محمد قمبر: العمل الفني يقدم رسالة توعوية للمجتمع
• استوحى «عيون في السماء» من قصة الفتاة الأفغانية شربات غولا
يستلهم الفنان التشكيلي محمد قمبر محتوى أعماله من واقع الحياة، باحثاً عن مضامين ترسخ في أذهان المتلقين ومتذوقي الفنون التشكيلية. يرى أن العمل الفني، مهما كانت صيغته، يجب أن يقدم رسالة إنسانية وتوعوية للمجتمع، وأن يتضمن بُعداً قيمياً وفلسفياً، وألا يكون فقط لاستكمال الديكور المنزلي.
عن جديده، قال قمبر، لـ«الجريدة»، إنه يدأب على تقديم إصدارات توثق لأعماله الفنية، وقد أنجز قبل أيام كتاباً جديداً بعنوان «عيون في السماء»، وهو الإصدار الرابع في مشواره الفني.
وعن سبب انتقاء هذا العنوان للإصدار، قال: «كنت أقرأ وأشاهد قصة الفتاة الأفغانية شربات غولا، أي (شراب الورد)، وكيف ولماذا صوَّرها الفنان والمصور الفوتوغرافي الأميركي ستيف ماكوري عندما كان يقوم بمتابعة قصة اللاجئين الأفغان بمخيم للاجئين في باكستان، وأثناء تأديته هذه المهمة الصحافية لفت انتباهه عينا الفتاة الجميلة والمميزة جداً، وكانت شابة في تلك السنوات، وقد نشرت صحيفة ناشيونال جيوغرافيك هذه الصورة على غلافها، لأهميتها من الناحيتين الإنسانية والجمالية، وما تحملها نظرة الفتاة من قصص وظروف صعبة عاشت تفاصيلها شربات غولا».
وتابع قمبر: «بعد سنوات عاد المصور باحثاً عن تلك الفتاة، وعقب معاناة من البحث، وجدها وهي متزوجة، ولها منزل وأولاد، وكان اللقاء مؤثراً جداً، والتقط لها صورة مطابقة للصورة السابقة، وكان الفرق واضحاً بين الصورتين، ومدى تأثرها وتغير ملامحها، ما يؤكد صعوبة الفترة الماضية التي عانتها».
وأضاف: «هذه الحكاية كانت المفتاح الفكري الفني للدخول إلى رحلة في عالم العيون وقسمات الوجوه، فوجدت أن العيون والوجوه تترجم الظروف التي يمر بها الفرد بصدق. من هنا بدأت التحضير ورسم (اسكتشات) المجموعة، لوحات ومواضيع عناصرها العيون ونظراتها وقسمات الوجوه المعبِّرة، ودمجها بنفس أسلوبي وطريقتي في التلوين، وتأثيراتها على سطح القماش. كانت انطلاقة رحلة رسم اللوحات، وقد اخترت عنوانَ (عيون في السماء) لهذه المجموعة الفنية».
وفي الإصدار يسترجع قمبر ذكريات رحلاته إلى أوروبا، حيث كان يعرض أعماله الفنية هناك: «في عام 1971 كنت أقيم أول معارضي الفنية في أوروبا بأرخص الأدوات والأماكن، وكنت أسافر بالسيارة من الكويت، وأسكن في المخيمات، مثلاً: مخيم أضنة في تركيا، ومخيم assissi بإيطاليا، وكانت طريقة العرض خيطاً مربوطاً بعمود أو جذع شجرة، والرسومات والصور وعلم الكويت تم تثبيتها على الخيط بمشبك غسل الملابس. قبل السفر كنا نأخذ الصور وعلم الكويت من الراحل صالح شهاب من مكتبه بمبنى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب حالياً».
برامج الأطفال
وحول شغفه بالفن منذ الصغر، أوضح قمبر: «كنت في الثامنة من عُمري، وتحديداً في عام 1958، أرسم ما يحلو لي على جدار مدرسة الشرقية بنات- حالياً متحف الفن المعاصر، وهي قريبة من مدرستي الشرقية بنين في منطقة الشرق، حيث منزلنا. بعد كل هذه السنوات تُعرض لوحاتي بداخلها. يا له من قدر جميل!».
وتابع: «في عام ۱۹62 كنت أتابع برنامجاً للأطفال في تلفزيون الكويت، وضمن البرنامج فقرة للرسم، ويعرضون شكلاً معيناً، ويطلبون من الأطفال تكملة الشكل برسمة لأي عنصر، وإرسالها بالبريد للبرنامج، وكنت أشارك بهذه الفقرة، وأرسلها من مكتب البريد، في طريقي إلى مدرسة المتنبي المتوسطة التي كنت أدرس فيها، ثم أنتظر البرنامج في الأسبوع القادم، لأشاهد رسمتي ضمن الرسومات التي تُعرض به، وكنت سعيداً جداً بهذه المرحلة».
أكاديمية روما للفنون
وعن مرحلة دراسة الفنون، قال: «في عام 1974 قررت الذهاب إلى إيطاليا، لدراسة الفنون الجميلة بأكاديمية روما للفنون، فسافرت بسيارتي من الكويت، مروراً بالعراق وسورية وتركيا وبلغاريا ويوغسلافيا، ثم إيطاليا، ووصلت إلى مدينة بيروجا، لدراسة اللغة أولاً، ثم التسجيل في أكاديمية روما للفنون، وقد صادفت الفنان صفوان الأيوبي- يرحمه الله، وكان يدرس في نفس الأكاديمية، أخبرني حينها بأن الأكاديمية تمنح شهادة الدبلوم، لكن في الكويت لا يعادلونها بالبكالوريوس. هنا بدأ يساورني الشك والقلق، وبعد شهرين قررت الرجوع إلى الكويت، والذهاب إلى القاهرة، لأنها تمنح شهادة البكالوريوس في الفنون».
وفيما يتعلق بفترة الاحتلال العراقي للكويت، أوضح: «في 26 فبراير 1991، صعدت فجراً إلى سطح منزلي، إثر سماع ضجيج كبير، لأشاهد الأدخنة السوداء في السماء، ولهيب النيران من كل اتجاه، وعلى مد البصر، وأضواء السيارات والآليات الحربية متجهة إلى الطرق المؤدية إلى العراق- شمال الكويت. كانت ساعة تحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم وطرد المعتدي وتدمير جيشه. إثر هذه الأحداث رسمت لوحة بعنوان (فجر فبراير1991) من مقتنيات مؤسسة التقدم العلمي».
وعن لوحته البانورامية عن الغزو العراقي، قال: «عندما رسمت اللوحة البانورامية كبيرة الحجم في الثاني من أغسطس (يوم الغزو العراقي الغاشم للكويت) كانت في البداية (اسكتش) صغيراً على ورقة، وكتبت المعلومات التي سأرسمها على اللوحة الكبيرة، وأخفيتها في مرسمي، وبعد ذلك قُمت بتنفيذ (الاسكتش) على لوحة كبيرة الحجم، ولم أكن أتوقع أن هذه اللوحة ستكون معروضة حتى الآن في مكتبة الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب في ولاية تكساس الأميركية، وهو الذي قاد التحالف الدولي لتحرير الكويت».
وشكر قمبر المصور رضا سالم، الذي قام بالتقاط الصور المنشورة في الكتاب.