تحت رعاية وحضور سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد أقيمت، عصر أمس، احتفالية بمناسبة مرور 70 عاماً على تأسيس مكتب الاستثمار الكويتي في لندن، وذلك في لانكستر هاوس بالعاصمة البريطانية لندن.
ووصل سموه إلى مكان الحفل، واستقبل بكل حفاوة وترحيب من نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير النفط ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار ووزير المالية بالوكالة د. سعد البراك، والعضو المنتدب للهيئة العامة للاستثمار غانم الغنيمان، والمدير العام لهيئة تشجيع الاستثمار المباشر الشيخ د. مشعل الجابر، وأعضاء مجلس إدارة الهيئة العامة الاستثمار الكويتي.
وتم تقديم شرح لسموه عن مسيرة تاريخ الاستثمارات الكويتية من خلال عرض الصور التاريخية بهذه المناسبة من قبل الهيئة العامة للاستثمار.
بعدها تفضل سموه بلقاء الجانب البريطاني المشارك بهذه الاحتفالية، كل من وزير الخزانة جيرمي هانت، ووزير الاستثمار البريطاني اللورد دومينيك جونسون، وسفيرة المملكة المتحدة لدى دولة الكويت بليندا لويس، وعمدة الحي المالي لمدينة لندن ألديرمان نيكولاس ليونز، وكبير مستشاري وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المارشال الجوي مارتن سامبسون، ومدير إدارة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية والتنمية وشؤون الكومنولث البريطانية ستيفان هيكي، والمبعوث التجاري الخاص لرئيس الوزراء البريطاني إلى الكويت البارونة باتريشيا موريس. ثم تفضل سموه بالدخول إلى القاعة الرئيسية إيذاناً ببدء الحفل.
الموطن الثاني للاستثمارات
وألقى العضو المنتدب للهيئة العامة للاستثمار غانم الغنيمان كلمة في المناسبة ثمن فيها الرعاية السامية للمناسبة بحضور سمو ولي العهد.
وقال الغنيمان «بشعور كبير من الفخر والاعتزاز بما تم تحقيقه من إنجازات على الصعيد الاستثماري في مكتب الاستثمار الكويتي هنا في العاصمة البريطانية لندن، نحتفل اليوم بالذكرى السبعين لتأسيس المكتب، والذي كان له علامة بارزة بتأصيل أطر الشراكة بين دولة الكويت والمملكة المتحدة».
وأضاف «منذ تأسيس المكتب في عام 1953 إلى يومنا هذا تعتبر المملكة المتحدة الموطن الثاني والمهم لاستثمارات الهيئة العامة للاستثمار. فقد شهدت تلك الاستثمارات نمواً طردياً على مر العقود السابقة، فالمملكة المتحدة تتمتع بالكثير من المزايا التي مكنتها لأن تكون المركز المالي المهم والرئيسي بالعالم، فهي تمتلك بيئة قانونية وتشريعية راسخة، ونظاماً سياسياً مستقراً ووجهة مشجعة على الاستثمار، حيث أدى ذلك إلى قيام الهيئة العامة للاستثمار بزيادة قيمة استثماراتها حتى أصبح مكتب الاستثمار الكويتي في لندن الذراع الاستثمارية الأبرز لاستثمارات دولة الكويت الخارجية».
وتابع أنه «إيماناً منّا بالمكانة الاستراتيجية للعاصمة البريطانية، فقد لعبت الهيئة دوراً محورياً في عام 2009 لتأسيس المنتدى الدولي للصناديق السيادية الذي يضم أكثر من 45 صندوقاً سيادياً حول العالم بأن يتخذ من لندن مقراً رئيسياً له»، وقال إنه على الصعيد الاقتصادي، من المعلوم أن اقتصاد المملكة المتحدة يتمتع بالتنوع الكبير الذى يوفر الكثير من الفرص الاستثمارية الجاذبة في الكثير من القطاعات الحيوية كقطاع الرعاية الصحية ومشروعات الطاقة ومشروعات البنية التحتية والقطاعات الصناعية بصفة عامة.
وإدراكاً لذلك، فقد أسست الهيئة العامة للاستثمار شركات تابعة منها شركة سانت مارتن العقارية وشركة رين هاوس المتخصصة بالاستثمار بمشاريع البنية التحتية، حيث تملك الهيئة من خلال هذه الشركات العديد من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة. وتعد الهيئة من أكبر ملاك العقارات الأجانب في السوق البريطاني. كما تعكف الهيئة حالياً وبالتنسيق مع الجهات المعنية بالمملكة المتحدة على تأسيس شراكة استثمارية طويلة الأمد هدفها ترسيخ عمق العلاقة بين البلدين.
مخاطر التغير المناخي
وأضاف الغنيمان «لقد اهتم العالم الاقتصادي خلال السنوات الماضية بما يتعلق بالأمور البيئية والتغيرات المناخية، ولقد كانت الكويت في طليعة الدول التي أدركت مبكراً مخاطر التغير المناخي، وترجم ذلك بإعلان سمو ولي العهد بالتزام الكويت بالحياد الكربوني في قطاعي النفط والغاز بحلول عام 2050.
وكان للمملكة المتحدة دور مهم للحد من مخاطر التغير المناخي، حين أعلن الملك تشارلز الثالث انطلاق مبادرة الأسواق المستدامة في يناير من عام 2020 والتي تعني بالاستثمار المسؤول الذي يأخذ بالاعتبار الجوانب البيئية وتغيرات المناخ، وكانت الهيئة العامة للاستثمار أحد صندوقين سياديين فقط كان لهما شرف التوقيع على بيان إنشاء المبادرة والالتزام بها.
واستطرد أنه إلى جانب ذلك، ساهمت الهيئة ومجموعة من الصناديق السيادية الأخرى بتأسيس وإطلاق مبادرة الكوكب الواحد لإعداد أسس الاستثمار الصديقة للبيئة. فنحن نسعى دوماً ونبذل كافة الجهود الممكنة لكي تصبح جميع استثماراتنا متوافقة مع الظروف البيئية والمناخية بالمستقبل.
وختم الغنيمان بقوله «إن احتفالنا اليوم بالذكرى السبعين لهي مناسبة هامة في تاريخ العلاقة بين البلدين، فعلى الرغم مما يمر به العالم من تحديات وتغيرات جيوسياسية من حولنا، فنحن على يقين باستمرار تطور العلاقات التاريخية الراسخة بيننا لأنها ترتكز بالأساس على قيم مشتركة ومصالح ذات المنفعة المتبادلة».
اعتزاز بالعلاقة والشراكة
بدوره، ألقى وزير الخزانة البريطاني جيرمي هانت كلمة تضمنت سرداً عن الحقائق عن الاستثمارات الكويتية في المملكة المتحدة والتي تعكس عمق علاقة الصداقة المتميزة بين دولة الكويت والمملكة المتحدة والممتدة تاريخياً، مؤكداً على اعتزاز المملكة المتحدة في شراكتها الاستثمارية مع دولة الكويت.
من جهته، ألقى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير النفط وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار وزير المالية بالوكالة، د. سعد البراك، كلمة قال فيها:
إنه من دواعي سروري واعتزازي أن أرحب بسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، لحضور هذا الحدث المهم الذي يمثّل علامة بارزة من تاريخ العلاقات الراسخة بين الكويت والمملكة المتحدة، لنحتفل معاً بالذكرى السنوية الـ 70 لتأسيس مكتب الاستثمار الكويتي في لندن.
وتابع البراك «كما يسعدني أن أرحب بالعديد من الشركاء والأصدقاء المخلصين في هذا المنعطف التاريخي من العلاقات الراسخة بين بلدينا».
وأضاف «بحكمة من آبائنا الأوائل وبُعد نظر، تم توقيع اتفاقية بين الأمير الراحل سمو الشيخ عبدالله السالم، يرحمه الله، والوكيل السياسي للمملكة المتحدة، والتي تم بموجبها تأسيس مجلس الاستثمار الكويتي بالعاصمة البريطانية في 23 فبراير 1953، والذي كان النواة الأولى لمكتب الاستثمار الكويتي الحالي في لندن»، موضحاً أن الهدف من وراء تأسيس مجلس الاستثمار الكويتي كان تحقيق عائد استثماري طويل الأجل ليكون بمنزلة مصدر دخل بديل عن الإيرادات النفطية بشكل يعزز من قدرة الأجيال القادمة على مواجهة متغيرات المستقبل بقدر عال من الثقة، مسستطرداً «ولقد كان لنفاذ هذه البصيرة الدور الأكبر في تمكين الهيئة العامة للاستثمار، وهي أقدم صندوق سيادي في العالم، لتكون واحدة من أكبر الصناديق السيادية على المستوى الدولي في الوقت الراهن».
وأردف «وكان لي شرف التوقيع على مذكرة تفاهم جديدة، تؤكد نوايانا الصادقة نحو تعزيز شراكتنا الاستراتيجية الراسخة مع بريطانيا العظمي، ونأمل أن يسهم ذلك في ضخ المزيد من الاستثمارات في السنوات القادمة».
نمو الاستثمارات
وأشار البراك إلى أن البداية كانت ببضع مئات الآلاف من الجنيهات أودعت ببنك إنكلترا في خمسينيات القرن الماضي، لتنمو تلك الاستثمارات الصغيرة مع الوقت بشكل ملحوظ وبحُسن تدبير من إدارة الهيئة العامة للاستثمار التي أسست فيما بعد، ليتضاعف حجم الأموال المستثمرة بأكثر من الضعف في كل عقد من الزمن.
ولفت إلى أنه عندما احتفلنا بالذكرى الـ 50 لتأسيس مكتب الاستثمار الكويتي بلندن عام 2003، كان حجم استثمارات الهيئة العامة للاستثمار نحو 9 مليارات دولار، وبحلول الذكرى الـ 60 لتأسيس هذا المكتب عام 2013 تنامت تلك الاستثمارات لتصل الى نحو 24 مليار دولار، مردفاً «اليوم في الذكري السنوية الـ 70 لافتتاح مكتب الاستثمار الكويتي في لندن، يسعدني أن أقول إننا تمكّنا مرة أخرى من مضاعفة حجم استثماراتنا في المملكة المتحدة لتصل الي نحو 42 مليار دولار، أي ازدادت 4 أضعاف خلال عقدين من الزمن».
وبيّن أن الهيئة العامة للاستثمار اتخذت من العاصمة البريطانية لندن مقراً لعملياتها الاستثمارية في الأسواق الدولية، وقد نمت الأصول المدارة بمكتب الاستثمار الكويتي في لندن من نحو 27 مليار دولار عام 2003، إلى 120 ملياراً عام 2013، لتصل خلال العام الحالي إلى 250 ملياراً، وهذا ما يمثّل أيضاً زيادة بنسبة فاقت الـ 4 أضعاف خلال العقدين الماضيين.
شريك استراتيجي موثوق
وشدد البراك على أن الكويت كانت دائماً الشريك الاستراتيجي الموثوق عند معظم المستثمرين العالميين، ففي الوقت الذي واجه الاقتصاد البريطاني بعض التحديات الناجمة عن خروجها الاختياري من مظلة الاتحاد الأوروبي عام 2020، وجدت الهيئة العامة للاستثمار أن ذلك يمثّل فرصة سانحة لزيادة استثماراتها في إطار رغبة الكويت المستمرة في تقوية شراكتها الاستراتيجية مع هذا الاقتصاد الكبير والمتنوع.
ولفت إلى الدور البارز الذي أدته المملكة المتحدة وحلفاؤها في تحرير الكويت من الاحتلال عام 1990، وأسهمت أيضاً في جهود إعادة الإعمار بعد التحرير في فبراير 1991، متابعاً «وكان لمدينة لندن بالذات دور حيوي في جهود الإعمار ومساعدة المؤسسات المالية الكويتية في العودة إلى العمل، فلا يُمكن لأي منّا نسيان ذلك، وسيبقي في الذاكرة الكويتية دائماً»
وأكد أن العلاقة بين الكويت والمملكة المتحدة لا تقتصر على الاستثمارات فقط، بل إنها تمتد لكثير من القطاعات الحيوية الأخرى كالتعليم، والدفاع، والرعاية الصحية، إلى جانب التواصل والتنسيق المستمرين بين حكومتَي البلدين فيما يخص تطورات المجتمع الدولي، كما أن العاصمة البريطانية كانت ولا تزال الوجهة السياحية الأولى لمواطني الكويت.
فرص استثمارية كويتية
ودعا الحكومة البريطانية والقطاع الخاص البريطاني لاستكشاف الفرص الاستثمارية الواعدة في الاقتصاد الكويتي، والتي يمكن الحصول على معلومات تفصيلية عنها من خلال التواصل مع هيئة تشجيع الاستثمار الأجنبي (KDIPA)، مؤكداً على أن الكويت الغنية بالموارد الطبيعية، غنية أيضاً برأس المال البشري الطموح وبمجموعة من رجال الأعمال المتميزين الذين تلقّى الكثير منهم تعليمه في الجامعات البريطانية، وأسس بعضهم الكثير من الشركات والكيانات التجارية الناجحة في المملكة المتحدة، متمنياً أن يسهم ذلك في توثيق عرى التعاون والتكامل بين بلدينا.
وفي ختام كلمته، قال البراك «نشكركم على حضور هذه الاحتفالية الرامية إلى تعزيز العلاقات الثنائية المميزة بين بلدينا، وتأكيد أواصر الصداقة فيما بيننا، وصمودها أمام الكثير من الاختبارات والعواصف الجيوسياسية، لأنها بُنيت على قواعد من القيم والأهداف
زيارة تاريخية
بدوره، القى وزير الدولة وزير الاستثمار البريطاني، اللورد دومينيك جونسون، كلمة ثمّن خلالها الزيارة التاريخية لسمو ولي العهد.
وأعرب عن قوة ومتانة العلاقات التي تربط بين الكويت والمملكة المتحدة في المجال التجاري والاقتصادي والممتدة لأكثر من 70 عاماً.
لقطات |
• تفضل سمو ولي العهد بالتوقيع على سجلّ الشرف، ثم تم التقاط صورة تذكارية لسموه مع أعضاء مكتب الاستثمار الكويتي بهذه المناسبة. • غادر سموه مكان الحفل بمثل ما استُقبل به من حفاوة وترحيب. |