خلط أوراق في شمال شرق سورية
• غارة أميركية على ميليشيات إيرانية... و«قسد» تتهم دمشق وطهران بتحريك العشائر
• الأكراد يحشدون لاستعادة قرى بدير الزور ويتهمون طهران بتصفية حسابات مع واشنطن
للأسبوع الثاني على التوالي، تواصلت المعارك الساخنة بين قوات سورية الديموقراطية «قسد»، من جهة، ومسلحي عشائر عربية في شمال شرق سورية، من جهة أخرى، في وقت شنت طائرات أميركية، أمس، غارة على ميليشيات تابعة لإيران في محافظة دير الزور، كانت تتجمع عند جسر خشبي ممتد من البوكمال إلى نهر الفرات شرق دير الزور شمال شرقي سورية، وأوقعت قتلى وجرحى في صفوفها.
وجاءت الضربة عقب ساعات من اتهام «قسد»، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، لقوات حكومة دمشق وحليفتها طهران بالعمل على تأجيج الصراع بينها وبين العشائر العربية بالمنطقة لطرد القوات الأميركية المتمركزة في شمال شرقي سورية.
واعتبرت القيادية الكردية إلهام أحمد الرئيسة التنفيذية للجناح السياسي في «قسد»، أن دعم دمشق وطهران، (لذلك الصراع) يهدف إلى صرف انتباه السوريين عن تظاهرات السويداء جنوبي البلاد، وتصفية حسابات مع واشنطن لإخراج القوات الأميركية من شرقي سورية، حيث تخشى طهران من توجه أميركي لإغلاق الحدود بين العراق وسورية أمام الجماعات المتحالفة معها، وهو ما حذر منه صراحة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان خلال زيارته إلى بيروت أمس الأول.
وفي خطوة تعزز فرضية وجود مخطط معقّد لخلط الأوراق بالمنطقة تنشط فيه أطراف دولية وإقليمية، أفادت تقارير بأن وزير الخارجية التركي حقان فيدان سيزور طهران اليوم.
وفرضت «قسد»، التي تخشى من وضعها بين فكي كماشة إيرانية ـ تركية، حظر تجول بجميع مناطق سيطرتها في دير الزور، واستقدمت تعزيزات وسط توقعات بشنها عملية واسعة لاستعادة السيطرة على نحو 18 بلدة خسرتها في معارك عنيفة منذ الخميس الماضي لمصلحة مسلحي العشائر ومجلس «دير الزور العسكري».
جاء ذلك في وقت تجددت اشتباكات عنيفة بين مسلحي «الجيش السوري الوطني» التابع لتركيا و«قسد» على جبهات ريف منبج الغربي بحلب، كما استهدفت 5 غارات جوية روسية نقاط تقدم المعارضة لمنعها من التوغل بمناطق سيطرة النظام.
وفي تفاصيل الخبر:
في وقت تفيد تقارير واردة من شرقي سورية بتصاعد حدّة المواجهات، التي انطلقت الأحد الماضي، بين عشائر عربية بدعم من عناصر معارضة موالية لتركيا من جهة وقوات سورية الديمقراطية المعروفة بـ «قسد» التي يشكل الأكراد أغلبيتها، نفذت طائرات أميركية غارة على جماعات مدعومة من إيران في محافظة دير الزور بالمنطقة ذاتها.
ووسط أحاديث متباينة عن الجهة التي تعمل على تأجيج الصراع بين العشائر العربية وعناصر «قسد» الكردية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، أفيد بأن مجاميع مسلحة تابعة لميليشيات مدعومة من إيران كانت تحتشد عند جسر خشبي، ممتد من البوكمال إلى نهر الفرات شرق دير الزور، تعرضت لغارة جوية شنتها قوات أميركية تنتشر بشمال سورية. وبحسب المرصد السوري المعارض، فإن الطيران الأميركي استهدف عربتين عسكريتين لتلك المجاميع وخلف قتلى وجرحى من عناصر الميليشيات الإيرانية بعد تدمير الذخائر التي كانت تحملها.
وجاء استهداف عناصر الميليشيات المدعومة من طهران، والتي توجد في مناطق البوكمال وموحسن والميادين شرق دير الزور بعد ساعات من تحذير وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان من إقدام أي جهة على محاولة إغلاق الحدود بين سورية والعراق، بعد مزاعم عن استعداد القوات الأميركية التي تحارب «داعش» في المنطقة لمنع الميليشيات المتحالفة مع طهران من عبور الحدود الطويلة بين البلدين.
خلط أوراق
وبعد اتهامات كردية لحكومة دمشق بإرسال عناصر وأسلحة للعشائر العربية بهدف طرد القوات الكردية من دير الزور، قالت القيادية الكردية إلهام أحمد الرئيسة التنفيذية لـ«مجلس سورية الديمقراطية» الجناح السياسي لـ«قسد»، إن الاشتباكات الدائرة بريف محافظة دير الزور ليست حوادث معزولة ولديهم أدلة بتورط ميليشيات مدعومة من إيران والحكومة السورية بالوقوف خلفها، لإثارة الاضطرابات وضرب استقرار المنطقة وصرف انتباه السوريين عن الحركات الاحتجاجية في مدينة السويداء جنوبي سورية.
ونشرت إلهام أحمد عبر موقع «إكس» تقول: «من الضروري فهم السياق، ومساعي إيران والحكومة السورية لتصفية الحسابات تأتي بالدرجة الأولى لإخراج القوات الأميركية من شرقي سورية». وتابعت: «لكسب الدعم الدولي من خلال تصوير الوضع على أنه مدفوع من القبائل العربية».
وتعد هذه الاتهامات الأولى من نوعها على لسان قيادية كردية بارزة وسط تقارير عن تحشيد الولايات المتحدة قواتها على الحدود العراقية - السورية، في ظل معلومات عن معركة محتملة لطرد الميليشيات الإيرانية من الأراضي السورية.
وفي ظل خلط متعمد للأوراق بالمنطقة التي تنشط بهد أطراف دولية وإقليمية في مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا، أكدت القيادة العامة لـ«قسد» في بيان أن محاولات تصوير الأمر على أنه قتال بين الأكراد والعشائر، لا يهدف إلا لخلق الفتنة».
وشددت على أن الاشتباكات الجارية هي مع مسلحين موالين لتركيا وعناصر تابعة لجهات أمنية للنظام، مضيفة «على عكس ما يقال ليس هناك أي خلاف بين قسد وعشائر المنطقة ونحن على تواصل دائم معهم».
وأضافت أن «عملية تعزيز الأمن تمت بناء على طلب أبناء دير الزور وشيوخ ووجهاء العشائر وهم مطلعون على مجرياتها».
حظر وحشد
وأعلنت «قسد» وقوى الأمن الداخلي الكردية «الأسايش» حظراً للتجوال في جميع مناطق سيطرتهم بريف دير الزور، دخل حيز التنفيذ في تمام الساعة 5 من صباح اليوم السبت لمدة 48 ساعة، وذكرت أن خطوتها ترمي لإعادة الاستقرار بعد «استغلال مجموعات مسلحة تابعة لبعض الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، وكذلك خلايا داعش لإحداث فتنة في المنطقة ومحاولة استجرار المدنيين إلى مخططاتهم القذرة».
ودفعت القوات الكردية بتعزيزات عسكرية ضمت آليات ثقيلة من ريف محافظة الحسكة، باتجاه ريف دير الزور الشرقي، في ظل ترجيحات باستعداداتها لتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق بهدف استعادة القرى والبلدات التي خسرتها في معاركها ضد مقاتلي «مجلس دير الزور العسكري»، الذي يضم فصائل معارضة مدعومة من أنقرة، وأبناء العشائر.
وتمكن مقاتلو «المجلس» والعشائر خلال يومي الجمعة والخميس من السيطرة على بلدات الباغوز، والسوسة، والشعفة، والكشمة، وهجين، والبحرة، وغرانيج، والكشكية، وأبو حمام، وأبو حردون، والحرذي، وسويدان، ودرنج، والطيانة، وذيبان، والصبحة، والشحيل، بعد معارك عنيفة مع قوات «قسد»، أوقعت عشرات القتلى والجرحى من الطرفين، بالإضافة إلى مقتل عدة مدنيين، بينهم أطفال بقذائف «قسد».
حليف درزي لبناني لدمشق يحذر دروز السويداء من «مخطط تقسيم» غداة تظاهرة ضخمة ضد الأسد
وتزامن ذلك مع تجدد الاشتباكات العنيفة بين مسلحي «الجيش السوري الوطني» التابع لتركيا وقوات «قسد» على جبهات ريف منبج الغربي في ريف حلب، إذ تحاول عناصر المعارضة السورية التقدم على محور قرية أم عدسة.
وأمس الأول، استهدفت 5 غارات جوية روسية النقاط التي تقدّم إليها مسلّحو «الجيش الوطني» في إحدى قرى ريف حلب الشرقي الخاضع لسيطرة «قسد»، حيث تحاول القوات الروسية بالتنسيق مع الحكومة السورية منع تمدد «الجيش الوطني» في مناطق الشمال السوري.
مخطط واحتجاجات
إلى ذلك، حذر رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال أرسلان، وهو حليف درزي لدمشق، الدروز في جبل العرب ومدينة السويداء في سورية من «الفوضى ومشاريع التقسيم المشبوهة» التي تستغل الوضع الاقتصادي الخانق من جراء «قانون قيصر» في إشارة إلى العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على النظام السوري. وجاء ذلك غداة احتجاجات حاشدة جديدة تطالب الرئيس بشار الأسد بالتنحي، في السويداء التي تسكنها الأقلية الدرزية، ضمن موجة تظاهرات انطلقت منذ أسبوعين في جنوب سورية بسبب سوء الأحوار المعيشية وسط تحذيرات من احتمال انتقالها إلى المناطق المطلة على البحر المتوسط حيث تتركز الأقلية العلوية التي تمثل الحاضنة الشعبية لحكومة دمشق.