وصل سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، والوفد الرسمي المرافق لسموه، إلى المملكة المتحدة أمس، في زيارة رسمية، تلبية للدعوة الموجهة لسموه من رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، حيث يشمل سموه برعايته وحضوره احتفالية مكتب الاستثمار الكويتي في المملكة المتحدة، بمناسبة الذكرى الـ70 لتأسيسه. وكان في مقدمة مستقبلي سموه على أرض المطار الممثل الخاص لوزارة الخارجية البريطانية، السفير ديفيد ماكليود، وسفير الكويت لدى المملكة المتحدة، بدر العوضي، والعضو المنتدب في الهيئة العامة للاستثمار، غانم الغنيمان، وسفيرة المملكة المتحدة لدى الكويت بليندا لويس، والملحق العسكري للمملكة لدى الكويت، بول مولفيني، وأعضاء سفارة الكويت ورؤساء المكاتب الملحقة والفنية المعتمدة في العاصمة البريطانية لندن.
وكان في وداع سموه لدى مغادرته البلاد أمس، رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون، وسمو الشيخ ناصر المحمد، ورئيس ديوان سمو ولي العهد الشيخ أحمد العبدالله، وسمو الشيخ صباح الخالد، ورئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد، والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وزير الدفاع بالإنابة الشيخ طلال الخالد، ووزير شؤون الديوان الأميري الشيخ محمد العبدالله، وكبار المسؤولين بالدولة.ويرافق سموه وفد رسمي يضم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير النفط وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار وزير المالية بالوكالة، د. سعد البراك، ووزير الخارجية الشيخ سالم الصباح، وكبار المسؤولين بالدولة.
علاقات استراتيجية
وبشأن الزيارة، أكد سفير الكويت لدى بريطانيا، بدر العوضي، أن زيارة سمو ولي العهد إلى المملكة المتحدة ستعزز علاقات التعاون الاستراتيجية القائمة بين البلدين الصديقين.
وقال العوضي لـ «كونا»، إن زيارة سمو ولي العهد من شأنها أيضاً «فتح آفاق جديدة للتعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والأمنية والثقافية، بما يعكس واقع العلاقات الاستراتيجية التي تربط بلدنا الحبيب الكويت وقيادته السياسية العليا بالمملكة المتحدة».
وأضاف أن «الزيارة التاريخية والمهمة لسمو ولي العهد - التي تأتي تلبية لدعوة من رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، وسيتفضل فيها سموه ليشمل برعايته وحضوره احتفالية مكتب الاستثمار الكويتي في المملكة المتحدة بمناسبة الذكرى الـ 70 لتأسيسه - تجسّد عمق العلاقات التاريخية والاستراتيجية التي تربط الكويت بالمملكة المتحدة».
التنمية والسلام
وأوضح السفير العوضي، أن الاحتفال بالذكرى الـ 70 لتأسيس مكتب الاستثمار الكويتي هو تجسيد حيّ لحجم العلاقات الاقتصادية التي تربط البلدين الصديقين ومثال واضح يشار إليه بالبَنان كنموذج مشرق للتعاون الاقتصادي بين الدول الهادف للبناء والتنمية والسلام.
وأشاد بالاهتمام الذي توليه الحكومة والقيادة البريطانية باستقبال سمو ولي العهد، وبالعمل يداً بيد مع الجانب الكويتي لتحقيق النتائج العامة والمرجوة من هذه الزيارة التي ستسهم، من دون شكّ، في ترسيخ علاقات التعاون والشراكة الاستراتيجية بين البلدين، والتي ربطتهما خلال الحقب والعقود الماضية، وصولاً إلى مرحلة تاريخية امتدت أكثر من 124 عاماً.
وأكد أن بريطانيا حكومة وشعبا تثمّن عالياً الدور المميز والمهم الذي يؤديه سمو ولي العهد في توثيق أواصر الصداقة والتعاون بين البلدين، لاسيما بعد مشاركة سموه التاريخية في مراسم العزاء التي أقيمت في بريطانيا لوفاة الملكة الراحلة إليزابيث الثانية في أكتوبر الماضي، ومراسم تتويج الملك تشارلز الثالث ملكا للمملكة المتحدة وأيرلندا الشمالية في شهر مايو الماضي.تعزيز التعاون
من جهتها، قالت سفيرة المملكة المتحدة لدى الكويت، بليندا لويس، إن زيارة سمو ولي العهد إلى بريطانيا تسهم في تعزيز آليات العمل المشترك بين البلدين.
وأضافت لويس، في تصريح لـ «كونا» وتلفزيون الكويت، أن الزيارة ستتناول مجالات عدة، أهمها تعزيز آلية العمل المشترك بين البلدين في مجال الأمن السيبراني، إذ يشكّل هذا المجال جانباً مهماً من التعاون الثنائي، إضافة إلى الجانب الثقافي الذي يشكّل تعاوناً على المستويين الحكومي والشعبي.
ونوهت بعمق العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين الصديقين والتي تمتد إلى المجالات الحيوية كافة، مثل الدفاع والاستثمار والأمن السيبراني والتعاون الثقافي وغيرها.
الزيارة الثالثة خلال عام
وأوضحت أن زيارة سمو ولي العهد تعدّ الثالثة لسموه خلال عام واحد، إذ قام سموه، ممثلاً عن صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد، بزيارة في سبتمبر الماضي لتقديم واجب العزاء في وفاة الملكة إليزابيث الثانية، كما زارها سموه مجدداً في مايو الماضي، ممثلاً عن سمو الأمير لحضور مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث ملك المملكة المتحدة.
وأعربت عن سعادتها لحضور سموه مراسم الاحتفال بمرور 70 عاماً على افتتاح مكتب الاستثمار الكويتي في لندن عام 1953، مضيفة أن «المكتب لا يزال يبحث عن فرص جديدة للاستثمار في المملكة المتحدة».
وذكرت أن الكويت تمتلك علاقة جيدة مع بنك إنكلترا المركزي، حيث كان لبعض أعضاء مجلس إدارته دور كبير في تأسيس مكتب الاستثمار الكويتي في لندن، وأسهموا في نموه حتى أصبح يشكّل نسبة كبيرة من الإيرادات.
وأضافت أن العام المقبل سنشهد الاحتفال بـ «عام الصداقة البريطانية - الكويتية» الممتدة منذ 125 عاما بتأسيس العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين، على أن تقام فعاليات ثقافية مصاحبة لهذه المناسبة على المستوى الشعبي.
تصريح السفر الإلكتروني
وبشأن نظام «تصريح السفر الإلكتروني» المقرر العمل به في فبراير المقبل، أفادت السفيرة لويس بأنه سيتيح للمواطنين الكويتيين الاطلاع على الفرص الثقافية والتجارية والرياضية بالمملكة المتحدة في أي وقت.
واستذكرت السفيرة لويس تاريخ الزيارات الرسمية المتبادلة بين البلدين، إذ كان أمير البلاد الراحل الشيخ أحمد الجابر طيّب الله ثراه هو أول من قام من الأسرة الحاكمة بزيارة إلى المملكة المتحدة، وكان يعد أول كويتي - وفق قولها - يزور بريطانيا، وذلك عام 1919 في رحلة شاقة وطويلة عن طريق البحر، مما يعكس المساعي الحثيثة لتعزيز العلاقات وتنميتها.
وتابعت: جاءت رحلة الأمير الراحل إلى المملكة المتحدة لكونه ممثلاً عن حاكم البلاد حينئذ الشيخ سالم المبارك طيّب الله ثراه لتهنئة الملك جورج الخامس بانتصار بريطانيا في الحرب العالمية الأولى، وكان من ضمن وفود عالمية كثيرة توافدت إلى بريطانيا، حيث قام الشيخ أحمد الجابر رحمه الله وقتها بإهداء الملك هدية تذكارية، كانت عبارة عن خيل عربي أصيل أطلق عليه الملك اسم (الشيخ).
الكويت وبريطانيا... علاقات تاريخية على مدار 124 عاماً
محطات وإنجازات تاريخية شهدتها الشراكة والصداقة والعلاقات الثنائية بين الكويت والمملكة المتحدة على مدار أكثر من 124 عاماً منذ اتفاقية الحماية عام 1899 بنيت دعائمها على التعاون في جميع المجالات، لاسيما الأمن والدفاع والاستثمار والثقافة والتعليم.
ولعل مرحلة حكم المغفور له بإذن الله، الشيخ مبارك الصباح، تعتبر البداية الحقيقية للعلاقات الكويتية - البريطانية، عندما استشعر الشيخ مبارك عام 1899 حجم الأطماع الخارجية التي تهدد الكويت، مما دفعه إلى التفكير الجدي بضرورة عقد معاهدة حماية مع بريطانيا في ذلك العام.
وبتلك الاتفاقية دخلت الكويت تحت مظلة حماية الامبراطورية البريطانية التي تعهدت فيها بالدفاع عن الكويت ضد أي خطر خارجي أو عدوان تتعرّض له، فيما أعطت الاتفاقية من الجانب الآخر حريّة التصرف في الشؤون الداخلية للبلاد لحاكم الكويت دون تدخّل من بريطانيا.
واستمرت العلاقات الثنائية في النمو والتقدم بعد ذلك في عهد الشيخ سالم المبارك، ثم في عهد الشيخ أحمد الجابر، الذي ازدهرت في أيامه تلك العلاقات أكثر وترسخت في المجال الاقتصادي بعد اكتشاف النفط بالكويت.
وشهدت العلاقات الثنائية استقراراً طوال العقود الماضية حتى جاء عام 1961 ليبدأ الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم خطوات باتجاه مرحلة جديدة أكثر عدالة وعمقاً في العلاقات بين البلدين، عندما خطا بالكويت الخطوات الأولى نحو الاستقلال.
وكانت أولى هذه الخطوات في 19 يونيو 1961 عندما أعلن الشيخ عبدالله السالم استقلال الكويت وإلغاء معاهدة 1899 مع بريطانيا، لكن رغم ذلك استمرت الحكومة البريطانية في مساعدة الكويت بالدفاع عن سلامة أراضيها من الأطماع الخارجية، فأرسلت قواتها العسكرية إلى الكويت حين كانت تتهددها الأطماع العراقية.
علامة فارقة
وشكلت تلك الأزمة والتعاطي الكويتي البريطاني معها علامة فارقة في العلاقات بين الدولتين الصديقتين بأن رسّختها وزادت عمقها، وفتحت أمام الدولتين آفاقاً جديدة في التعامل، خصوصاً على المستويات العسكرية والسياسية والاقتصادية.
وحينما حدثت كارثة الغزو العراقي للكويت عام 1990 شكّلت المملكة المتحدة الحليف الأول للولايات المتحدة الأميركية في موقفها الرافض للعدوان العراقي وفي تحركها العسكري نحو تحرير الكويت.
وعلى مستوى التعاون التجاري بين البلدين الصديقين، يسعى الطرفان إلى اتفاق استكمال آليات التعاون الناشئة من خلال مجموعة التوجيه لتوثيق العلاقات والشراكات الاقتصادية والتجارية عبر تشجيع الاستثمار في القطاعات الحيوية، واستكشاف الفرص التجارية الواعدة ورفع معدلات التبادل التجاري وتبادل الخبرات.
7014 طالباً مبتعثاً
وهناك تعاون مستمر على الصعيد العلمي والثقافي في مجال البحوث والمعارض والفعاليات الثقافية، فيما يمثّل عدد الطلبة الكويتيين المبتعثين للدراسة في بريطانيا دليلاً على العلاقات الثقافية المتجذرة بين البلدين، إذ بلغ خلال العام الدراسي 2022/ 2023 نحو 7014 طالباً مبتعثاً، فيما يدرس 1500 طالب على نفقتهم الخاصة.
وتجسدت روابط الصداقة التاريخية بين البلدين الصديقين حتى شملت المجال الإنساني والتسامح الديني، إذ افتتحت في 20 مارس الماضي 4 مراكز إسلامية في بريطانيا، بدعم سخيّ من محسني الكويت، وساهمت فيها الأمانة العامة للأوقاف بالكويت.