«أوبرا 40»
سرد الأحداث شبه روائي، لكن المؤلف، أحمد بن عبدالله الصانع، اكتفى بأن وضع على الغلاف، الجزء الأول، ولم يُشر إلى مضمون محتوى كتابه، إن كان رواية أو فانتازيا مذكرات تاريخية لأحداث القرنين الماضيين، سياسياً واجتماعياً، لأنه اختزل أزمنة وأمكنة منذ القرن التاسع عشر حتى وقتنا الراهن، بل إن الشخصيات في «أوبرا 40» كان ظهورها ما بين الشيخ مبارك والشيخ خزعل وطالب النقيب وغيرهم، وهؤلاء عاشوا منذ عقود طويلة ماضية. كذلك هناك شخصيات عراقية سياسية كان لها حضور في مطلع القرن العشرين، إضافة إلى وجود شخصيات معاصرة إلى الوقت الراهن. وحتى اللغة المُستخدمة، نجد أن الحوارات تستخدم الفصحى، والعديد من اللهجات العامية، كالعراقية والنجدية، وغير ذلك.
هذا العمل كان بحوزتي منذ أشهر، وكنت متردداً في الكتابة عنه، لعدم وضوح هوية محددة له، لكن الجهد الذي بذله الكاتب في 580 صفحة دفع بي لكتابة هذه السطور، ولأقول للكاتب العزيز:
ما دُمت قد كتبت في الإهداء (أهدي هذه الرواية لأرواح أبطالها، الذين مُسحت ذكراهم وحذفت من صفحات التاريخ، لكنها بقيت محفورة في عقولنا وقلوبنا)، فكان من الحري بك أن تكتب على غلاف «أوبرا 40» أنها رواية، مع أنني لم أقرأ رواية بمفهوم الرواية المتعارف عليه، بل قرأت مزيجاً من الأحداث التاريخية التي كُتبت بتصرف، لأن الرواية التي أعرفها، فيها أبطال يحركون الأحداث، لكن البطل الوحيد في «أوبرا 40» هو المؤلف، الذي تدور كل الأحداث على لسانه.
***
إن ما يجذب القارئ للمُنتج الأدبي، هو ذلك النبض الحي، والتلقائية، والصدق الذي يعكسه الروائي، الذي يبتدع خلق أبطاله من نماذج الناس الذين يعيش بينهم، ويعرض قضاياهم فيما يكتبه، بإيجاز مركز، بعد أن يتعايش مع تلك القضايا، فيتقمص أدق دقائق تلك الشخصيات، فيذوب في أحداثهم، كموجة في بحار واقعهم، فيصوِّر الأزمات التي تطحنهم، وكذلك محطات السعادة التي تغمر حياتهم.
***
في «أوبرا 40» كانت معالجة الكاتب أقرب ما تكون إلى أنه يمتلك كمَّاً معرفياً لأحداث تاريخية، فصبها بالطريقة التي وصلتني عند قراءتها، أو هكذا فهمتها، فإن أخطأت في هذا التشخيص، فأتقدم بالاعتذار من المؤلف، لمحدودية قدراتي الاستيعابية، وإن أصبت، فأتقدم إليه بجزيل الشكر على تحريك ذاكرتي، للوقوف على أحداث كان قد تجاوزها الزمن.