تلقى رئيس مجلس النواب نبيه بري جرعة دعم للحوار الذي دعا إليه ليُعقد الشهر الجاري، من البطريرك الماروني بشارة الراعي. ويمثّل موقف الراعي في دعوته النواب للذهاب إلى الحوار متحررين من كل حساباتهم المصلحية، تغيّراً في موقفه، إذ إنه كان قد عارض هذا الحوار الأسبوع الفائت، وحث على الاستمرار في عقد جلسات الى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مادام هناك مرشحون يتنافسون.
عملياً، موقف الراعي من شأنه إحراج بعض القوى المسيحية التي كانت تستند إليه في رفضها للحوار، على قاعدة التكامل حول مسألة استكمال الجلسات، علماً بأن الراعي كان قد تبنّى بشكل أو بآخر ترشيح جهاد أزعور الذي حصل عليه تقاطع بين أفرقاء المعارضة.
الموقف الجديد للبطريرك الماروني يتقاطع مع موقف رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، الذي يعتبر أن تحديد برّي مهلة للحوار والتعهد بعقد جلسات متتالية، يمثّل تلبية لما كان قد طالب به «التيار»، وهو اقتراح كان قد أبلغه باسيل للفرنسيين أيضاً، بأن يكون الحوار مشروطاً ومحدداً بمدة زمنية معيّنة، بعدها يتم فتح أبواب المجلس النيابي.
لكن لم يرُق موقف الراعي وباسيل للأحزاب المسيحية الأخرى، وخصوصاً القوات اللبنانية، بعد أن رفع زعيمها سمير جعجع السقف عالياً جداً تجاه كل ما يُطرح من صيغ للحوار، معتبراً انها مجرد وصفة لكسب الوقت وتضييع القضية الأساسية، وهي انتخاب رئيس.
ووفق ما تشير مصادر متابعة، فإن دعوة بري للحوار كانت منسقة مع فرنسا وإيران وحزب الله، كما أنه طلب من الأميركيين مساعدته في إقناع حلفائهم بضرورة الذهاب إلى طاولة المفاوضات.
في المقابل، لا يزال هناك رهان لدى برّي وحزب الله على تحقيق خرق في الحوار السعودي ـ الإيراني المفتوح، والذي تناول أخيراً الملف اللبناني، وهو ما انعكس على لسان وزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان، وسط معلومات تشير في لبنان إلى بذل المزيد من المساعي الإيرانية لأجل فتح قناة مباشرة أو غير مباشر بين الرياض وحزب الله.
ويواصل بري اتصالاته اللازمة لأجل توفير ظروف إنجاح مبادرته، وبحسب ما تشير مصادر متابعة، فإنه يتواصل مع عدد من النواب والكتل في سبيل إقناعهم بالمشاركة على قاعدة أنه لا بديل عن الحوار، في ظل عدم وصول المساعي الفرنسية إلى النتائج المطلوبة، وهو يصرّ على أن الحوار سيكون لبنانياً - لبنانياً، وليس برعاية باريس، بعد رفض قوى عديدة للاقتراح الفرنسي.
يأتي ذلك في ظل الحديث عن احتمال تأجيل زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان إلى نهاية الشهر الجاري، وتحديداً إلى ما بعد انعقاد اجتماع عن ممثلي الدول الخمس في نيويورك، والذي قد يصدر عنه موقف واضح تجاه لبنان.
في موازاة حوار بري، يستمر الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحرّ، وقد دخل في التفاصيل، وهو ما يحتاج إلى وقت طويل، خصوصاً أن المعلومات تفيد بأن حزب الله قد رفض الصيغة المقترحة من باسيل حول كيفية تطبيق اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة، كما رفض منح امتيازات تشريعية لكل قضاء «لا مركزي»، إضافة إلى رفضه أن يتمتع كل قضاء بقوى أمنية خاصة به.