في خطوة قد تعقّد مفاوضات استكمال ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، قررت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، أمس، بطلان اتفاقية خور عبدالله الموقعة مع الكويت، وهو ما دفع نواباً في مجلس الأمة لمطالبة الحكومة بموقف حازم.
وذكرت المحكمة العراقية، في بيان، أنها قررت في جلستها المنعقدة أمس بالدعوى المرقمة (105 وموحدتها 194/ اتحادية /2023)، الحكم بعدم دستورية قانون تصديق اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله رقم (42) لسنة 2013»، موضحة أنها أصدرت قرارها «لمخالفة أحكام المادة (61 / رابعاً) من دستور جمهورية العراق التي نصت على أن تنظم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بقانون يُسَّن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب».
وصادقت بغداد على الاتفاقية في 25 نوفمبر 2013 تنفيذاً للقرار رقم 833 الذي أصدره مجلس الأمن سنة 1993 بعد عدة قرارات تلت الغزو العراقي الغاشم للكويت سنة 1990، واستكمالاً لإجراءات ترسيم الحدود بين البلدين، ووضع تحديد دقيق لإحداثياتها على أساس الاتفاق المُبرم بين البلدين بعد استقلال الكويت سنة 1961 واستناداً إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982.
وكانت حكومة نوري المالكي العراقية وافقت على الاتفاقية وأحالتها إلى مجلس النواب، الذي أقرها في قراءة ثانية بعد ما قدمتها لجنتا العلاقات الخارجية والقانونية.
وفي ردود الفعل الكويتية، أكد النائب د. عبدالكريم الكندري أن إلغاء الاتفاقية ليس له قيمة على المستوى الدولي، «فقرارات مجلس الأمن حاسمة بهذا الشأن بالنسبة لحدودنا، لكن ذلك سيؤثر على ما تبقى من حدود غير مرسومة وتحديداً ما يتعلق بالعلامة البحرية ١٦٢».
وكشف الكندري أن التنصل من الاتفاقية الحدودية التي جاءت نتيجة لقرار مجلس الأمن بعد الغزو يشير لنوايا سيئة من الطرف العراقي يجب أن تواجه بحزم من الحكومة الكويتية ووزارة الخارجية والبرلمان، مطالباً بأن يكون التعامل مع ما يجري حازماً جداً، فإلغاء الاتفاقية تطور خطير على مستوى العلاقات الثنائية.
وأضاف أن عدم الاعتراف بالحدود البحرية من الطرف العراقي، إلى جانب أنه انتهاك لقرارات مجلس الأمن وقواعد القانون الدولي وحسن الجوار، قد يكون مقدمة للمطالبة بتعديل المسار البحري الحدودي للوصول إلى حقل الدرة، داعياً رئيس الحكومة لمطالبة نظيره العراقي «بإعادة تقديم الاتفاقية اليوم إلى البرلمان العراقي للتصديق عليها مجدداً إن كانت نوايا العراق سليمة تجاهنا».
من جهته، قال النائب بدر الملا إن التنصل من الاتفاقية تحت أي وسيلة كانت يستوجب رد فعل واضحاً من الحكومة الكويتية وتحديداً من وزارة الخارجية، مضيفاً: «سأبدأ توجيه أسئلة برلمانية للمطالبة بقروض الكويت وفوائدها التي لم تسدد حتى الآن من العراق، والتي أخذت قبل الغزو».
ونظمت الاتفاقية تقسيم خور عبدالله الواقع في أقصى شمال الخليج العربي بين شبه جزيرة الفاو العراقية وكل من جزيرتيّ بوبيان ووربة الكويتيتين بين البلدين، حيث قُسم الممر الملاحي الموجود بنقطة التقاء القناة الملاحية في الخور بالحدود الدولية، ما بين النقطة البحرية الحدودية رقم 156 ورقم 157 باتجاه الجنوب إلى النقطة 162 ثم إلى بداية مدخل القناة الملاحية عند مدخل الخور.
وكانت المحادثات التي أجراها وزير الخارجية الشيخ سالم الصباح، في العراق نهاية يوليو الماضي، تناولت حزمة من القضايا، أبرزها الترسيم الحدودي البحري والحقول النفطية المشتركة ومكافحة تهريب المخدرات وتجاوزات الصيادين في المياه الإقليمية. وكان الصباح قال في ختام الزيارة إن حل المسائل الحدودية مع العراق من شأنه أن يدفع بالعلاقات بين البلدين إلى الأمام، لافتاً إلى أن وفداً كويتياً سيبحث في بغداد 14 أغسطس ملف ترسيم الحدود البحرية، وآخر سيبحث في 10 سبتمبر المقبل ملف الحقول النفطية العراقية - الكويتية الحدودية المشتركة.