قوبلت مناقصة تطوير بوابة الكويت الدولية التي طرحتها هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بفزعة قوية من عدة نواب أكدوا أن في تلك المناقصة انتهاكاً للدستور وتجسساً على حريات المواطنين وخصوصياتهم التي تمثل خطاً أحمر لا يجوز الاقتراب منه، وظلت دائرة الرفض تتسع وانضمت إليها تحذيرات عالية النبرة إلى درجة أجبرت وزير الدولة لشؤون البلدية وزير الدولة لشؤون الاتصالات فهد الشعلة على توجيه خطاب إلى رئيس مجلس إدارة الهيئة بوقف المناقصة ومراجعتها قبل اتخاذ أي إجراء بشأنها.

وطلب الشعلة، في خطابه الذي حصلت «الجريدة» على نسخة منه، «التأكد مما إذا كانت المناقصة تتضمن بنوداً تتعلق بسيادة الدولة أو بحقوق المواطنين العامة والخاصة أو ثروات الوطن، والتي نص عليها الدستور، مع مراعاة أن تلك الحقوق لا يجوز التعرض لها بأي شكل من الأشكال إلا بصدور قانون».

Ad

وفي تعقيبه على ردود الفعل النيابية، قال الشعلة لـ «الجريدة»: «لن نقبل أي مساس بالحريات»، حيث إن «الاتصالات حق مكفول لجميع الأشخاص، ولا يجوز التنصت عليها وفق الدستور»، مضيفاً أنه خاطب رئيس مجلس إدارة الهيئة لإيقاف أي مناقصة تتعارض مع الدستور أو الحريات.

نيابياً، كانت النائبة د. جنان بوشهري في طليعة من تصدى لتلك المناقصة، مؤكدة أنها متعلقة «بفرض رقابة على الإنترنت في الكويت والتجسس على المواطنين».

وأعربت بوشهري، في تصريح أمس، عن رفضها تقييد الحريات وانتهاك الدستور، معتبرة أن استمرار التعاون مع الحكومة أساسه الالتزام بالدستور، وأن «أي انتهاك للمكتسبات الدستورية يعني انتهاء التعاون بين السلطتين».

ورأت «أننا نعيش حالة جديدة فيها انتهاك للدستور وتعدٍّ على حريات المواطنين»، معقبة: «يبدو أن هناك من يعتقد أنه لم يعد للدستور من يحميه».

وأضافت أن ما ورد في الصفحة 42 من كراسة المناقصة، فضلاً عن متطلبات الهيئة الواردة بالكراسة والمتعلقة بتقنية الـ DBI في الصفحة 47، يظهران أن الهيئة تريد من النظام الجديد أن يكون قادراً على تقويم الخدمات المقدمة بتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي الموجودة على الهاتف النقال والحاسوب والآيباد والتحكم فيها.

وأوضحت أن الهيئة طرحت مثالاً بتطبيق «الواتساب» حيث طلبت منع الاتصالات عبره، مع استمرار المحادثات النصية، موضحة أن الهيئة طلبت ذلك «لأن هذا النوع من الاتصالات لا يمكن اختراقه، لذا تريد أن تجبر المواطنين على استعمال وسائل اتصال يمكن مراقبتها والتنصت عليها».

وذكرت أن الهيئة طلبت في الصفحة 74 أن تكون التقنية قادرة على نسخ حركة مستخدمي الإنترنت وإرسال البيانات لأنظمة طرف ثالث، متسائلة: «من هذا الطرف الثالث؟! وما السند القانوني لأن تقوم الهيئة بكل هذه الإجراءات والاطلاع على معلومات خاصة للمواطن دون موافقته أو علمه بتنصت الهيئة على معلوماته؟».

وأضافت أنه في الصفحة 63 من كراسة المناقصة طلبت الهيئة ان يكون النظام قادراً على مراقبة معلومات كل مستخدم للإنترنت في الكويت ومراقبة التطبيقات التي يستخدمها ونوع الجهاز المستخدم وموقعه الجغرافي، متسائلة: «هل هذه المعلومات الهدف منها تطوير بوابة الكويت الدولية كما أتى في عنوان المناقصة، أم هدفه أمني وفرض الرقابة على المواطنين؟».

وأكدت بوشهري أنها بحثت عن الحكومات التي تستخدم هذه التقنية في شبكاتها بتلك المتطلبات، ووجدت أن الدول المعادية للديموقراطيات والحريات هي التي تطبقها بهذه المواصفات، معتبرة أنه «إذا تم تطبيق ذلك فإن الكويت سوف تنضم إلى قائمة هذه الدول».

وقالت بوشهري، مخاطبة وزير الدولة لشؤون الاتصالات فهد الشعلة: «لا يقصون عليك أعداء الدستور والحريات ويقولون لك إن إلغاء هذه المناقصة فيه ضعف وتراجع»، معتبرة أن «إلغاءها انتصار للدستور، وإن تخليتَ عن مسؤولياتك وتمت ترسية المناقصة، تبدأ مسؤوليتي في احترام الدستور والذود عن حريات الشعب».

وأشارت إلى أن الهيئة طلبت أن يكون النظام قادراً على تقييد حجم المرور لتطبيق معين، مضيفة: «ما الضمان أن الهيئة لن تقيد المرور إلى مواقع التواصل الاجتماعي إذا كانت هناك حملة من المواطنين ضد الحكومة تجاه قضية معينة، وعدم القيام ببطء حركة الإنترنت، وإعاقة وصول المشتركين لتلك المواقع؟! لا توجد أي ضمانات».

وأعربت عن تمنياتها ألا يصدر بيان من هيئة الاتصالات تتلاعب فيه بالألفاظ، وتقول إن هذه المناقصة هدفها حجب المواقع المسيئة وخفض تكاليف الإنترنت وأن فيها فائدة للمجتمع، مشيرة إلى أن هذه الألفاظ هي القناع الذي استخدمته الدول المعادية للديموقراطيات والحريات لفرض هذا النظام والتجسس على مواطنيها.

وعلى الخط نفسه، ومن حسابه على منصة إكس، وجه النائب مرزوق الغانم تساؤلاً إلى رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد: «الأخ سمو رئيس مجلس الوزراء... مناقصة بوابة الكويت الدولية التي تفرض رقابة على الإنترنت وخصوصيات المواطنين والتجسس عليهم بصورة مخالفة للدستور هل هي من ضمن برنامجكم لتصحيح المسار؟ أو خطوة أخرى في اتجاه الدولة البوليسية؟!».

من جهته، حذر النائب عبدالله المضف الحكومة بأن «أي مسؤول يعتقد أن بإمكانه التضييق على حرية الرأي والتعبير أو المساس بسرية معلومات المواطنين أو اتصالاتهم سنتصدى له، وأي مسؤول يجرؤ على هذه الخطوة سنكون أسرع منه بالمحاسبة».

وأعرب النائب حمد العليان عن رفضه للمناقصة، مؤكداً أن «النقاش فيها منتهٍ قبل بدايته، لأن الانتقاص من حريات الناس أمر لن يستطيع أحد الاقتراب منه أو محاولة المساس به».

بدوره، قال النائب د. عبدالكريم الكندري إن «أي محاولة حكومية للتضييق على الحريات بشكل عام وحرية الرأي والتعبير بشكل خاص أو انتهاك سرية الاتصالات والتضييق على الفضاء الإلكتروني سنتصدى لها».

وشدد النائب مهند الساير على أن «كرامات الناس وخصوصياتهم ليست منحة من أحد، والرسائل التي بدأت تصلنا من الحكومة بالتعدي على حريات الناس بحجة الاستقرار أمر يجب أن يراجع»، مؤكداً أن «على الحكومة وعلى رأسها الأخ الشيخ أحمد النواف أن يعلموا أن إقرار القوانين بيد والتعدي على حريات الناس باليد الأخرى سيجعلنا نتصدى لك ولحكومتك، فإما إلغاء المناقصة فوراً، وإلا فنحن على موعد مع المنصة».

في المقابل، قال النائب مبارك الطشة: «استنكاراً لما أثير في مواقع التواصل الاجتماعي تواصلت مع الأخ الوزير فهد الشعلة وأبلغني أنه لا يمكن قبول أي نوع من أنواع تكميم الأفواه أو التجسس على المواطنين تحت أي مسمى»، مضيفاً: «أشكر الوزير وأؤكد أننا لن نقبل أي نوع من أنواع التجاوز على خصوصية الناس».

أهم مثالب «مناقصة التجسس»

• تتحكم في وسائل التواصل الموجودة بالنقال والحاسوب والآيباد

• تمنع اتصالات «الواتساب» لعدم إمكانية اختراقها وتسمح بالرسائل

• تجبر المواطنين على استعمال وسائل اتصال يمكن مراقبتها

• تتيح نسخ حركة مستخدمي الإنترنت وإرسال البيانات لأنظمة طرف ثالث

• تراقب معلومات كل مستخدم للإنترنت وتكشف تطبيقاته ونوع جهازه

• المتطلبات الواردة بها لا تستخدمها سوى الدول المعادية للديموقراطية

• تتحكم في تقييد حجم المرور لتطبيق معين لدى المواطنين

• لا سند قانونياً لاطلاع الهيئة على المعلومات الخاصة بالمواطن دون موافقته

وزير الإعلام... وشرخ العلاقة بين السلطتين

لدى فضحها مثالب مناقصة التجسس على المواطنين، استذكرت بوشهري ما تسبب فيه وزير الإعلام عبدالرحمن المطيري منذ أيام في شرخ العلاقة بين السلطتين بسبب أنفاسه المعادية للحريات والإعلام والصحافة، وتبنيه قانوناً أسماه قانون تنظيم الإعلام، «وهو في حقيقته ضد الحريات المسؤولة».

وأضافت بوشهري أنه «تم التصدي له نتيجة المواقف النيابية والشعبية والسياسية والمجتمع المدني».