ضعوا أعينكم على موقع لونا الشبل مستشارة الرئيس بشار الأسد الإعلامية وما تحظى به من مكانة لدى الروس وقيادتهم في حميميم وكذلك السلطة السورية نظراً لانتمائها إلى الطائفة الدرزية الكريمة والدور الذي ستقوم به، وإذا ضيعتم البوصلة فالأقرب إلى السلطة من أبناء هذه الطائفة هو وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية عزام منصور.

هذه النوافذ تعني أن من فتح الجبهة الدرزية لا يعي مدى التداخل والتشابك الحاصل بين السلطة السورية وبين هذه الطائفة وعلى كل المستويات.

Ad

خبير لبناني بالشأن السوري جلس في منتدى حوار مغلق، وراح يتحدث عن الخريطة الجغرافية للدولة الدرزية، أفصح وبما يملك من معلومات دقيقة ومتابعة أن الرئيس الأسد لن يدخل في مواجهة مسلحة مع الدروز في محافظة السويداء، بل حتى كتابة هذا المقال، التزم الجيش والأمن وقيادات حزب البعث الحياد والتراجع إلى الخلف في المحافظة حتى لا يرتكب أخطاء درعا، يوم اشتعلت ثورة 2011 ونزل الناس إلى الشوارع احتجاجاً على القمع الذي تمارسه السلطة وكانت بداية ثورة ربيع سورية.

اليوم خرج «عقلاء» الطائفة الدرزية، أي رجال الدين كما شرح الخبير بالشأن السوري، وأعلنوا صراحة أنهم مع مطالب الشعب الذي وصلت أحواله إلى حد الكارثة على المستوى المعيشي والخدمي، لكنه يعلن «نحن جزء من الدولة السورية الأم».

ما يدور خلف الكواليس خلاف ما يخرج على شاشات التلفزيون والمواقع الإلكترونية والصحافة المكتوبة، يبدو وبحسب تلك القراءات أن الملف الساخن في السويداء لن يكون بعيداً عن الدور الروسي وتحت غطاء الفيلق الخامس التابع للجيش السوري، لكنه عملياً أداة بيد قيادة قاعدة «حميميم الروسية»، وهذا ما حصل في محافظة درعا، عندما رَعتْ القوات الروسية المصالحة وسيّرتْ دوريات لحماية المعارضة واستطاعت أن توفر الحماية والطمأنينة للسلطة ولخصومها وما زالت.

عندما تضعف الدولة المركزية وتتآكل تتجه الأنظار إلى الأقليات للنفخ بها واستمالة الغرب لحمايتها واللعب بها، لذلك تخرج سيناريوهات التقسيم، اليوم «دولة درزية» وغداً إلى العلن «دولة إسلامية» تنطلق من إدلب، ثم دولة «علوية» وأخرى «سنية»، وتلك مخططات يجري الترويج لها، بهدف تفتيت الكيان والدولة السورية، وهناك ماكينات دعائية تعمل على مدار الساعة للترويج إلى هذه اللعبة القذرة.

ينسجون حول رفع العلم الدرزي الحكايات والأساطير كونه يرفع لأول مرة في هذه المنطقة، وهو ذو الألوان الخمسة وبأبعاده الجغرافية المترامية الأطراف، ثم يشطحون لرسم الخريطة القادمة والممتدة عبر الأردن منطقة «الأزرق» وفلسطين المحتلة ولبنان.

هل السويداء وحدها في المواجهة؟ بالطبع لا، فهناك غضب وغليان لا حدود له على تردي الوضع الاقتصادي في كل المحافظات، فهل ما يتم هو تحضير لما بات يعرف بالإدارة الذاتية على غرار وضع الأكراد المنضوين تحت الحماية الأميركية؟ وهل ما زالت السلطة السورية متوجسة من الانفتاح على محيطها العربي والخليجي، وبالتالي تعثرت محاولة إعادتها إلى حضنها الطبيعي، أم أنها تتلكأ بتقديم تنازلات من شأنها إبعادها عن الاستقطاب الإيراني؟

انتفاضة السويداء ليست حدثاً عابراً بل هي تعبير عن كارثة اقتصادية تضرب في العمق حياة المواطنين أولاً، ومافيات الفساد التي تتاجر بحياة الناس والمحمية من السلطة وسط ظروف قاهرة، وكذلك هي محطة مفصلية لاختبار قدرة السلطة على الإمساك بهذا الإقليم وما يشكله من أهمية في إبقاء هذه المجموعة ضمن النسيج الاجتماعي لكيان الدولة.