توافق الحكومة والبرلمان يدعم الإصلاحات الاقتصادية
• «ميد»: نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي 4% في 2022
بعد أن شهدت انتعاشاً كبيراً في اقتصادها في عام 2022، مع ارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 8.2 في المئة، وفقاً لصندوق النقد الدولي، تباطأ نمو الكويت اسمياً إلى 0.1 في المئة في عام 2023. ومع ذلك، فإن هذا الانخفاض على الورق، إذ إن تراجع إنتاج البلاد من النفط يفوق أي تأرجح كبير في مصيرها الاقتصادي.
وبحسب «ميد» وسط تخفيضات الإنتاج المفاجئة من قبل منتجي «أوبك +» في أبريل 2023، أعلنت الكويت عن خفض قدره 128 ألف برميل يومياً، أي ما يعادل حوالي 10 في المئة من إجمالي التخفيضات للمجموعة البالغة 1.15 مليون برميل يومياً ونحو 5 في المئة من إنتاج الكويت.
وفي شهري مايو ويونيو، ضخّت الكويت 2.55 مليون برميل يومياً من النفط الخام، انخفاضاً من 2.65 مليون برميل يومياً في أبريل. وبالنسبة لعام 2024، تبلغ حصة الدولة 2.676 مليون برميل يومياً. ومن الطبيعي أن يكون لهذا الحد من الصادرات الأولية للبلاد تأثير كبير على النمو الرئيسي، ولكن بالنظر إلى عام 2024، من المتوقع أن ينتعش معدل النمو إلى 2.7 في المئة.
وأضافت ميد: لابد أن تعمل حالة عدم اليقين التي تحيط بمثل هذه السيناريوهات على التعجيل بالإصلاحات المالية والهيكلية المنتظرة. والأمل هو أن البرلمان والحكومة الكويتيين الجديدين قد يعنيان أن حل الجمود السياسي أصبح في الأفق، مما يوفر الطريق إلى الإصلاحات المالية والهيكلية التي تحتاجها البلاد.
وقالت: يشعر قادة الأعمال الكويتيون بتفاؤل حذر بأن حكومة 2023 هذه يمكن أن تكون هي الحكومة التي ستكسر الجمود السياسي بين الحكومة والبرلمان وتعيد ضبط حلقة الاستقالات المتتالية وإعادة التعيينات والانتخابات التي حالت في الآونة الأخيرة دون أي تقدم في الإصلاح.
العائد غير النفطي
خلف التقلبات في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الرئيسي للكويت بسبب إنتاج النفط وأسعاره، تواصل البلاد التمتع بطلب محلي قوي ونمو قوي غير نفطي، مع نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 4 في المئة في عام 2022 وتوقعات نمو بنسبة 3.8 في المئة في عام 2023، بحسب صندوق النقد الدولي.
وفي الوقت نفسه، يتوقع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد غير النفطي في الكويت بنسبة 4.4 في المئة في عام 2023.
بلغ الفائض المالي للكويت ما يقدر بنحو 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 23/2022، على الرغم من أنه من المتوقع أن يختفي هذا الفائض في 2023/2024 بعد موافقة الحكومة الكويتية على ميزانية توسعية بتخصيص إنفاق قدره 26.3 مليار دينار كويتي (85.5 مليار دولار)) للفترة المالية الحالية – أكبر بأكثر من 12 في المئة من ميزانية الإنفاق البالغة 23.5 مليار دينار لعام 2022/2023.
وإذا تم إنفاقها في نهاية المطاف، فإن النفقات المخصصة الأعلى بكثير من شأنها أن تزيد من تحفيز الاقتصاد غير النفطي. وتتوقع الميزانية، التي تمت الموافقة عليها في 2 أغسطس قبل العطلة الصيفية البرلمانية، عجزاً مالياً قدره 6.8 مليارات دينار.
يأتي ذلك بعد أن حققت الكويت أول فائض في ميزانيتها منذ تسع سنوات في 2022/23. وتعتمد الموازنة الحالية على متوسط سعر مفترض للنفط يبلغ 70 دولاراً للبرميل، مع إيرادات حكومية تقدر بنحو 19.5 مليار دينار، منها 17.2 ملياراً من إيرادات النفط.
ويشعر قادة الأعمال الكويتيون بتفاؤل حذر بأن حكومة 2023 هذه يمكن أن تكون الحكومة التي ستكسر الجمود السياسي.
عدم اليقين
وبالنظر إلى المستقبل، تظل تقلبات أسعار النفط تشكل التهديد الرئيسي للاقتصاد الكويتي المعتمد على النفط. على الرغم من ذلك، تم وضع ميزانية 24/2023 بشكل متحفظ من حيث افتراضات أسعار النفط، بما يتماشى بشكل عام مع افتراضات صندوق النقد الدولي بمتوسط 73.1 دولاراً في عام 2023، و68.9 دولاراً في عام 2024، ومقارنة بالسعر الفوري في يوليو 2023 عند حوالي 80 دولاراً.
وسيكون الأمل هو أن يظل السعر عند مستوى أعلى وأن يتبين أن سعر النفط المدرج في الميزانية احترازي بشكل مفرط. ومع ذلك، أظهر الاقتصاد الصيني علامات الانزلاق مرة أخرى في يوليو، مع انخفاض الواردات والصادرات ــ وهي علامة مثيرة للقلق بالنسبة للتجارة العالمية وأسعار السلع الأساسية.
في منتصف أغسطس، خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب على النفط لعام 2024 إلى مليون برميل يومياً في عام 2024، بانخفاض 150 ألف برميل يومياً عن توقعاتها السابقة، مشيرة إلى مزيج من أسعار الفائدة المرتفعة، وضيق الائتمان، وتباطؤ التصنيع. والتجارة.
متطلبات الإصلاح
وتشمل التدابير المالية التي حددها صندوق النقد الدولي كأولويات الحاجة إلى ترشيد فاتورة أجور القطاع العام في الكويت والإلغاء التدريجي لدعم الطاقة، إلى جانب إدخال ضريبة القيمة المضافة التي طال انتظارها وتوسيع قاعدة ضريبة دخل الشركات في البلاد.
وتشمل الإصلاحات الهيكلية التي تمت الدعوة إليها إصلاحات سوق العمل، وتعزيز المنافسة، والتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره. وسيكون تفعيل بعض هذه الإصلاحات على الأقل أمراً حاسماً للاستمرارية المالية والاقتصادية للكويت على المدى المتوسط إلى الطويل، حيث يؤدي كل تأخير إلى زيادة صعوبة معالجة بنود مثل فاتورة أجور القطاع العام.
وعلى المدى القصير، تستطيع الكويت أن تواصل ضخ النفط، ففي يونيو، قال الرئيس التنفيذي لشركة نفط الكويت أحمد جابر العيدان، إن الطاقة الإنتاجية للنفط في البلاد ستصل إلى 3 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2025. وأضاف أن شركة النفط ستنفق 13 مليار دينار (42.5 مليار دولار) على مشاريع النفط على مدار العام. السنوات الخمس المقبلة.
وفي الوقت نفسه، أعلنت الحكومة الكويتية في يوليو أنها تخطط لزيادة طاقتها الإنتاجية من النفط الخام إلى 3.15 ملايين برميل يومياً في غضون أربع سنوات.
ومع ذلك، في مرحلة ما، ستظل الكويت بحاجة إلى إلقاء نظرة طويلة ودقيقة على مواردها المالية المستقبلية. كل الآمال معلقة حالياً على أن تكون حكومة 2023 هي التي تبدأ التحرك في الاتجاه الصحيح.