في وقت تخشى الولايات المتحدة من فتح نافذة عودة لتنظيم «داعش» بمعقله السابق في البادية السورية، التقى نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي، إيثان غولدريتش، وقائد عملية «قوة المهام المشتركة - عملية العزم الصلب»، اللواء فويل، أمس، مع ممثلين من قوات ومجلس سورية الديموقراطية (قسد)، وزعماء عشائر عربية في دير الزور، واتفق معهم على وقف إطلاق نار لوضع حد للمعارك الدائرة بينهم منذ 9 أيام.
وذكرت السفارة الأميركية في سورية، أن اللقاء تمخّض عن اتفاق على أهمية معالجة مظالم سكان دير الزور، ومخاطر التدخل الخارجي في المدينة، وضرورة تجنّب سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين، ووقف تصعيد العنف في أسرع وقت ممكن.
وطالبت السفارة «قسد» بتفويت الفرصة على من سمّتهم بـ «الجهات الفاعلة الخبيثة التي تعد بكثير من المكافآت، لكنها لن تجلب سوى المعاناة لشعوب المنطقة».
وجاء التدخل الأميركي لفرض التهدئة في دير الزور، ذات الأغلبية العربية، والتي يقسّمها نهر الفرات إلى نصفين، شرقي يخضع لسيطرة «قسد»، وغربي تتمركز به قوات حكومة دمشق وميليشيات موالية لإيران، بعد اتهامات كردية للحكومة السورية وطهران بمحاولة الضغط ميدانياً، بهدف إخراج القوات الأميركية المنتشرة بشمال سورية. كما اتهمت الإدارة الكردية المدعومة من واشنطن، الحكومة التركية الداعمة لفصائل سورية مسلحة باستغلال التوتر وتحريك «الجيش السوري الوطني» لشنّ هجمات عليها بمناطق سيطرتها.
استعادة وتمشيط
في غضون ذلك، تمكّنت قوات «قسد» من السيطرة على مدينة البصيرة، كبرى مدن ريف دير الزور الشرقي، بعد انسحاب مقاتلي العشائر العربية منها، أمس، بعد سيطرتها على عدد من القرى والبلدات الأخرى كانت قد خسرتها لمصلحة العشائر.
وشنت «قسد» عملية تمشيط بالبصيرة، واعتقلت عدداً من الأهالي ودفعت بتعزيزات ضخمة إلى المنطقة.
وأحصت تقارير محلية مصرع 12 مقاتلاً من أبناء العشائر في الاشتباكات مع «قسد»، فيما أعلنت القوات الكردية مقتل 4 من عناصرها.
جبهات جديدة
في هذه الأثناء، امتدت شرارة الاشتباكات بين العشائر والقوات الكردية السورية التي تتهمها أنقرة بتغطية تنظيم حزب العمال الكردستاني التركي الانفصالي إلى ريف مدينة منبج التابعة لمحافظة حلب وريف الرقة وشمال الحسكة، وقطعوا طريق «M4» بعد طرد القوات الكردية.
وتداولت منصات على مواقع التواصل مواكب لسيارات تحمل أسلحة ومقاتلين من العشائر العربية تتجه صوب جنوب مدينة جرابلس لدعم نظيراتها التي تخوض اشتباكات مع التنظيم الكردي في دير الزور، وتحدثت عن فرار عناصر التنظيم الكردي من مركز منبج هرباً من هجمات العشائر.
وفي اشتباك منفصل، أفاد «المرصد السوري» بمقتل 5 من قوات الجيش النظامي و11 من الفصائل المسلحة في اشتباكات اندلعت بمنطقة في محافظة الحسكة.
قصف روسي
في السياق، ذكر المرصد السوري المعارض أن مقاتلات روسية قصفت القرى التي سيطرت عليها العشائر المدعومة من قبل الفصائل المسلحة الموالية لتركيا، قبيل اللقاء المرتقب بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، والذي يتوقع أن يبحث مستقبل تطبيع أنقرة ودمشق والوجود العسكري التركي بشمال سورية.
وكان ملف سورية حضر أمس في المباحثات بين وزيري الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان والتركي حقان فيدان الذي يقوم بأول زيارة له إلى طهران منذ تسلّمه منصبه.
انتفاضة السويداء
إلى ذلك، تواصلت، أمس، في السويداء التي تتركز بها الأقلية الدرزية السورية، الاحتجاجات المطالبة برحيل نظام الرئيس بشار الأسد، فيما تداول نشطاء مقاطع فيديو تظهر رفع صور سلطان باشا الأطرش وإبراهيم هنانو وصالح العلي، رموز الاستقلال فوق مبنى المالية بساحة الكرامة المركزية.
وشهدت الساحة تظاهرات جديدة مع دخول الاحتجاجات المطالبة بتغيير شامل وفق القرار الأممي 2254 أسبوعها الثالث أمس.
في المقابل، حذّر بشار برهوم، المحسوب على أجهزة الاستخبارات الحكومية، من أن رفع علم الدروز خلال التظاهرات في السويداء يحرّك النعرات الطائفية والانفصالية.
وفي ظل تواصل التوتر بجنوب البلاد، قُتل عبدالإله الفضيل عضو حزب البعث الحاكم بريف درعا برصاص مسلحين، أثناء توجهه إلى عمله في مدينة نوى.
من جهة ثانية، يصل المبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسون إلى دمشق الأسبوع المقبل في زيارة تستغرق يومين بهدف بحث إمكانية تحديد موعد لانعقاد الجولة التاسعة للجنة مناقشة الدستور، بعد توافق المشاركين في لجنة الاتصال العربية على عقد الاجتماع المقبل في سلطنة عمان بتسهيل وتنسيق مع الأمم المتحدة قبل نهاية العام.
من جهة أخرى، أصدر الرئيس السوري مرسوما تشريعيا يقضي بإنهاء العمل بمرسوم تشريعي سابق صادر عام 1968 وتعديلاته، المتضمن إحداث محاكم الميدان العسكرية.