• حدثنا عن رحلتك في الكويت.

- أمضيت نحو 4 سنوات في الكويت، كانت رحلة مميزة، خصوصاً أنها كانت المرة الأولى لي كسفير بالكويت وفي مملكة البحرين، وأتذكر أنني وصلت في وقت متأخر من مساء السبت في شهر أكتوبر 2019، ولم تكن هناك رحلات مباشرة بين اليونان والكويت.

Ad

وتم استقبالي في المطار من قبل أحد مسؤولي البروتوكول في وزارة الخارجية، وقال لي في ذلك الوقت: أهلاً بك في وطنك الثاني.

اعتقدت أن هذا الكلام إطراء و«شكلي» فقط، ولكن مع مرور السنين، شعرت فعلاً بأنه خلال وجودي في الكويت بأنني في بلدي الثاني. وقبل يومين كنت في إجازة مع زوجتي باليونان، وقد قالت لي: هيا بنا لنرجع الى بلدنا، أي الكويت، وقد علمنا منذ شهر أن مهمتي انتهت، ويجب عليّ المغادرة.

• بعض السفراء أعلنوا سابقاً أن الكويت هي البلد الأفضل لأي دبلوماسي، هل توافقهم هذا القول، وما الذي أضافته لك هذه التجربة؟

- أوافق على هذا القول بقوة، نظراً إلى أن الكويت بالنسبة لأي سفير، هي بلد مميز وفريد من نوعه، لأنّ الناس منفتحون ومنازلهم مفتوحة لنا، وبالإمكان لقائهم بكل سهولة. وفي هذه الحالة تتعلم الكثير وتشارك بكثير من الدعوات، كالديوانيات مثلاً، إضافة الى الدعوات التي نتلقاها على العشاء وبعض الحفلات... وفي هذه الحالة، يصبح الأمر رائعاً لأي دبلوماسي في الكويت، لأنه يصبح من السهل عليك كسفير، بأن تروّج لبلدك، وتشرح للناس هنا عن مميزات بلدك، وهذا الأمر مهم جداً.

إذاً، الحياة هنا سهلة ورائعة للغاية، وذلك على عكس ما أسمعه من بعض زملائي الذين يعملون في دول بالمنطقة، إذ يقولون لي إنه من غير السهل أن تكوّن أصدقاء بسهولة مثلما يحصل في الكويت.

إذا الكويت لديها ميزة كبيرة، والكويتيون أشخاص محترمون للغاية ويقدّرون السفراء، وهذا فعلا ما يجعل معظم السفراء سعداء.

حنين لفيلكا

• ما أكثر الأمور أو الأشياء التي ستفتقدها في الكويت؟

- سأفتقد أولاً اللقاءات التي كانت تجمعنا مع بعض الأصدقاء في الديوانيات وفي منازلهم، لتبادل الآراء والتعلّم من بعضنا البعض، فالكويتيون يحبّون التعرّف على أمور جديدة، ويمكننا وصفهم بأنهم أشخاص عالميون، لأنهم يحبّون السفر كثيراً. والأمر الثاني الذي سأفتقده هو جزيرة فيلكا، لأنّ الأمر عاطفي جداً بالنسبة إلينا كيونانيين بسبب وجود إسكندر الأكبر وجيوشه فيها، فخلال أولى زيارتي للجزيرة، أردت أن أركع وأقبّل أرض الجزيرة.

وعندما شاهدت التماثيل هناك، والتي لدينا مثلها تماماً في اليونان، شعرت وكأنني أعيش قبل 2300 عام، عندما بدأت العلاقة بين شعبينا.

أشعر بالحزن لأنني سأغادر الكويت، كنت سعيداً للغاية عندما عرفت أنني سأمضي سنة إضافية هنا، لكن بعد الانتخابات الأخيرة في بلدي، تم تغيير وزير الخارجية وفريقه الأساسي، وعرضوا عليّ أن أصبح المدير العام للشؤون الاقتصادية والإدارية في «الخارجية»، وهذا منصب رفيع للغاية، فهناك فقط 6 مديرين عامين في خارجيتنا. وفي هذه الحالة، كان من الصعب عليّ رفض هذا المنصب الرائع. في المقابل، شعر أصدقائي الكويتيون بالحزن عندما علموا برحيلي، ولكن في الوقت نفسه، باركوا لي المنصب الجديد، قائلين إنني أستحقّه.

السنوات التي أمضيتها مع عائلتي في الكويت لن تُنسى، وسأظل أتبادل الزيارات مع أصدقائي الكويتيين، والكويت ستبقى في قلبي وفي قلب عائلتي إلى الأبد، فلدينا ذكريات كثيرة هنا.

• كم رحلة طيران مباشر بين الكويت واليونان؟

- بات لدينا 5 رحلات أسبوعية مباشرة من الكويت الى اليونان. 3 الى العاصمة أثينا ورحلتان إلى ميكونوس، وهذا الأمر مهم جداً، فبعيد وصولي إلى الكويت، كان هذا الأمر من أولوياتي، لأنه من الصعب جداً ألا يكون بين بلدينا رحلات مباشرة، للمساهمة في تبادل الزيارات بين شعبَي البلدين، ومن حيث التعاون السياسي والثقافي والتجاري والسياحي... وقد اتخذت الكويت القرار بفتح هذا الخط المباشر، ولكن بسبب تفشّي وباء «كورونا»، أُجّل المشروع حتى العام الماضي، حيث قمت شخصياً بافتتاح الطيران المباشر خلال فصل الصيف إلى ميكونوس بمعدل رحلتين، وهذا العام كان لي تعاون ممتاز مع الخطوط الجوية الكويتية، وبات لدينا رحلات مباشرة إلى أثينا.

والفكرة الحالية نتمنى أن يكون لدينا رحلات يومية على مدار السنة، وأعتقد أن السفارة الكويتية في أثينا، ستقيم في نهاية سبتمبر المقبل حفل استقبال للإعلان عن إطلاق رحلات الى اليونان في فصل الشتاء.

وأنا أشجع الكويتيين المعتادين على زيارة إسبانيا وفرنسا وسويسرا ولندن، على زيارة بلدي، التي تتمتع بأجمل جزر وجبال وأماكن سياحية عدة.

كما أن الشعب اليوناني مضياف على غرار الشعب الكويتي، وقد سمعت بعضهم يقول إن اليونان مثل الكويت.

نصيحة للخلف

• من هو السفير الجديد، وهل أسديت إليه أي نصيحة؟

- السفير الجديد سيأتي من نيجيريا، وستكون الكويت محطته الثانية كسفير، أعطيته بعض النصائح، وكانت نصيحتي الرئيسية أن يكون اجتماعياً، وأن ينفتح على الجميع ويقبل الدعوات التي توجّه إليه من أصدقائنا الكويتيين ويحاول زيارة الديوانيات ومعرفة البلد، وأن يضع في باله جزيرة فيلكا والسعي إلى تحويلها لموقع سياحي وأثري واقتصادي وثقافي، نظراً للخبرة الكبيرة لليونان في تطوير المواقع التاريخية والأثرية، وصولاً الى بناء فنادق وجعلها موقعاً سياحياً مقصوداً، وإعادة إحياء فيلكا التي عرضنا على الحكومة فكرة استخدام سيارت كهربائية في الجزيرة للمحافظة على البيئة وعدم تلويثها.

وفي يناير الماضي، زار الكويت وزير الاقتصاد ونائب وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية اليونانيين، وعقدوا اجتماعات في وزارتَي الاقتصاد والتجارة ومع رجال أعمال، وكان من ضمن الأفكار، تطوير جزيرة فيلكا.

• كيف تصف السياسة الخارجية الكويتية؟

- لدى اليونان والكويت قيم مشتركة، ولديهما نفس الاهتمام بشأن الاستقرار العالمي والأمني والقانون الدولي وحماية البيئة. وللكويت تقليد في سياستها: الحيادية والوساطة... وهذا سر نجاحها في سياستها الخارجية على مرّ السنين، وقد لمسنا وساطتها الرائعة في المصالحة الخليجية ـ الخليجية والتي تجسّدت في «قمة العلا» بالسعودية، حيث لعبت دوراً مهماً للغاية في هذه المصالحة.

أما فيما يتعلّق بالمساعدات الإنسانية، فالعالم كله يجمع على السمعة الرائعة التي تتمتع بها الكويت في هذا المجال، وكم هو سجل الكويت حافلاً بمدّ يد العون لأي بلد بحاجة إلى مساعدة. وأنا متأثّر جداً لأنه في أي مكان تقع كارثة من أي نوع، نرى سمو الأمير وسمو ولي عهده يرسلان المساعدات الطارئة بشكل فوري.

ولا أنسى أنه خلال الحرائق التي نشبت في غابات اليونان منذ سنتين، أرسلت الكويت بشكل فوري نحو 100 إطفائي ومروحيتين للمساهمة في إخماد هذه الحرائق، وكانت مساهمة لا تنسى.

الاهتمام بالكويت

• ما هي رسالتك الأخيرة للكويتيين؟

- رسالتي الأخيرة للكويتيين الاهتمام ببلدكم أكثر والاستثمار في الكويت أكثر. لأنني قرأت في الصحف المحلية، وسمعت من رجال أعمال كويتيين، بأن معظم الاستثمارات الكويتية موجودة في كل أنحاء العالم أكثر بكثير مما هي عليه في الكويت. وأدعوهم إلى الاهتمام أكثر ببلدهم، مع يقيني بأن الكويتيين يحبّون بلدهم جداً.

ولكن إذا قارنت اليوم الكويت بدول خليجية أخرى، فسترى أن هناك فرقاً بينها وبينهم، رغم أن شعوب هذه المنطقة متشابهة، ورغم غنى الكويت بسبب الموارد الكبيرة التي تتمتع بها.

وإذا عدنا سنوات إلى الوراء، كانت معظم الدول الخليجية متأخرة بشكل كبير بالتطوّر مقارنة مع الكويت.

لذلك، أدعو الكويتيين إلى الاسثمار أكثر ببلدهم، بهدف تطويرها وإعادتها إلى المقدّمة كما كانت سابقاً وجعلها على مستوى بقية دول الخليج نفسه.

رسالتي الأخرى، هي دعوة الكويتيين إلى السياحة في اليونان، وشراء عقارات.