«الوطني»: توسع «بريكس» يثير إمكانية تهديد هيمنة الدولار
• ملاحظات باول بندوة جاكسون هول تزيد إمكانية مواصلة رفع سعر الفائدة في حالة استمرار ضغوط الأسعار
في الأسبوع الماضي، أعلنت مجموعة بريكس دعوتها ست دول للانضمام إليها في قمتها المنعقدة في جوهانسبرغ، معظمها من الشرق الأوسط، وكانت المجموعة تشكلت في الأساس عام 2009، وتضم حينها الهند وروسيا والبرازيل والصين، ثم توسعت لأول مرة لتشمل جنوب إفريقيا عام 2010. ومؤخراً، توسعت المجموعة بشكل كبير من خلال دعوة الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات للانضمام إليها بداية من العام المقبل، ويأتي هذا التوسع في وقت تتصاعد التوترات بين روسيا والصين مع الغرب.
وقام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتهنئة أعضاء مجموعة بريكس الجدد، وقال: «أود أن أؤكد لجميع زملائنا أننا سنواصل العمل الذي بدأناه اليوم بشأن توسيع نفوذ المجموعة في العالم»، ووصف الرئيس الصيني شي جين بينغ توسع الكتلة بأنه حدث «تاريخي»، وهو ما يعكس تصميمها على «الاتحاد والتعاون مع الدول النامية».
وفي السعودية، أضاف وزير الخارجية أن الكتلة «أثبتت أنها إحدى القنوات المفيدة والهامة لتعزيز التعاون الاقتصادي مع دول ما يسمى الجنوب». وقال فيصل بن فرحان، أمام مؤتمر بريكس في وقت سابق من يوم الخميس، إن المملكة ستظل «مزودا آمنا وموثوقا للطاقة»، مضيفاً أن إجمالي قيمة التجارة الثنائية بين السعودية ودول مجموعة بريكس تجاوز 160 مليار دولار في عام 2022.
وحسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، يثير توسع الكتلة إمكانية تهديد هيمنة الدولار، وهي العملية التي يتحول فيها الأعضاء تدريجيا إلى استخدام عملات أخرى لإتمام عمليات التبادل التجاري فيما بينها، وعلى الرغم من اتجاه آراء المحللين إلى استبعاد ذلك الأمر، إلا أن دول مجموعة بريكس تتحدث أيضا عن عملة مشتركة.
الولايات المتحدة
في سياق آخر، كان الخطاب المرتقب الذي ألقاه رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول، خلال ندوة جاكسون هول، أشبه بالتصريحات التي أدلى بها العام الماضي، والتي حذر خلالها من أن الاقتصاد قد يعاني من «بعض الألم» عند تخفيض معدلات التضخم مرة أخرى، لكنه هذه المرة وصل معدل التضخم السنوي إلى 3.2% مقابل 8.3% في أغسطس 2022، مما يفسح المجال لتهدئة مخاوف الأسواق.
وقال التقرير إن باول دعا إلى مزيد من الحزم في مكافحة ارتفاع الأسعار، محذرا من أنه قد تكون هناك حاجة إلى مواصلة رفع سعر الفائدة، وعلى الرغم من اعترافه بإحراز تقدم بوتيرة بطيئة وجيدة، فإنه أضاف أن التضخم لا يزال أعلى من المستوى الذي يشعر فيه صناع السياسة النقدية بالارتياح، ولم يقدم سوى مؤشرات محدودة على أن البنك المركزي سيقوم بتيسير سياساته في أي وقت قريب.
وأضاف باول: «على الرغم من أن التضخم قد انخفض من ذروته - وهو تطور مرحب به - إلا أنه لا يزال مرتفعا جدا، ونحن على استعداد لرفع أسعار الفائدة أكثر إذا كان ذلك مناسبا، ونعتزم الحفاظ على السياسة النقدية عند مستوى تقييدي حتى نكون واثقين من أن التضخم يتحرك بشكل مستدام نحو المستوى المستهدف»، كما عارض التكهنات بأن مجلس الاحتياطي الفدرالي قد يرفع المستوى المستهدف للتضخم، وهي الفكرة التي نوقشت بشدة من الأكاديميين في الأشهر الأخيرة، وتابع: «إن نسبة 2% هي مستوى التضخم المستهدف، وستظل كذلك».
ونما الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.4% على أساس سنوي في الربع الثاني من العام، وهي قراءة قوية وغير متوقعة دفعت العديد من الاقتصاديين إلى رفع توقعاتهم للربع الثالث من العام وإعادة النظر في احتمالات الركود، وعلى الرغم من أن البيانات تصب إلى حد كبير في مصلحة الاحتياطي الفدرالي فإن باول أشار إلى أنه من السابق لأوانه إعلان النصر، وقال: «إن القراءات الشهرية المنخفضة للتضخم الأساسي في يونيو ويوليو كانت موضع ترحيب، ولكن شهرين من البيانات الجيدة ليست سوى بداية لما يتطلب الأمر لبناء الثقة بأن التضخم يتحرك نحو المستوى المستهدف بشكل مستدام».
وباختصار، تتوافق التصريحات المرتقبة مع خطاب باول حتى الآن في عام 2023 والتي تؤكد أن التركيز ينصب على استقرار الأسعار، ويظل الاستمرار على نهج التشديد النقدي مطروحاً على الطاولة لإعادة التضخم إلى مستوى 2%.
رد فعل الأسواق
وارتفعت عائدات السندات وتذبذب أداء الأسهم بعد أن أشار باول إلى أن مجلس الاحتياطي الفدرالي سيبقي على سياساته النقدية المتشددة لفترة أطول. وارتفع الدولار الجمعة، إذ أنهى المؤشر تداولات الأسبوع مرتفعاً بنسبة 0.62%، مما دفع اليورو والجنيه الاسترليني للتراجع إلى 1.0804 و1.2577 على التوالي.
من جهة أخرى، ارتفعت عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين وتخطت 5%، بينما أنهت عائدات السندات لأجل عشر سنوات تداولات الأسبوع عند نحو 4.27%، وتتوقع الأسواق الآن على نطاق واسع أن يبقي مجلس الاحتياطي الفدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه المقبل المقرر انعقاده في سبتمبر. وخلال الفترة المقبلة، تنقسم التوقعات بين رفع سعر الفائدة مرة أخرى بمقدار 25 نقطة أساس أو تعليقها في اجتماعات نوفمبر وديسمبر.