لماذا فقد سوق الاكتتابات زخمه الكبير، وزال عنه بريقه في وقت كان يمثل أحد أبرز وأهم الفرص الاستثمارية في السوق، لا سيما الاكتتابات الأولية بكل درجاتها، سواء الفرص التي كانت تطرح للتأهيل للإدراج أو فرص الاكتتابات بالتأسيس كفرصة استثمارية في قطاع تشغيلي، ومن ثم يتم إدراجها في غضون ثلاث سنوات أو انضواؤها تحت شركة قائمة ومطابقة لشروط الإدراج ودمجها بطريق الضم؟!

الملاحظ في سوق الكويت أن الأمر لم يعد مقتصراً فقط على اكتتابات الإدراج والتأسيس بل تخطى الأمر ليشمل زيادات رؤوس الأموال قياساً بالسابق حيث كانت الفجوة بين سعر الاكتتاب وسعر السهم في السوق تتراوح بين 40 و70% في حالات كثيرة إذ كان يمثل أحد أهم مصادر التمويل منخفض الكلفة على الشركة التي تطرح زيادة رأس المال، وفي المقابل تقدم فرصة رابحة مضمونة للمستثمر، وكانت تغطي تلك الزيادات بنحو ثلاثة وأربعة أضعاف نتيجة الطلب المتنامي من المستثمرين الأفراد قبل المؤسسات والكيانات والتكتلات الاستثمارية المؤثرة.

Ad

ماذا فقد السوق وبماذا تأثر؟ تقول مصادر استثمارية ومالية، إن السوق المحلي شهد تراجعات لافتة في ملف الاكتتابات النوعية، التي كانت من أنجح الأدوات وأبرز مصادر التمويل والربح.

وعملياً بات أي طرح لعملية زيادة رأسمال عبئاً كبيراً على الملاك الرئيسيين وسط تذبذب الأسواق وبالتبعية الأسعار.

وفي ظل وضع كهذا تفقد الشركات أحد أهم مصادر التمويل منخفض الكلفة. كما فقدت البنوك سوقاً نشيطاً كانت تقوم بتقديم التمويلات للعديد من الأسهم المضمونة والتشغيلية برهن ذات الأسهم.

وتراجعت أنشطة وكلاء البيع ومتعهدي التغطية ومستشاري الاستثمار وهي أنشطة كلها كانت تحقق للأطراف المرخص لها عمولات وإيرادات مستمرة.

وفقدت البورصة نمو أحجام الشركات المدرجة في السوق وزيادة قيمتها السوقية والكتلة الرأسمالية للشركات المدرجة، وهو أمر يعزز من قوة السوق المالي وأوزان تلك الشركات على المؤشرات العالمية التي تصنف على أساسها البورصة.

أيضاً خسرت البورصة عمولات وعوائد كانت تحصل عليها نتاج عمليات تداول وتدوير كميات كبيرة من الأسهم الإضافية التي تصدرها شركات الاكتتابات سواء زيادات رؤوس الأموال أو الاكتتابات الأولية المؤهلة للإدراج.

وغياب المكتتبين عن المشهد حول عمليات الاكتتابات بمنزلة إغراق للسوق كونها تفوق حجم المطلوب بالنسبة لبعض الشركات والأسهم خصوصاً أن كل مكتتب يقوم بحسابات دقيقة للعائد والربح المتوقع على المديين المنظور والمتوسط خصوصاً من شرائح المكتتبين الأفراد.

وهناك غياب شبه ملحوظ للشركات المالية والاستثمارية الكبرى في تقديم الفرص الاستثمارية المقنعة والمغرية لأصحاب الملاءة والسيولة حيث الأنشطة المقدمة حالياً ليست عند مستوى طموح المستثمرين من جهة ومن ناحية أخرى شهد السوق حالات تحالف وشراء حصص استراتيجية وتراجعت القيمة السوقية للأسهم بما يتراوح بين 25 و30% ما يعكس فقدان السيطرة على إقناع المستثمرين بأداء غير واقعي أو ملموس.

ويقول مصدر استثماري إن تراجع وتأثر سوق الاكتتابات أفقد السوق واحدة من أهم الأدوات المحركة للسيولة في الوقت نفسه السوق يعاني فقراً شديداً وجفافاً ربما يفوق التصحر على صعيد الأدوات الاستثمارية والمشتقات المالية التي لا وجود لها حالياً على أرض التطبيق برغم من إقرار بعض الأدوات منذ أشهر طويلة.

وتجدر الإشارة إلى أن الاكتتابات العامة هي الأخرى شبه مجمدة ومتوقفة بالرغم من أنها كانت رافداً أساسياً لرفد البورصة بشركات تشغيلية.

هل تنهض الشركات الاستثمارية وتحرك هذه الأسواق وتعيد الزخم لتلك الأدوات من جديد؟ ليتنفس السوق المالي برئتين كاملتين بدلاً من وضعه الحالي كسوق للمضاربات السريعة والتداول النقدي فقط.

أيضاً التساؤل الآخر الذي يطرح نفسه هل تكون تلك الملفات أحد الطروحات التي ستأخذها لجنة تطوير البورصة في عين الاعتبار في التقرير المرتقب تقديمه.