هل ننسى دورهم؟! (18)
• دور أهل الكويت في إنشاء البلدية والمعارف
وُلِدت فكرة المجالس الحكومية في الكويت عام 1930 مع ظهور فكرة إنشاء البلدية على يد الشيخ يوسف بن عيسى القناعي الذي زار البحرين وشاهد كيفية عمل بلديتها التي تأسست قبل ذلك بعشرة أعوام تقريباً.
وقد رحب الشيخ أحمد الجابر الصباح بالفكرة، وساهم في تأسيسها بالتبرع بالمال بجانب مجموعة من التجار الذين فرضوا على أنفسهم ضريبة صغيرة جديدة تضاف إلى ضريبة الدولة الرسمية. وبعد مضي عام، صدر قانون البلدية الذي نص على أن يتألف المجلس البلدي من اثني عشر عضواً إضافة إلى الرئيس. وفي عام 1932 تشكل المجلس بعد إجراء الانتخابات، من كل من: يوسف بن عيسى القناعي، ومشعان الخضير الخالد، وسليمان خالد العدساني، وعلي السيد سليمان، ومحمد أحمد الغانم، ونصف بن يوسف النصف، وزيد سيد محمد، وأحمد معرفي، وحمد الداود المرزوق، ومرزوق الداود البدر، ومشاري الحسن البدر، ويوسف الصالح الحميضي. وانتخب الأعضاء سليمان العدساني مديراً للبلدية، وأسندت رئاسة الشرف إلى الشيخ عبدالله الجابر الصباح.
لقد عمل هؤلاء الرجال بدون مقابل، بل دفع أكثرهم ما اتفقوا عليه من ضريبة لكي تعمل البلدية على أكمل وأفضل وجه، فهل ننسى دورهم؟ لقد اطلعت على قرارات مجلس الإنشاء في خمسينيات القرن الماضي، وهي متاحة لمن يريد أن يطلع عليها، وأعجبت بكيفية اتخاذ القرار، ونزاهة القرارات، وأمانة أعضاء المجلس، فكيف ننسى دورهم؟!
وهناك عدد من الكتب التي وثقت تاريخ البلدية منها كتاب "بلدية الكويت في خمسين عاماً" للدكتورة نجاة الجاسم الذي يشرح بالتفصيل الكثير عن مسيرة البلدية وقراراتها التاريخية في فترة التأسيس وما بعدها. هل ننسى دورهم؟ هل ننسى سنة "التهلكة" التي لا يعرفها أكثر الناس اليوم والتي تدل على مشاركة الشعب بجميع فئاته في دعم مصروفات البلدية؟ وإذا أردتم أن تعرفوا ما هي سنة التهلكة، فارجعوا إلى مقالي بتاريخ 6 نوفمبر 2015 في جريدة "الجريدة" لمعرفة التفاصيل.
أما في مجال الثقافة، فهل ننسى دور مجلس المعارف، الذي أنشئ عام 1936، في دعم مسيرة التعليم وتنميتها؟ هل ننسى رجال الكويت (سيد علي الرفاعي، وسليمان العدساني، ومشاري البدر، ومحمد الغانم، ونصف النصف، وعبدالله العسعوسي، وسلطان الكليب) الذين اجتمعوا بمبادرة شخصية منهم في ديوانية الشيخ يوسف بن عيسى القناعي وفرضوا على أنفسهم وغيرهم من التجار نسبة مئوية صغيرة ليتم تخصيصها لإنشاء مجلس للمعارف مهمته التوسع في إدارة شؤون الثقافة والتعليم في الكويت؟
انطلق مجلس المعارف الأول المنتخب من غرفة واحدة من غرف المدرسة المباركية وتوسع إلى ثلاث غرف، وأربع غرف بعد ذلك، ثم استقل في عام 1949 في مبنى جديد في منطقة الصالحية. وكان من أهم قراراته الأولى استقدام أربعة مدرسين من فلسطين قدموا إلى الكويت في عام 1936 وهم أحمد شهاب الدين، وجابر حديد، ومحمد المغربي، وخميس نجم، وبوصولهم بدأت حقبة جديدة في تاريخ التعليم في الكويت. هل ننسى دور هؤلاء في تأسيس التعليم الحديث والإشراف على ثقافة المجتمع قبل حقبة النفط وتوفر الأموال؟ هل ننسى دور السيد عمر عاصم قبلهم وتاريخه في التعليم؟ هل ننسى كيف تأسست المدرسة الوطنية (الجعفرية) في عام 1939 ودورها في تعليم الشيعة والسنة من أهل الكويت؟ وهل ننسى مؤسسها الحاج أحمد محمد معرفي؟ هل ننسى دورهم؟!