الرئيس الصيني يغيب عن قمة «العشرين»
• واشنطن تقدم للمرة الأولى مساعدات عسكرية لتايوان ضمن برنامج للحكومات
وسط الحديث عن مخاض لتشكل نظام دولي جديد، أعلن مسؤول أوروبي أمس طالباً عدم الكشف عن هويته أن الرئيس الصيني شي جينبينغ لا يعتزم حضور قمة مجموعة العشرين المقررة في الهند الأسبوع المقبل، وينوي إرسال رئيس الوزراء لي تشيانغ ليمثله، بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه سيغيب عن الاجتماع.
وصرح المسؤول للصحافيين في بروكسل: «بحسب آخر المعلومات التي وردتني (...) لا يعتزم شي الذهاب إلى القمة وسيحضرها رئيس الوزراء».
ويعكس غياب شي وبوتين عن قمة العشرين تضرر موقع هذه المجوعة العالمية التي تعد أكبر مجموعة للتعاون الدولي المتعدد الأطراف على الصعيد الاقتصادي، إذ تُمثل اقتصادات الدول الأعضاء فيها مُجتمعة حوالي 90% من إجمالي الناتج العالمي، و80% من التجارة العالمية (أو 75% في حالة عدم احتساب التجارة البينية في الاتحاد الأوروبي)، وثُلثي سكان العالم، وحوالي نصف مساحة اليابسة في العالم.
وأجرى الرئيس الصيني محادثات مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الذي يستضيف قمة مجموعة العشرين، خلال لقاء نادر على حدة في قمة مجموعة بريكس بجنوب إفريقيا الأسبوع الماضي، لكن التوتر لا يزال في أوجه بين البلدين.
وأبلغت الهند الصين أمس الأول «احتجاجاً قوياً» بعد أن نشرت بكين خريطة تطالب بأراض تقول نيودلهي، إنها تابعة لها، بينها منطقة قريبة من الموقع الذي دارت فيه مواجهات بين الدولتين في عام 2020.
ويأمل المسؤولون الأوروبيون، أن تكون قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في التاسع والعاشر من سبتمبر فرصة لإقناع الهند والصين باتخاذ موقف أكثر حزماً حيال روسيا بشأن غزو أوكرانيا.
وكانت موسكو أعلنت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يحضر كذلك قمة العشرين وستتمثل روسيا بوزير الخارجية سيرغي لافروف. وقبل أيام اعتبر لافروف أن توسيع مجموعة «بريكس» سيعزز موقعها ضمن مجموعة العشرين، مؤكداً أن روسيا ستنسق مواقفها مع أعضاء «بريكس» الجدد على صعيد المنصات الدولية.
وعقدت قمة «بريكس» الأخيرة في جوهانسبورغ بين يومي 22 و24 أغسطس المنصرم برئاسة جنوب إفريقيا، وحضرها زعماء الصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، ومثل روسيا فيها لافروف، بينما شارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في القمة عبر الفيديو.
وخلال القمة، وجه رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا دعوة رسمية لمصر والسعودية والإمارات وإيران وإثيوبيا للأرجنتين للانضمام إلى «بريكس»، حيث تصبح عضوية هذه الدول سارية اعتباراً من 1 يناير المقبل.
وكانت الدول الست المذكورة بين 23 دولة أعربت في وقت سابق عن رغبتها في الانضمام إلى «بريكس».
إلى ذلك، وقّعت نيكاراغوا والصين أمس اتفاقية تجارة حرّة تهدف إلى زيادة التبادل التجاري بين البلدين، خلال مراسم أقيمت عبر الإنترنت، وفق ما ذكرت مصادر في حكومة الرئيس دانيال أورتيغا.
وأعادت نيكاراغوا والصين علاقاتهما الدبلوماسية عام 2021، بعد قطع ماناغوا علاقاتها مع تايوان، ووقعتا منذ ذلك الحين عدّة اتفاقيات لتعزيز الاستثمار في نيكاراغوا الواقعة في أميركا الوسطى. وتنشط الدبلوماسية الصينية في أميركا الوسطى حيث خسرت تايوان حليفاً لها في مارس بعد قرار هندوراس إقامة علاقات رسمية مع بكين.
يأتي ذلك، فيما وافقت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمرة الأولى على تقديم مساعدات عسكرية مباشرة لتايوان بموجب برنامج مخصص للحكومات الأجنبية، وفق ما أفاد مسؤولون أمس.
وسرعان ما أثارت هذه الشحنة غضب بكين التي حذرت من أن المساعدة العسكرية الأميركية تسيء الى «أمن» تايوان.
وأبلغت الخارجية الأميركية الكونغرس، أمس الأول، عن حزمة مساعدات عسكرية لتايوان بقيمة 80 مليون دولار، وهي شحنة صغيرة مقارنة بصفقات السلاح الأخيرة لواشنطن مع تايبيه، لكنها الأولى بموجب برنامج التمويل العسكري الأجنبي الذي يمنح الدول ذات السيادة قروضاً أو منحاً للتسلح.
ورغم أن الولايات المتحدة على مدار خمسة عقود لم تعترف رسمياً سوى ببكين، إلا أن الكونغرس يشترط بموجب قانون العلاقات مع تايوان تزويد الجزيرة بالسلاح للدفاع عن نفسها.
والتزمت الإدارات الأميركية المتعاقبة بذلك من خلال ابرام صفقات لبيع السلاح لتايوان وليس منحها مساعدات، مع إصدار بيانات رسمية تفصل التعاملات التجارية مع «المعهد الأميركي في تايوان» الذي يعد بمنزلة سفارة تايوان في الولايات المتحدة بحكم الأمر الواقع.
وشددت الخارجية الأميركية على أن حزمة المساعدات الأولى هذه التي تأتي في إطار برنامج التمويل العسكري الأجنبي لا تعني أي اعتراف بسيادة تايوان.
وقال متحدث باسم الخارجية «تماشيا مع قانون العلاقات مع تايوان وسياسة صين واحدة القائمة منذ فترة طويلة والتي لم تتغير، توفر الولايات المتحدة لتايوان المواد والخدمات الدفاعية اللازمة لتمكينها من الحفاظ على قدرة كافية للدفاع عن النفس». وأضاف أن «الولايات المتحدة لديها مصلحة دائمة في السلام والاستقرار في مضيق تايوان، وهو أمر بالغ الأهمية للأمن والازدهار الإقليمي والعالمي».
وعبرت وزارة الدفاع التايوانية عن امتنانها. وأكدت في بيان مقتضب أن «هذه المساعدة ستساهم في السلام والاستقرار الإقليميين». في المقابل حذرت بكين من ان تسليم أسلحة أميركية إلى تايوان سيسيء الى «أمن» الجزيرة التي تطالب الصين بالسيادة عليها.
وقال وو كيان الناطق باسم وزارة الدفاع الصينية خلال تصريح صحافي، إن «المساعدة والمبيعات العسكرية الأميركية لتايوان لن تؤدي سوى الى تعزيز الصناعات العسكرية الأميركية فيما تسيء إلى أمن وخير» سكان تايوان.
لم تعلن وزارة الخارجية رسمياً عن هذه المساعدة كما لم تعط تفاصيل. وقال مصدر مطلع إنها تشمل تقديم دعم لتحسين الإطلاع على الوضع في البحر. لا يزال يتعين أن تحصل شحنة الاسلحة هذه على موافقة الكونغرس، وهو أمر مؤكد نظراً إلى دعم الديموقراطيين والجمهوريين على حد سواء لتايوان. وحذر السفير الصيني في واشنطن من خطورة الصراع مع الولايات المتحدة من أن أي مواجهة بين البلدين ستؤدي إلى كارثة عالمية.