توسعت الدعوات المطالبة بسرعة التخلص من الدولار في مصر مع انخفاض الطلب من المستوردين، وضعف اعتمادهم على السوق السوداء للصرف، ما أحدث ارتباكاً لدى المضاربين في العملة، ودفعهم إلى التعامل بحذر بين غالبية المتعاملين.

وخلال الأيام الماضية، شهدت الصفحات التي تتابع أسعار الصرف في السوق الموازي على مواقع التواصل الاجتماعي، العديد من المنشورات التي تطالب أعضاء هذه الصفحات بسرعة التخلص من الدولار، وتزامن ذلك مع تراجع سعر العملة الأميركية إلى مستويات بين 38 و39 جنيهاً في التعاملات الأخيرة، وكانت وصلت إلى 42 جنيهاً خلال الأسبوع الأخير من أغسطس الماضي.

Ad

وكشفت مصادر مطلعة، لـ«العربية.نت»، أن عدداً كبيراً من البنوك المصرية بدأ توفير الدولار للمستوردين، ولكن وفق اشتراطات معينة، ما تسبب في تسهيل الحصول على المبالغ اللازمة لتمويل العمليات الاستيرادية.

في المقابل، يشهد سوق الصرف الرسمي حالة من الهدوء والاستقرار، ولم يطرأ أي تعديل على أسعار الصرف منذ الخفض الأخير في قيمة الجنيه خلال يناير الماضي.

ومنذ بداية أغسطس الماضي، توسعت السلطات المصرية في مراقبة السوق السوداء للعملة، وأعلنت توقيف عدد كبير من التجار والمضاربين، ما تسبب في توقف عدد كبير من التجار عن العمل، أو أن يتم التعامل عبر وسطاء فقط.

وقبل أيام، كانت مصادر قد كشفت عن بدء عدد من البنوك المصرية تدبير عملة أجنبية للشركات غير المصدرة - التي ليس لديها حصة تصدير - للقيام باستيراد مستلزمات إنتاج أو سلع كاملة الصنع من الخارج، وتشترط البنوك قيام هذه الشركات بالتنازل عن عملات أجنبية لديها، تقارب ما سيقوم البنك بتدبيره لها لاحقاً، دون سؤال الشركات عن مصدر العملة.

يذكر أنه وفقاً لقواعد البنك المركزي المصري فإنه لا يتم قبول فتح اعتمادات مستندية للاستيراد إلا بسداد قيمة الشحنات من حصيلة الصادرات والإفصاح عن مصدر العملات.

وقال عضو اتحاد الصناعات المصرية كمال الدسوقي، إن عملية تدبير العملة الصعبة اللازمة للاستيراد حصل فيها تغير كبير، موضحاً أن هذه الفترة شهدت شحاً كبيراً في السيولة الدولارية اللازمة لاحتياجات المصنعين والمستوردين، حيث كانت البنوك تدبر العملة الأجنبية فقط للسلع الغذائية والاستراتيجية ثم قطع الغيار وغيرها من مستلزمات الإنتاج.

وأوضح الدسوقي، في مقابلة مع «العربية» خلال أغسطس الماضي، أن البنوك لم تكن تدبر عملة أجنبية لاستيراد سلع ينظر إليها باعتبارها غير ضرورية أو أساسية، لكن الأمر تغير حالياً بعد توافر مصادر من العملة الأجنبية من الشركات المصدرة ولديها فائض من النقد الأجنبي يمكنها من تلبية احتياجات شركات أخرى في السوق.

وأشار إلى إمكانية اتفاق الشركات صاحبة الفوائض الدولارية المصدرة مع الشركات الأخرى المستوردة لتدبير الدولار عبر التنازل عنه في البنك، كما أن الشركات المصدرة لم تكن لديها مشكلة في تدبير الدولار لاستيراد مستلزمات إنتاج أو مواد خام في الفترة الماضية.

وأفاد بأن شح العملة الصعبة خلق تكدساً للبضائع والسلع في الموانئ كانت الشركات استوردتها ولم تتمكن من إخراجها من الموانئ بسبب نقص الدولار، مضيفاً أن الأمور تسير بشكل جيد منذ شهر تقريباً بشأن الإفراج الجمركي عن السلع والبضائع في الموانئ وكم كبير من البضائع صار يخرج من الموانئ.

وتراجع عجز صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي بنحو 805 ملايين دولار، خلال يوليو الماضي، وهو أكبر تحسّن منذ بداية الأزمة الاقتصادية التي شهدتها مصر عقب غزو روسيا لأوكرانيا، وفق بيانات البنك المركزي المصري. وسجل متوسط سعر صرف الدولار أمام الجنيه بنهاية يوليو نحو 30.95 جنيهاً، ليستقر عند مستويات نهاية يونيو نفسها.

وانخفض الفارق بين الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي والتزاماته بالعملة الأجنبية تجاه غير المقيمين، إلى 26.2 مليار دولار مقابل 27.1 ملياراً في يونيو، وفق صحيفة البورصة المصرية.

وجاء التراجع رغم اتساع عجز صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي بنحو 149 مليون دولار، بدعم من تحسّن صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك التجارية، لينخفض العجز لديها بنحو 954 مليون دولار في يوليو.

وتراجع عجز صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك بدعم من ارتفاع الأصول الأجنبية إلى 13.8 مليار دولار مقابل 12.8 ملياراً في يونيو، وفي الوقت نفسه، ارتفعت الالتزامات هامشياً فقط إلى 29.98 ملياراً مقابل 29.86 ملياراً.

وبحسب البيانات، ارتفعت التزامات البنك المركزي خلال يوليو بنحو 263 مليون دولار، وهي وتيرة أسرع بكثير من زيادة الأصول بنحو 114 مليوناً.