عصفت أزمة حادة بحكومة الوحدة الليبية اضطر على أثرها رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة لإقالة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش بعدما كشف نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين، ليل الأحد ـ الاثنين، عن عقده لقاء رسمياً سرياً معها في روما بوساطة إيطالية.
وأكد الدبيبة إقالة الوزيرة خلال مشاركته في وقفة تضامنية أمام مقر السفارة الفلسطينية بالعاصمة الليبية، أمس، بعد ساعات من اقتحام محتجين غاضبين لمقر وزارة الخارجية ومحاصرة تظاهرات أخرى لمقر مجلس الوزراء وسط طرابلس عقب نشر وزارة الخارجية الإسرائيلية تفاصيل عن لقاء روما الذي تم الأسبوع الماضي.
وجاءت خطوة رئيس الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة وقوى غربية لاحتواء غضب الشارع، في حين نقلت وكالة أسوشييتد برس عن مصادر أنه «أعطى موافقة مبدئية على الانضمام إلى اتفاقيات السلام مع إسرائيل».
وبالتزامن مع أنباء غير مؤكدة عن تمكن المنقوش من مغادرة طرابلس باتجاه تركيا قبيل صدور تعميم بمنعها من السفر وتحويلها للتحقيق، اتهم مكتب وزيرة الخارجية رئيس الحكومة بـ «الغدر».
وقال المكتب إن الدبيبة طلب من المنقوش إصدار بيان تؤكد فيه أن اللقاء تم مصادفة وبشكل عرَضي، ولم يتضمن أي مباحثات أو اتفاقات، لكي يضمن «عدم فضحها له»، لكنّه أوقفها بعد إصدارها البيان.
وأكد أن «اللقاء مع كوهين كان بإذن من رئيس الوزراء وطلبه، وجاء بعد أن اجتمع الأخير في روما مع رئيسة حكومة إيطاليا، جورجا ميلوني، في يوليو الماضي، واتفق معها على ترتيب الاجتماع مع الإسرائيليين مقابل تشغيل خط روما ــ طرابلس الجوي».
وشدد على أن المنقوش تملك أوراقاً كثيرة، ولن تسمح بأن تكون «كبش فداء».
على الجانب الآخر، كشف مسؤول إسرائيلي لوكالة رويترز، أن اجتماع روما تم الاتفاق عليه مسبقاً على أعلى المستويات في ليبيا، واستمر ساعتين تقريباً، لافتاً إلى أن «رئيس الوزراء الليبي يرى أن إسرائيل يمكن أن تشكّل جسراً لتطوير العلاقات مع الغرب والإدارة الأميركية».
لكن أوساطاً إسرائيلية سياسية ومعارضة وجهت سهام النقد لكشف الوزير اللقاء السري، محذرة من أن الخطوة تضر بشكل خطير بمستقبل تقريب قادة العالم العربي من الدولة العبرية. ودعا وزير الدفاع السابق، بيني غانتس، إلى إنهاء حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد تداعيات التسريب الذي أضر بسياسة إسرائيل الخارجية وبالوزيرة الليبية.
ويأتي أول تحرك علني من قبل سلطات غرب ليبيا باتجاه الدولة العبرية بعد نحو عامين على تقارير عن نقل صدام (نجل المشير خليفة حفتر) المسيطر على شرق البلد رسالة من والده إلى تل أبيب تعرض إقامة علاقات مستقبلية مقابل تأييد خوضه انتخابات الرئاسة التي تسعى الأمم المتحدة لتنظيمها بهدف توحيد سلطات ليبيا.
وفي تفاصيل الخبر:
تسبب كشف وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، ليل الأحد ـ الاثنين، عن عقده لقاء رسمياً سرّياً مع نظيرته الليبية، نجلاء المنقوش، في روما بوساطة إيطالية، في أزمة داخل حكومة الوحدة الوطنية المتمركزة في العاصمة طرابلس بزعامة عبدالحميد الدبيبة، الذي سارع إلى إعلان وقف الوزيرة مؤقتاً وإحالتها إلى التحقيق، قبل أن يعلن إقالتها أمس.
ونقلت وكالة أنباء العالم العربي الليبية، عن مصدر حكومي، أن الدبيبة أقال الوزيرة على خلفية لقائها نظيرها الإسرائيلي الأسبوع الماضي، رغم عدم اعتراف طرابلس بالدولة العبرية.
وفي حين أكد الدبيبة خلال مشاركته في وقفة أمام مقر السفارة الفلسطينية بالعاصمة الليبية إقالة الوزيرة، نقلت وكالة أسوشيتد برس عن مصادر أنه «أعطى موافقة مبدئية على الانضمام إلى اتفاقيات السلام مع إسرائيل».
غدر وتضارب
في المقابل، اتهم مكتب وزيرة الخارجية رئيس الحكومة بـ «الغدر»، وقال إن الدبيبة طلب من المنقوش إصدار بيان تؤكد فيه أن اللقاء تم مصادفة وبشكل عرَضي، ولم يتضمن أي مباحثات أو اتفاقات، لكي يضمن «عدم فضحها له»، لكنّه أوقفها بعد إصدارها البيان. وأكد مكتب الوزيرة أن «اللقاء مع وزير الخارجية الإسرائيلي كان بإذن من رئيس الوزراء، وجاء بعد أن اجتمع الأخير في روما مع رئيسة حكومة إيطاليا، جورجا ميلوني، خلال يوليو الماضي، واتفق معها على ترتيب اللقاء مع الإسرائيليين».
وأشار المكتب إلى أن الحكومة الإيطالية وعدت الدبيبة بتشغيل خط روما - طرابلس الجوي، مطلع سبتمبر المقبل، مقابل عقد اللقاء مع الإسرائيليين.
وشدد المكتب على أن المنقوش تملك أوراقاً كثيرة، ولن تسمح بأن تكون «كبش فداء» في موضوع نفّذته بطلب من الدبيبة.
وفي وقت تحدثت مصادر عن إدراج السلطات الليبية المنقوش ضمن قائمة الممنوعين من السفر، أفادت تقارير بأن الوزيرة المُقالة غادرت طرابلس عبر مطار معيتيقة الدولي، متجهة إلى تركيا.
من جانب آخر، فرضت القوات الأمنية طوقاً أمنياً بمحيط مقر وزارة الخارجية وسط طرابلس، بعد محاصرته من محتجين غاضبين وإحداث أضرار مادية بمحيطه. كما خرجت تظاهرات أخرى بمناطق متفرقة في غرب ليبيا الخاضع لسيطرة حكومة الوحدة.
كواليس اللقاء
في غضون ذلك، كشف مسؤول إسرائيلي لوكالة رويترز، أمس، أن اجتماع كوهين والمنقوش تم الاتفاق عليه مسبقاً على أعلى المستويات في ليبيا، واستمر ساعتين تقريباً، وتابع أن «رئيس الوزراء الليبي يرى أن إسرائيل يمكن أن تشكّل جسراً لتطوير العلاقات مع الغرب والإدارة الأميركية».
وفي وقت سابق، نقلت «الخارجية» الإسرائيلية - في بيانها - عن الوزير إيلي كوهين قوله إنه «تحدث مع وزيرة الخارجية الليبية عن الإمكانات الكبيرة للعلاقات بين البلدين، فضلا عن أهمية الحفاظ على تراث اليهود الليبيين، بما يشمل تجديد المعابد والمقابر اليهودية في البلاد».
تسريب وأزمة
وفي سياق متصل بردود الفعل، نقلت «القناة 12» العبرية عن مسؤولين بوزارة الخارجية الإسرائيلية قولهم إن تسريب خبر الاجتماع السري يُعدّ انتهاكاً للقواعد الدبلوماسية الأساسية، وقد تضررت مصداقية إسرائيل بشكل خطير، وعلّقت: «هذا الأمر سيناريو يعيدنا إلى الوراء بشكل كبير».
وبينت المصادر ذاتها أن «الخارجية» الإسرائيلية قررت الإعلان عن مقابلة وزير الخارجية الإسرائيلي بنظيرته الليبية، لأن صحفييْن إسرائيلييْن وصلا إلى المعلومة، لافتة إلى أن أحدهما كانت لديه معلومات محددة للغاية، أما الآخر فكانت له معلومات أقل واقعية عن اللقاء.
وأشارت إلى أن «الخارجية» الإسرائيلية أرسلت الإعلان إلى الجانب الليبي قبل نشره، لأن الصحافيين على علم بالاجتماع.
من جانبهم، قال مسؤولون حكوميون إسرائيليون إن ما قام به كوهين من تسريب للاجتماع تسبب في أضرار سياسية خطيرة لإسرائيل من شأنها أن تمنع القادة في العالم العربي من الاقتراب منها. واعتبر المسؤولون أن تسريب كوهين للاجتماع «سلوك غير مسؤول لسياسي هاوٍ يسعى إلى الشهرة ومستعد للتضحية بمصلحة البلد من أجل مصلحته السياسية الخاصة»، لافتين إلى أنه ألحق ضرراً شخصياً هائلا للوزيرة الليبية.
وهاجمت المعارضة الإسرائيلية، أمس، كوهين على خلفية تسريبه للقاء روما.
وقال زعيم المعارضة يائير لابيد عبر منصة إكس: «دول العالم تتابع هذا الصباح التسريب غير المسؤول لاجتماع وزير الخارجية الإسرائيلي ونظيرته الليبية، وتتساءل: هل هذه دولة يمكننا أن نقيم معها علاقات خارجية؟ هل هذه دولة يمكنك الوثوق بها؟». ووصف لابيد الأمر بأنه فشل خطير في الحكم.
من جانبه، دعا وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، بيني غانتس، إلى إنهاء حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد تداعيات تسريب لقاء كوهين مع المنقوش.
يشار إلى أنه في مطلع العام الماضي ظهرت تقارير عن هبوط طائرة للمشير خليفة حفتر المسيطر على شرق ليبيا في مطار بن غوريون الإسرائيلي، في خطوة غير معلنة جاءت بعد تقرير لصحيفة هارتس العبرية أن نجله صدام أجرى زيارة خاطفة إلى تل أبيب لنقل رسالة من والده تهدف إلى بحث إقامة علاقات دبلوماسية مستقبلية، مقابل تأييد ترشّحه في الانتخابات الرئاسية الليبية التي تسعى الأمم المتحدة إلى تنظيمها بهدف توحيد السلطات المتنافسية في شرق ليبيا وغربها.