ضعف الهيمنة الأميركية
التحقق من الأمور الدولية من أصعب الأمور، ولهذا لا ندعي القناعة التامة إنما هذا المقال يتطرق إلى بوادر ضعف الهيمنة الأميركية التي أصبحت واضحة وجلية، فهناك من يذهب إلى أفول الهيمنة كليا، ونحن نختلف مع هذا الرأي، إذ من الصعوبة بمكان أفول حضارة قوية تسيطر على العالم بأجمعه تجاريا واقتصاديا وعسكريا.
وأؤكد أنني لست خبيراً في السياسات الاقتصادية الأميركية، وكيف كانت تحكم العالم، وبأي أدوات، سوى أن كل التجارات العالمية تتعامل بعملتها وكل نظام التحويلات يتم بنظام (Swift)، المتخصص بتبادل الرسائل والمعلومات عن المدفوعات والتحويلات الدولية، كذلك ليس لي علم بالسياسة العسكرية الأميركية سوى أني أعلم أنها تمتلك أقوى منظومة عسكرية، وجيشا مدربا، وهي الأكثر علماً وتدريبا وإمكانات في علم حركة الفضاء العسكري، لكنني كراصد ومتابع لما يجري وفق المعطيات والتحولات القادمة بنيت عليها هذا الضعف القادم.
ومن مظاهر الأفول التدريجي أو الضعف تَوجه الكثير من الدول إلى الانضمام إلى مجموعة «بريكس» من غير مراعاة الموافقة الأميركية، وكذلك تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون المفاجئة، في حديثه للدول الأوروبية عن عدم الانجرار وراء أميركا في جميع التعاملات التجارية، ويمكن اعتماد عملات أخرى مع الدولار الأميركي في شراء بعض البضائع وفق ما تقتضيه مصالح الدول الأوروبية التي كانت تابعة للولايات المتحدة الأميركية.
ومن الغرائب المفاجئة التي تصب في ضعف الهيمنة، وقف الحرب اليمنية وتصالح العرب مع سورية، فضلًا عن الاتفاق الإيراني السعودي، بالإضافة الى عدم ركون هذا الاتفاق إلى أوامر أميركا ونظيراتها من الدول الأوروبية فضلاً عن قبول تعاملها مع الروبل الروسي والين الصيني في المعاملات الاقتصادية والعسكرية.
وكان آخر ملامح الضعف انضمام 6 دول ذات ثقل جيو سياسي واقتصادي وسكاني (السعودية، إيران، إثيوبيا، الجزائر، مصر، الأرجنتين) إلى مجموعة «بريكس»، وما تجدر الإشارة إليه بعد انضمام هذه الدول سيكون حجم بريكس السكاني ما يقارب نصف سكان العالم، وهذه الدول تصل تعاملاتها التجارية والاقتصادية إلى ما يقارب 30% من حجم التبادل التجاري العالمي وفق رأي الخبراء الاقتصاديين.
هذه التغيرات والمؤشرات لا بد أن يكون لها تأثير على تداول الدولار في غضون السنوات العشر المقبلة،
وحتى لا نفرط أكثر في التحليل لننتظر ماذا يجري أكثر من تغيرات اقتصادية وسياسية في السنتين القادمتين، أو مع نهاية هذا العقد، على المستويين الإقليمي والدولى، وبتقديري هناك تموضع قادم للكثير من الدول الإفريقية والأوروبية، فباختصار السنوات القادمة ستكون حبلى بالمفاجآت، والله أعلم.
* كاتب بحريني