كان الأمن الداخلي في الكويت قديماً يستند على قوة صغيرة من الرجال الذين يحيطون بالأمير ويطلق عليهم «الفداوية»، وفي فترة مبكرة من تاريخ الكويت تأسس فريق لحماية الأسواق أطلق عليهم «نواطير» يعملون في الليل ويديرهم الشيخ صباح بن دعيج الذي لقب بصباح السوق واستمر في عمله عقوداً من الزمان.
وفي عام 1938، أسس الشيخ أحمد الجابر دائرة الأمن العام وكان مقرها في ساحة الصفاة وكان عدد أفرادها لا يزيد على ستين شخصاً في بداية الأمر. أما أول من تولى رئاسة الأمن العام فهو الشيخ علي الخليفة الصباح المعروف بشجاعته وإقدامه والذي وصفه الشاعر عبدالله السعد اللوغاني في قصيدة معركة الرقعي عام 1928 بأبيات من الشعر هذا نصها:
وعلي الخليفة الحر
عطب الضرايب
لاشتدت الهيجات
سوّا العجايب
شيخٍ ولد شيخ
من نسل شجعان
ومن بعد الشيخ علي الخليفة، تولى الشيخ عبدالله المبارك الصباح إدارة الأمن العام وطورها كثيراً وصولاً إلى تأسيس الجيش الكويتي عام 1953. فهل ننسى هؤلاء الذين سهروا على حماية مصالح البلاد والعباد، وسهروا للمحافظة على أسواق الكويت من اللصوص، واجتهدوا في القبض على المجرمين والخارجين على القانون في فترة لم تتوافر فيها إمكانيات ولا أدوات ولا مكافآت أو بدلات؟! هل ننسى يعقوب البصارة، وشهاب البحر، وعبداللطيف الثويني، وعبدالله فراج الغانم، وجاسم الشهاب، وغيرهم الكثير من رواد الأمن في الكويت؟ هل ننسى دورهم؟
أما في المجال الصحي، فقد أسس الشيخ أحمد الجابر الصباح أول لبنة في هذا المجال عام 1936، وكان شبيهاً بالمجالس الأخرى السابقة له من حيث انتخاب مجلس لا يتلقى مكافآت أو رواتب. هل ننسى كيف تأسس المستشفى الأميري في الكويت ودور ورثة التاجر حمد الصقر في التبرع بأرض كبيرة لبناء المستشفى؟!
وهل ننسى دور أسرة «العبدالجليل» في تأسيس المستشفى الأمريكاني وتوسعته قبل أكثر من مرة عام؟
وهل ننسى دور الأطباء الشعبيين أمثال أحمد الغانم، الذي كان يستقبل المرضى في عمارته المطلة على البحر ويقوم بتجبير كسورهم ويداوي المرضى بالأعشاب ويصف لهم العلاج بدون مقابل؟! هل ننسى عبدالرحمن المنيفي الذي أطلق عليه عبدالرحمن «الدهنة» لاستخدامه الدهن لعلاج مرضاه؟ هل ننسى أول صيدلي في الكويت وهوعبدالإله القناعي الصيدلي الذي افتتح صيدليته وعيادته عام 1919 تحت موقع كشك مبارك في وسط مدينة الكويت؟ وهل ننسى الصيدلي عبداللطيف الدهيّم الذي افتتح صيدليته عام 1927 وجعل الدواء متاحاً للكويتيين بعد أن كان غير متوافر؟
هل ننسى سيد حسن وسيد عبدالرزاق الزلزلة اللذين افتتحا عيادة أسنان في عام 1924 في قيصرية خليل القطان الشهيرة بعد أن درسا طب الأسنان في بغداد لمدة سنتين؟ وكيف ننسى «المطهّر» أحمد الهندي الذي قام بختان آلاف الأولاد في الكويت، وكان الآباء يحرصون على ختان أولادهم على يديه لمهارته العالية وسرعته في الإنجاز؟ هل ننسى أنه مارس عمله هذا لأكثر من أربعين عاماً حتى نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، ثم ورث المهنة من بعده ابنه عبدالوهاب؟ هل ننسى دورهم؟ هل ننسى دور الدكتور عمر سلامة (اللبناني) (أول طبيب يعمل في المستوصف الحكومي) ودور الدكتور يحيى الحديدي (السوري) (ثاني طبيب في المستوصف الحكومي)؟ هل ننسى المستشفى الخيري الذي أنشأته الجمعية الخيرية عام 1913؟
يقول الدكتور يعقوب الغنيم في مقالة صحفية له: «وقد تبرع الكثيرون من أبناء البلاد لهذا العمل الطيب، فتهيأ للعاملين لإنشاء هذا المستوصف، وعلى رأسهم فرحان بن فهد الخالد، مبلغ من المال استطاعوا به البدء دون تردد». وإذا أردتم المزيد من المعلومات حول هذا الأمر، فيمكنكم الاطلاع على الكتاب القيم والموثق «تاريخ الخدمات الصحية في الكويت منذ النشأة حتى الاستقلال» لمؤلفه د. خالد فهد الجارالله... هل ننسى دورهم؟!