شدد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، على أنه لا يمكن مقارنة الانقلاب العسكري في الغابون بالانقلاب في النيجر، مشيراً إلى أنّ العسكريين في ليبرفيل تدخلوا بعد انتخابات شابتها مخالفات وهو موقف يبدو أنه يعكس كذلك رأي فرنسا المعنية بالانقلابات التي تشهدها منطقة وسط وغرب إفريقيا.
وقال بوريل، قبيل اجتماع وزراء خارجية الاتحاد في طليطلة لمناقشة مساعدة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) في التعامل مع قضية النيجر والعقوبات المفروضة عليها، «الوضع في النيجر والغابون ليس مماثلاً بتاتاً. في النيجر، كان الرئيس منتخباً ديموقراطياً. وفي الغابون، قبل ساعات من الانقلاب العسكري، حصل انقلاب مؤسساتي لأن الانتخابات سُرقت»، مضيفاً: «لا أستطيع القول إن الغابون كانت بلداً ديموقراطياً تماماً، مع عائلة تحكمه منذ خمسين عاماً».
واعتبر بوريل على هامش الاجتماع، الذي حضره رئيس «إيكواس» الرئيس النيجيري بولا تينوبو ووزير الخارجية في حكومة النيجر المدنية المخلوعة، أن «الانقلابات العسكرية ليست الحل بالطبع، لكن في الغابون جرت انتخابات مليئة بالمخالفات»، مضيفاً أن تصويتاً مزوراً يمكن اعتباره بمثابة «انقلاب مؤسساتي» مدني.
وأوضح بوريل أن الدبلوماسيين الأوروبيين يعملون من أجل التوسط في حل الأزمة في الغابون، وأنه ليس هناك خطط لإجلاء مواطنيهم، كما حدث في النيجر.
إفريقيا والغرب
في المقابل، طالبت «إيكواس» بعودة النظام الدستوري سريعاً إلى الغابون، منددة باستخدام القوة لحل الخلافات السياسية والاستيلاء على السلطة. وفي حين تعتزم «إيكواس» عقد اجتماع «وشيك» لزعمائها لتحديد موقفها من أزمة الغابون، عكف القادة الأفارقة ، على صياغة كيفية الرد على الانقلاب الذي أنهى سيطرة عائلة بونغو على السلطة بالنيجر منذ ستة عقود.
وقال متحدث باسم الأمانة العامة لمفوضية الاتحاد الإفريقي، إن مجلس السلم والأمن بدأ اجتماعاً لمناقشة الانقلاب في الغابون.
وعبر الاتحاد الإفريقي وفرنسا والولايات المتحدة وكندا وبريطانيا عن مخاوفهم المتعلقة بالانقلاب. لكنهم لم يوجهوا مناشدات مباشرة لإعادة بونغو إلى منصبه.
واستبعدت هيئة أركان الجيوش الفرنسية القيام بأي عمل عسكري في النيجر.
ونقلت قناة العربية عن هيئة أركان الجيوش الفرنسية أنه لا يوجد أي تهديد عسكري لجنودها المنتشرين في الغابون، مؤكدة أنها اتخذت إجراءات احترازية في حفاظ على جنودها.
الغابون
وفي الغابون، وغداة تعيّينه رئيساً للمرحلة الانتقالية، برر قائد الحرس الجمهوري الجنرال بريس أوليغي نغيما الانقلاب على الرئيس علي بونغو بسبب مرضه وسعيه لتولي الرئاسة لفترة ثالثة.
وقال نغيما، الذي أدى اليمين، لصحيفة لوموند الفرنسية، إن «بونغو لم يكن لديه الحق لتولي الرئاسة لفترة ثالثة والجميع يتحدث عن هذا الأمر، ولكن لا أحد يتحمل المسؤولية».
وأضاف: «تم انتهاك الدستور، وطريقة الانتخابات نفسها لم تكن جيدة، لذلك قرر الجيش تغيير الصفحة ليضطلع بمسؤولياته»، مشيراً إلى مرضه بسكتة دماغية أدت لتواريه عن الأنظار لنحو عام.
وبعد الانقلاب الثامن في غرب ووسط إفريقيا منذ عام 2020، والثاني بعد النيجر في غضون أسابيع، تترقب الغابون، عضو منظمة «أوبك» والمنتج الرئيسي للنفط والمنغنيز، الخطوة التالية للمجلس العسكري الجديد.
فرنسا والنيجر
وفي النيجر، قرر المجلس العسكري الحاكم بقيادة الجنرال عبدالرحمن تياني إلغاء الصفة الدبلوماسية للسفير الفرنسي سيلفان إيت وعائلته، مشددة على أنه «لم يعد يتمتع بالحصانة الدبلوماسية، كما أن بطاقته الدبلوماسية والتأشيرات الممنوحة له ولأفراد أسرته قد ألغيت».
وقالت وزارة خارجية المجلس العسكري في النيجر، في رسالة موقعة يوم الثلاثاء أي بعد يوم من انتهاء المهلة النهائية، التي حددها قادة الانقلاب، «أصدرنا تعليمات للشرطة بترحيل السفير الفرنسي وعائلته».
في المقابل، قالت وزارة الخارجية الفرنسية، إن من يقفون وراء انقلاب النيجر «ليست لديهم سلطة» مطالبة سفيرها في نيامي بالمغادرة، مضيفة: «نقيّم بشكل مستمر سلامة سفارتنا وأوضاعها التشغيلية».
وفي 28 أغسطس، تحدى الرئيس إيمانويل ماكرون حكام النيجر الجدد وأمر سفيره بالبقاء في نيامي وعدم مغادرتها، محيياً شجاعة دبلوماسييه في إظهار التزامهم بمسؤولياتهم.
بوركينا فاسو
ووسط ترقب لموقفها مع مالي من الانقلاب الحاصل في الغابون، أقرت بوركينا فاسو رسمياً إرسال قوات إلى النيجر دعماً للمجلس العسكري الحاكم بقيادة تياني في مواجهة تهديدات «إيكواس» وفرنسا باستخدام القوة لاستعادة النظام وإعادة الرئيس المعزول محمد بازوم للسلطة.
وقال مجلس الوزراء البوركيني، ليل الأربعاء- الخميس، إن المجلس التشريعي المؤقت وافق على طلب الحكومة لنشر قوات عسكرية في النيجر، تماشياً مع ما وصفها بالالتزامات الاستراتيجية لبوركينا فاسو.
وقال وزير الدفاع قاسوم كوليبالي، إن هدف إرسال القوات العسكرية إلى النيجر ليس إثارة الحرب لكن منعها، وأضاف أن إرسال هذه القوات يأتي ضمن مكافحة الإرهاب.
وتابع وزير الدفاع أن ما يؤثر على أمن النيجر يؤثر بشكل أساسي على أمن بوركينا فاسو، التي أعلنت بشكل مشترك مع مالي أن أي تدخل لجيوش «إيكواس» في النيجر يعتبر بمثابة إعلان حرب عليهما.