البرهان يستهل أولى جولاته الخارجية بلقاء السيسي
• أنباء عن نقل مقر إقامة قائد الجيش إلى عطبرة واتخاذ بورتسودان عاصمة مؤقتة
في أول زيارة خارجية له منذ اندلاع المواجهات بين قوات الجيش النظامي وقوات «الدعم السريع» التي يقودها محمد حمدان دقلو «حميدتي»، منتصف أبريل الماضي، كشف مصدر دبلوماسي مصري أن رئيس المجلس السيادي الانتقالي السوداني عبدالفتاح البرهان، وصل إلى مدينة العلمين الجديدة، أمس، للقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في مستهل جولة تقوده إلى السعودية.
واستقبل البرهان في مطار العلمين بمراسم رسمية، وفقاً للبروتوكول المعمول به في استقبال قادة ورؤساء الدول، حيث استقبله بالمطار الرئيس المصري.
حرب السودان قد تدفع المنطقة بأكملها إلى كارثة الأمم المتحدة
وأوضح الدبلوماسي المصري، أن البرهان سيتوجه عقب انتهاء محادثاته مع السيسي من العلمين الجديدة مباشرة إلى السعودية، لافتاً إلى أنّ من المقرر أن يتوجه إلى الإمارات عقب زيارة المملكة.
وقال إن القاهرة استطاعت أخيراً فرض نفسها كطرف فاعل في الأزمة السودانية، رغم محاولات التجاهل، سواء من الأطراف الغربية والإدارة الأميركية، وكذلك من بعض الأطراف العربية في بادئ الأمر، مضيفاً أن «المساعي المصرية في عقد قمة دول الجوار في القاهرة، وما تبعها من اجتماع وزراء خارجية المجموعة في تشاد، حافظ لمصر على موضع قدم، يحمي مصالحها، ويعزز دورها باعتبارها دولة جوار ومعنيّة بالدرجة الأولى بكل ما يحدث في الخرطوم».
واعتبر الدبلوماسي المصري كون القاهرة أولى محطات البرهان الخارجية بمنزلة «نجاح للرؤية المصرية الجديدة تجاه السودان».
العاصمة المؤقتة
وتأتي أول جولة خارجية للبرهان بعد ظهوره الخميس الماضي وهو يتجول في قاعدتين عسكريتين في أم درمان غرب الخرطوم وفي عطبرة بولاية نهر النيل شمال العاصمة، في واقعة وصفت بالأولى منذ بدء الحرب. وأمس الأول، تحدثت مصادر متطابقة عن تحويل رئيس مجلس السيادة مقر إقامته الدائم إلى مدينة عطبرة، وقالت إنه سيزور مدينة بورتسودان بوصفها «العاصمة الإدارية المؤقتة» لحين انتهاء اشتباكات الخرطوم.
وبعد أن تداول نشطاء صوراً للبرهان مع مدنيين يجلسون عند إحدى بائعات القهوة والشاي في أم درمان، صباح الخميس، وصف مصطفى إبراهيم، مستشار قائد قوات الدعم السريع التي تزعم أنها تحاصر القيادة العامة للجيش بالخرطوم، حيث المقر الدائم لرئيس مجلس السيادة الأمر بأنه بمنزلة «هروب القائد من الميدان».
حكومة طوارئ
في غضون ذلك، أفادت تقارير بأن البرهان بدأ مشاورات مع قادة سياسيين وعسكريين لتشكيل «حكومة طوارئ»، على الرغم من تفاقم حدة القتال والأزمة الإنسانية التي يعيشها البلد.
وحذّرت قوى إعلان «الحرية والتغيير»، من أن تشكيل تلك الحكومة سيؤدي إلى إطالة أمد الحرب، والاستمرار في «نهب المال العام».
وقال المتحدث باسم القوى المدنية بـ «المجلس المركزي»، ياسر عرمان، إن ما وصفه بـ «حكومة أونلاين»، لا مكان لها على الأرض، وفكرة لم تحدث في تاريخ العالم الحديث.
وأضاف عرمان أن فكرة «حكومة البحر والنهر» تضرّ بوحدة السودان، مشيراً إلى أن تشكيل حكومة تصريف أعمال في بورتسودان، سيؤدي إلى إطالة أمد النزاع.
وأشارت مصادر متطابقة إلى أن «وزير المالية الحالي ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم هو الأوفر حظاً لتولي منصب رئاسة مجلس الوزراء».
وتولى عبدالله حمدوك رئاسة آخر حكومة للسودان خلال مرحلة الانتقال المضطربة إلى الحكم المدني، قبل الإطاحة به واحتجازه في أكتوبر 2021، وعلى الرغم من إعادته إلى منصبه بعد ذلك، فإنه استقال في يناير 2022، قائلاً إنه «حاول إيجاد توافقات لكنه فشل»، كما أشار إلى أن البلاد تمرّ بمنعطف خطير قد يهدد بقاءها.
استعار المواجهات
في هذه الأثناء، أكد شهود عيان استعار المواجهات بين طرفي النزاع في العاصمة السودانية، رغم الدعوات المحلية والدولية للتهدئة ووقف المعارك.
وذكر شهود أن طائرات مسيّرة تابعة للجيش، استهدفت مواقع تمركز لـ «الدعم السريع» في مناطق الدروشاب والسامراب والحلفايا، في شمال الخرطوم بحري.
وقصف الجيش عبر مدفعيته الثقيلة، مواقع «الدعم السريع» بحي النهضة وجنوب الحزام بالخرطوم، ووسط مدينة أم درمان، مع سماع أصوات إطلاق متقطع وتحليق لمقاتلات عسكرية. وفي وقت سابق، اتهم الجيش قوات حميدتي بـ «القصف العشوائي على منازل المواطنين» بمنطقة أمبدة في أم درمان، مما أسفر عن مقتل 7 مدنيين.
وقال إنه تصدى لهجوم جديدة على سلاح المدرعات، مؤكداً «تكبيدها خسائر كبيرة».
ومنذ 15 أبريل، تدور معارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، أسفرت حتى الآن عن مقتل نحو 5 آلاف شخص وتشريد أكثر 4.6 ملايين، سواء داخل البلاد أو خارجها.
أزمة إنسانية
من جانب آخر، حذّر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، من أن النزاع الذي طال أمده في السودان، يمكن أن يدفع المنطقة بأكملها إلى «كارثة إنسانية».
وقال غريفيث، إن الحرب «تغذي حالة طوارئ إنسانية ذات أبعاد جسيمة، إذ إن هذا النزاع المرير وما خلّفه من جوع ومرض ونزوح يهدد الآن بإغراق البلاد بأكملها».