا رصفاً ولم يزد حنيني للشام إلا سرفاً، ولم يزد تعلقي بوطني الكويت إلا شغفاً.

لكنها الحياة ؛ لا تجامل في سنة التغيير أحداً، ولا تعفي من صدأ العزيمة واحداً. وإذا كان الصعود في الحياة جهداً، فإن النزول عند سنة الحياة فن. وقد بذلت في الصعود غاية استطاعتي، فأخطأت مراراً، وأخفقت مراراً، ووفقت مراراً. وها أنذا أنزل آخر درجات السلم، يغمرني ارتياح عميق برضا الله والوطن والضمير، لأني آثرث، طوال رحلتي، سلامة النهج على نهج السلامة. ورغم مشقة هذا الاختيار، فإني لم أعان يوماً قلة الزاد ولا وحشة الطريق، لأن من عملت برفقتهم وتوجهاتهم، كانوا حداة الظعن الذي ألقيت فيه رحلي.

وأخيراً ؛

جاء في أغاني الأصفهاني، أن بدوياً سأل رفيقه: هل لك بيت؟ فأجابه الرفيق: وكيف يكون للبدوي بيت؟ قال الأول: إنما قصدت هل لك زوجة؟

أحمد الله الذي أنعم علي ببيت هو سكني وسكينتي، يذبل الياسمين المتكئ على شبابيكه حين أسافر عنه، وتزهر حديقته كبستان لوز، إذ أعود إليه.

تسطع بالأمل أضواؤه، مهما قسا الدهر، وتحكي لهفة اللقاء الأول أصداؤه، مهما تقدم العمر.

يا بيتي، يا أم بدر؛ كيف أوفيك حقك؟ كيف أجزي صبرك؟ وقد عاودت الكلمات نفورها، فلم تعد تأتي، في الحديث عنك لم تعد الكلمات تأتي. اللهم لئن منعت فكم أعطيت، ولئن أخذت فكم أبقيت.

فالحمد لك على ما أعطيت، والحمد لك على ما أبقيت.

أكرمكم الله، أسعدكم الله، أستودعكم الله».

الصقر يكرم جمال الدين


الغانم: كان العقل الراجح واللسان الناصح والمنار المضيء والمشير الصالح للغرفة

«شخصك سيغادر مكانك في الغرفة لكن طيفك سيبقى ماثلاً في نواحيها»

أكد الرئيس السابق لغرفة التجارة علي محمد ثنيان الغانم إن المستشار ماجد جمال الدين كان على مدى 55 عاما العقل الراجح، واللسان الناصح، والمشير الصالح، للغرفة، مؤكدا انه سيغادر شخصك مكانك فيها، لكن طيفك سيبقى ماثلاً في نواحيها، تقع عليه العين، في كل موضع لك فيه أثر، أو ينطق فيه عنك خبر.

وفيما يلي كلمة الغانم خلال التكريم:

«بسم الله والحمد لله على سابغ نعمه، وسائغ كرمه، والصلاة والسلام على أكرم خلقه، وخير من قام بحقه، وعلى آله الأطهار، وصحابته الأخيار.

الأخ العزيز ماجد بدر جمال الدين، مستشار غرفة تجارة وصناعة الكويت، حفظه الله ورعاه، ووفقه إلى ما فيه رضاه.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

وبعـد:

ترجلتُ – منذ بعض الوقت ـ عن منصب رئاسة غرفة تجارة وصناعة الكويت، كما ترجلتَ أنت عن منصب المستشار لها، لكنني بقيت - كما ستبقى أنت ـ على ارتباط بها، لذلك تجدني اليوم أمامك، في حفل تكريمها لك، فكأني لم أبرح مكاني، وكأنك لا تزال نصب عيني! إنها – أيها العزيز عشقي وعشقك، ولسان حالي وحالك معها، هو قول القائل في مثلها:

قد تخللتِ موضعَ الروح مني

ولذا سمي الخليل خليلاً

سيخلو فيها مكانك، ولكن ستبقى فيها مكانتك، فما تركته من آثار في مسيرتها، هو وشم ثابت في سريرتها، لا تمحوه الأيام، ولا يبلى على مرّ الأعوام، وسيكون لسان حالك لمن ينظر بعدك إليها، أو يقف عليها:

تلك آثارُنا تدل علينا

فانظروا بعدنا إلى الآثارِ

لقد كنت فيها، وعلى مدى خمسة وخمسين عاماً من مسيرتها، العقل الراجح، واللسان الناصح، والمشير الصالح، والفنار الذي يرشد سفينتها في البحار، والمنار الذي يضيء سبيلها في القفار، فلا تزال تهتدي بضيائك، وتستنير بآرائك، وستبقى كلما أرادت أن تستعرض مآثرك، أو تستحضر ذخائرك، تقول متحدثة عنك:

له أيادٍ عليّ سابغةٌ

أعد منها ولا أعددها

سيغادر شخصك مكانك فيها، لكن طيفك سيبقى ماثلاً في نواحيها، تقع عليه العين، في كل موضع لك فيه أثر، أو ينطق فيه عنك خبر.

إن غرفة التجارة والصناعة في بلادنا الغالية، هي قلعة اقتصادنا العالية، التي انتصبت فيها القامات الاقتصادية العملاقة، والخبرات العريقة الخلاقة، التي نتذكرها اليوم بكثير من الإجلال والتوقير، والإكبار والتقدير، والتي كنت أنت بأدائك الرائع فيها، واحداً من أكابر مبدعيها، ولئن كنت اليوم قد آثرت أن تترجل عن صهوة حصانك، ورفيع مكانك فقد تركت فيها من نتاج جهدك، من يرفع الراية من بعدك، ومن يكون فيها خير خلف لخير سلف، فكأنك بما تركت من الخبرات التي هيأتها، والكفاءات التي أهلتها، لم تبرح مكانك، ولم تفقد الغرفة إمكانك، بل إنني وكافة زملائي في مجلس إدارتها، لننظر إلى ترجلك عن صهوتها، على أنه بداية لمرحلة جديدة من العطاء الموفور، والأداء المبرور، فقد أثبتت السنوات الماضية، والأيام الخالية، أنك لم تكن ابناً باراً لغرفة تجارة وصناعة الكويت وحدها، بل للكويت كلها، وأنك لا ترضى أن تظفر بالخير وحدك، بل تريد أن يعم ويشمل بلدك.

لك أيها الغالي الثمين، والقوي الأمين، خالص الشكر وبالغ الثناء، على كل ما قدمته لبلدك وأهلك من البذل والعطاء، من غرفة التجارة والصناعة بخاصة، ومن بلدك الكويت وأهلها بعامة، وتقبل الله منك صالح عملك، وحقق لك رائد أملك، وجعل سعيك سعيا مشكورا، وجزاءك جزاء موفورا، وحقق فيك قوله في كتابه المبين: «إن الله لا يضيع أجر المحسنين».

الرباح متحدثاً أثناء التكريم


الرباح: شخصية فريدة جمعت بين مفاهيم الاقتصاد ورقّة اللغة العربية

في كلمة ألقاها نيابة عن موظفي الغرفة خلال حفل التكريم

قال رباح عبدالرحمن الرباح- المدير العام لغرفة التجارة والصناعة، في كلمة ألقاها نيابة عن موظفي الغرفة، خلال حفل التكريم، إن ماجد بدر جمال الدين- «مستشار الغرفة» كان يقدم رأيه الاقتصادي بلغة الشعر، إن صح التعبير، ورغم الاختلاف بين جمودية المفاهيم الاقتصادية ورقة اللغة العربية، تجد قلم المستشار لا يثقله قيد ولا يرهقه غل، يمضي في رأيه معبراً عنه بلغة تمتاز بالجزالة لا تشعر معها بأي ثقل، بل ويجعلك تتساءل أهذا اقتصادي قصد میدان أهل الفصاحة واللغة يبارزهم بغزارة لغته، أم هذا أديب عربي نحا نحو الاقتصاديين يقارعهم بالحجج والبراهين الاقتصادية التي ملك زمامها، أم هو الاثنان معاً جُمعا في شخصية فريدة.

وفيما يلي كلمة الرباح:

«العم علي محمد ثنيان الغانم؛

السيد محمد جاسم الصقر رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت؛

أصحاب السعادة رؤساء الاتحادات والغرف الخليجية والعربية؛ وزير التجارة والصناعة ووزير الدولة لشؤون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مازن سعد الناهض؛

السادة أعضاء مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت؛

الأخ ماجد بدر جمال الدين؛

حضرات الضيوف والحضور الكرام؛

حين يقف المرء خطيباً في مناسبة كهذه، هي ومضة قصيرة بمقياس الزمن ولكنها سانحة ومتفردة بمقياس المضمون، تكون الكلمة التي يلقيها هي أقرب الكلمات إليه، ولكنها في الوقت ذاته أصعبها وأثقلها عليه، لأنها تدور حول تكريم رجل دمث الخلق، واسع الاطلاع، كثير المعرفة، عميق الفكر، سديد الرأي... قيضه الله للغرفة منذ ما يربو على خمسين عاماً، فوهبها أكثر مما تنتظره منه، وقدم لها فوق المفروض عليه، ولم يعدل بالغرفة شيئاً سـوى مصلحة الكويت الوطنية، فكان موضـع الثقة والمستشار المخلص الأمين الذي اتكأ عليـه مجلس إدارة الغرفة من المؤسسين والمخضرمين، فبنوا جميعاً مؤسسة متفردة أصيلة مهنية وصادقة، ومضوا جميعاً بخير ما كتب الله لهم، على الرغم

من تتابع المحن والخطوب التي عصفت بالكويت وبقطاع أعمالها.

مستشارنا الفاضل

لقد جسدت لنا كيف يكون النجاح عملا وكدا وتعبا، وكيف يكون التفوق جهدا وتضحية ونصبا، واقتبسنا منك كيف يكون حسن البيان والرأي متكامل الأركان سلاحين لحسم الحوار إيجابيا والاقناع علمياً في ظل خلافات كثيرة على أمور كثيرة تبقى ببقاء حركة الأعمال وتجربة الكويت الديموقراطية، وأخذنا عنك ثوابت يجب أن تبقى فوق كل رأي وأسمى من كل اجتهاد، وهي أن تظل الكويث وطناً موحد الأرض والشعب، ديمقراطي الحوار والقرار، حر الرأي والفكر والاقتصاد.

إن من أجل البصمات التي لن تنسى لمستشارنا، أنه كان يقدم رأيه الاقتصادي بلغة الشعر، إن صح التعبير، ورغم الاختلاف بين جمودية المفاهيم الاقتصادية ورقة اللغة العربية، تجد قلم المستشار لا يثقله قيد ولا يرهقه غل، يمضي في رأيه معبراً عنه بلغة تمتاز بالجزالة لا تشعر معها بأي ثقل، بل ويجعلك تتساءل أهذا اقتصادي قصد میدان أهل الفصاحة واللغة يبارزهم بغزارة لغته، أم هذا أديب عربي نحا نحو

الاقتصاديين يقارعهم بالحجج والبراهين الاقتصادية التي ملك زمامها، أم هو الاثنان معا جُمعا في شخصية فريدة تتسم إلى ما سبق بنفاذ البصيرة وذكاء القلب والقدرة على استقصاء الأشياء والنفوذ إلى أعماقها.

ولعلي أكون قد أوجزت لسان حال جميع العاملين بالجهاز التنفيذي للغرفة، حين أقول: «لقد أتعبت من بعدك يا أبا بدر»... واضطررت من جد في أثرك إلى مشقة أي مشقة وعناء أي عناء.

«أخوي العود»

إذا كنت دائما تروح عن نفسك حين أغضبك بإلحاحي عليك في إنجاز مهمة ما، وألجأ دائما إلى مقولتي لك: «إذا كنت ذا حاجة فاصْحبْها باللجاجة»، أرجو هنا أن تقبل اعتذاري إن ألح علي الوقت هذه المرة فجاءت كلمتي متعجلة وقصيرة في حقك، فما أردت منها إلا أن أنقل لك غيضاً من فيض وقليلاً من كثير ما تلهج به ألسنة كل العاملين بغرفة تجارة وصناعة الكويت، وتفكر فيه نفوسهم نحوك. وإن كنت أردد

في أعماق نفسي قول الشاعر:

ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها

عقود مدح فما أرضى لكم كلمي

فإن شفيعي أني أملي هذه الكلمة عن قلب يحب أخاه العود الذي صاحبه لما يناهز الثلاثة عقود، ولا أملي عن العقل الذي يريد أن يعدد ويبين ما قدمه محتفانا من جهد وعمل للغرفة يضيق عن ذكره وفرة الجهد وضيق العبارة، وحسبي أنك جعلت من اسمك علما يحمل بذاته أهم مدلولاته، وحسبي أنك ستظل في تاريخ الغرفة مثالا يحتذى به ونموذجا يقتدى به، وأنتم تعلمون جميعا أن التاريخ لا يلتفت إلا إلى من ترك أثرا، فأنى له لا يحفل بمحتفانا صاحب العلم والقلم والرأي جميعا، وما هذا التكريم إلا دليل صدق ووفاء على ما نقول.

وقبل أن أختم، أستميحكم عذراً أن أسوق رسالتين وهما، الرسالة الأولى؛ لأخي المحتفي به، والذي أسأل المولى عز وجل أن يطيل في

عمره، وأن يلبسه ثوب الصحة والعافية... أقول له: لقد كرست نفسك ابنا لهذا المكان، الذي أصبح، من غير شك، يشغل حيزا كبيرا في ذاكرتك ووجدانك. وإن كان هذا التكريم ليعفيك من قيود العمل الرسمية وطقوسه، فإنه لا يعفيك في الوقت ذاته من أن تكون مرجعنا الذي قد نركن إليه فنزيد علمنا خبرة ونثقل خبرتنا عمقا، لذا لا تظن أن احتفالنا بك يعني غروب أنوار فكرك ورشاقة قلمك، فغروب الشمس لم يأت إبانها.

الرسالة الثانية؛ لزملائي من العاملين في الغرفة... أقول لهم: لقد حبا الله الغرفة بجيل من العاملين الأوائل الذين أخلصوا لها وبصدق، وهذا مصدر فخر وزهو لكم ومصدر تحدٍّ لكم في آن معا، لأن الغرفة لن ترضى منكم بجهد وإخلاص أقل مما تعودت عليه، فأكملوا مسيرة أولئك المخلصين، واعلموا أن الآمال لا تنقاد إلا لصابر فاستسهلوا الصعب أو تدركوا المنى، وأيقنوا بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.

وفي الختام لا يسعني إلا أن أنهي كلمتي بما كان يجب أن أبدأ به فأتقدم بالشكر إلى العم علي محمد ثنيان الغانم، والسيد رئيس الغرفة، وأعضاء مجلس الإدارة، وأصحاب السعادة رؤساء الاتحادات والغرف الخليجية والعربية، ومعالي السيد وزير التجارة والصناعة ووزير الدولة لشؤون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والشكر موصول للسادة الحضور، ولكل من شرفنا بالمشاركة في هذا الحفل...

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».