اجلسوا على كراسي السينما المريحة وراقبوا باهتمام، ويا ليت ببعض القلق، أفلام الدائرة السادسة من بطولة وإخراج وإنتاج وسيناريو شيوخنا الأكارم، ليس كل الشيوخ طبعاً، إنما هؤلاء أصحاب الوزن الثقيل الذين يتربعون اليوم على الوزارات الحساسة، والذين «يحلّون ويربطون» ويعطون ويأخذون، والناس في النهاية مرتاحون وفرحون بمتابعة الفيلم المشيخي الكبير، هو كوميديا سوداء وفيلم رعب، بينما المشاهدون يتخيلونه ترفيهاً جميلاً، طبعاً هم المشاهدون الغارقون في اللحظة الحاضرة، ونسوا غدهم ومستقبل أجيالهم، وهم من حزب أكثرية «إذا عطاك الشيخ مرق حطّه بشليلك»، أو كما يكرر البعض حتى الملل بأن الشيوخ أبخص... وإلّا كيف أصبحوا شيوخاً؟
ماذا نفهم من تلك الاستعراضات الانتخابية للدائرة السادسة التي يتسابق على أرضها شيوخنا بارك الله فيهم؟ وعلى مضمار ميزانية الدولة المعلّقة في فراغ المجهول والجهل، سباق تنقطع فيه الأنفاس لاسترضاء الجمهور الذي يهلل اليوم للفجر الجديد والحلم الكبير بعد ليل مظلم طويل، كما تصنعه خيالات الأفلام العربية المكللة بالنهايات السعيدة.
خذوا قبل أشهر بسيطة مجلس الوزراء (ذلك الوقت) يعتمد ترقيات كبيرة في الجيش والشرطة، والصحافة تصفها بأنها أكبر حركة ترقيات في تاريخ الجيش والشرطة..! تلك الترقيات مستمرة منذ عام 2022 وحتى 2023، يستأهل كل خير أهل الشرطة والجيش متى كان ذلك حقاً مستحقاً لهم منذ زمن، لكن ما المناسبة لها الآن تحديداً؟!
خبر ثانٍ يعلمنا أن وزير الدفاع بالوكالة (سابقاً) يوجّه بمنح وسام الواجب العسكري لخمسة وثلاثين ألفاً في الجيش والشرطة... أيضاً ما هي المناسبة لها الآن؟
خبر آخر عن إلحاق 598 من متقاعدي «الداخلية» بدورة إعادة الخدمة «ضباط الصف والأفراد»! ما هذا؟ إنسان متقاعد مرتاح يُستعان به «لشرف الخدمة» وللاستفادة من خبراته... كم هي تكلفة مثل ذلك النزف، ومَن يتحملها؟
أيضاً توجيهات مشيخية عن بدء استقبال 5000 إطفائي للعلاج بالخارج... مَن يصدق أن العلاج بالخارج حقيقة وليس مجرد أداة سياسية للسلطة لاسترضاء النواب أو أصحاب الوساطات؟ لماذا عندنا أفضل المستشفيات العامة وبركات نظام عافية كي تعول العيادات والمستشفيات الخاصة مادامت أبواب العلاج السياحي مفتوحة؟
أين نبدأ وأين ننتهي حين نتحدث كذلك عن مشروع ضمّ ربات البيوت إلى نظام عافية على نفقة «التأمينات» المحمّلة بالتزامات رهيبة؟ وهناك الكثير من أخبار حفلات سباق شراء الولاءات والتنافس بين الشيوخ في الدائرة السادسة التي سنراها في القريب.
هل هناك من شيوخنا الكرام مَن فكّر، ولو للحظة، عن مستقبل مجهول في مداخيل رديفة للنفط؟
هل يطالعون تجارب دول الخليج وماذا يصنعون هناك وما نعجز عنه الآن؟
هل أنتم بحاجة إلى كسب أصوات انتخابية في الدائرة السادسة؟ نواب الأكثرية يصمتون عن المشاريع الاستهلاكية الممتدة، خشية زعل الناخب، والآن لدينا نواب من الشيوخ يدخلون هذا السباق، جُلّ شروط ترشحهم أن يكون شيخاً ولد شيخ ولد شيخ بدولة محاصصة لتاجر ولد تاجر، وبحر ممتد من موظف عام ولد موظف عام ولد موظف عام، وكل القضية آخر الأمر هي بايب بترول يضخ مالاً سهلاً لدكان متواضع يباع ريعه وينفق منه، دولة الدكانين لا مكان لها في عالم الصراع للأفضل.