تُجري هيئة أسواق المال واحدة من أهم وأبرز الدراسات المهمة على الصعيد الاقتصادي، تتعلق بتأسيس وإنشاء بورصة مختصة بإدراج وتداول أسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة، لتكون حاضنة لتبادل ونقل الملكيات وتوفير فرصة للتخارجات في أول خطوة من نوعها بالسوق المحلي، يمكن أن تحقق تحولا كبيرا في مفهوم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتؤسس لمرحلة اقتصادية جديدة داعمة لهذا النوع من المشاريع التي تقوم عليه اقتصادات عالمية كبرى.
ووصفت مصادر الخطوة بأنها مستحقة ومطلب ضروري يتماشى مع التطورات الاقتصادية من جهة، وتشجع على مزيد من التوسع في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لا سيما التشغيلية منها، خصوصا أن كثيرا من تلك المشاريع أثبتت كفاءة وجذبت رؤوس أموال أجنبية، وكان بعضها نواة لمشاريع ضخمة.
بهذه الخطوة، تضرب الهيئة أكثر من «عصفور» بحَجَر واحد، فهي من جهة ستحقق جملة مكاسب تنظيمية ورقابية واقتصادية لمصلحة القطاع الخاص والاقتصاد الوطني، ومن جهة ثانية تقدّم فرصة تجارية تحقق تنوعا ونافذة منظمة للمستثمرين المحليين والأجانب، ومن أهم المكاسب والتّبعات ما يلي:
1 - توفير فرص منظمة لمن يريد التخارج بشكل عادل وواضح في «النور» وبمرونة عالية في منصة يشهدها الجميع، وتتيح أكثر من تسعير لمن يريد التخارج.
2 - تنظيم دورة رأس المال من خلال مرور عمليات البيع والشراء في نظام آلي واضح تحت الرقابة، وبالتالي تحقق الهيئة أكبر عملية صد لجرائم غسل الأموال بشكل غير مباشر، نتيجة تقنين فرص البيع والشراء والتخارجات من المشاريع الصغيرة والمتوسطة، في إطار رسمي وعبر بورصة مرنة وسهلة بعيدا عن اتفاقات غير منظّمة تحيطها شبهات أو تضيع فيها الحقوق.
3 - عملية تسعير دائمة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة تعكس قيمة هذه المشاريع.
4 - تشجيع البنوك والممولين وأصحاب رؤوس الأموال على تقديم التمويلات، وكذلك المشاركة والمساهمة في هذا النوع من المشاريع مادامت ستكون هناك آلية وفرصة للتخارج بمرونة، ومن خلال قناة رسمية فكيف في السابق لبنك أو مستثمر أو ممول أن يدخل في حصة، وعندما يريد التخارج يبحث يمينا ويسارا عن فرد لشراء هذه الحصة؟ وهي من أكبر المكاسب، حيث ستؤدي عملية تأسيس بورصة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة إلى تدوير مبالغ ضخمة معطلة.
5 - ستكون الكيانات المدرجة في بورصة المشاريع الصغيرة والمتوسطة هدفا للشركات المدرجة لمن يريد الاستحواذ على نشاط تشغيلي وتطويره، أو الدخول في تحالفات وشراكات، ومن غير المستبعد أن تنتقل هذه الشركات للبورصة الرسمية مستقبلا بعد خطوة التطوير والتأهيل ونمو الأعمال.
6 - ستتيح عدة أنشطة وعمليات كثيرة للشركات المرخص لها، سواء شركات الاستثمار، حيث خدمات الاستشارات وإدارة الاكتتابات وتسويق وبيع حصص في تلك المشاريع وحشد التمويلات اللازمة، وكذلك للقطاع المصرفي وشركات الوساطة.
7 - المشروع إجمالا سيُحقق حراكا في القطاع المالي، وسيكون نقطة تحوّل جوهرية في مسيرة الاقتصاد والقطاع الخاص، حيث ستنمي وتحفز التوجهات الرامية لهيكلة الاقتصاد وتوسيع دور القطاع الخاص بشكل أكبر.
8 - التشجيع على اتّباع مفاهيم جديدة في الأعمال والأنشطة التجارية تنعكس على تطوير الأعمال، وتحفز على الإبداع بالبحث عن أنشطة جديدة ومفقودة يحتاجها الاقتصاد.
9 - ستكون بورصة المشاريع الصغيرة والمتوسطة نافذة مهمة للمستثمرين الأجانب الباحثين عن هذا النوع من الفرص والشراكات، والراغبين في نسج تحالفات بمشاريع تشغيلية صغيرة بهدف تطويرها، وكثير من الشركات العالمية الكبرى تدخل في تمويلات واكتتابات وفرص من هذا النوع.
10 - تضمن خطوة تأسيس بورصة للمشاريع الصغيرة، بطريق غير مباشر، الاستدامة لهذه الكيانات الوليدة، وهي واحدة من أهم المكاسب.
11 - ستكون البورصة المزمع تأسيسها، في حد ذاتها، فرصة للقطاع الخاص للمنافسة عليها، حيث من المنتظر أن تحدد الدراسة سيناريوهات، منها الشراكة مع القطاع الخاص، والتأسيس وطرح جزء للاكتتاب للمواطنين، وجزء للقطاع الخاص، وفي كل الحالات ستكون منصة ناجحة ستلبي طموحات كثيرة وتملأ فراغا قائما.