بعد تجديد دمشق اشتراطها انسحاب القوات التركية من الشمال لعودة العلاقات بين البلدين، انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره السوري بشار الأسد، معتبراً أنه لم يتخذ أي خطوة باتجاه فتح حوار معه.
وقال أردوغان، في تصريحات على متن طائرته، لدى عودته من مدينة «سوتشي» الروسية، أمس، عقب لقاء القمة الذي جمعه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، إنه لم يرَ أي خطوة إيجابية من الأسد لإعادة العلاقات مع بلاده، ورأى الرئيس التركي أن على نظيره السوري الابتعاد عن أي تصرفات تُلحق الضرر بمسار التطبيع.
وأضاف أن «الأسد يتابع من بعيد الخطوات المتخذة ضمن الصيغة التركية - الروسية الإيرانية - السورية» فيما يتعلق بالتطبيع بين أنقرة ودمشق.
من جانب آخر، قال أردوغان معلّقاً على الاشتباكات الدائرة منذ نحو 12 يوماً بين قوات سورية الديموقراطية، التي يشكّل الأكراد عمادها، وعشائر عربية بمحافظة دير الزور شمال شرق سورية، إن العشائر هم أصحاب تلك المناطق الأصليون، وتنظيم «واي بي جي» إرهابي، ولا يعترف بحق الناس في الحياة، في إشارة إلى حزب «وحدات حماية الشعب الكردية»، الذي تصفه أنقرة بأنه امتداد لحزب العمال الكردستاني الانفصالي.
واتهم أردوغان تنظيم «واي بي جي» بأنه لا يتردد في ارتكاب أي مجزرة للسيطرة على النفط في دير الزور. ورأى أن التنظيم الكردي السوري المسلح يسهم في استمرار إراقة الدماء بالمنطقة وزعزعة وحدة أراضي العراق وسورية، داعياً الدول التي تدعمه إلى معرفة ذلك، في إشارة إلى الولايات المتحدة التي تدعم قوات «قسد» ضمن جهود التحالف الدولي الذي يقاتل تنظيم داعش.
وأتت انتقادات أردوغان بعد أيام من وضع الرئيس السوري انسحاب القوات التركية من الشمال شرطاً أساسياً لعودة العلاقات، وذلك خلال اجتماع مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان.
كما تأتي وسط سعي روسي مستمر منذ أشهر، تمثّل في اتصالات على أعلى مستوى دفعاً لعودة الاتصالات بين أنقرة ودمشق.
اشتباكات دير الزور
في غضون ذلك، أفادت مصادر بأن قوات «قسد» قصفت، أمس، بشكل مكثف بالهاون والطائرات المسيّرة بلدتَي الطيانة وذيبان، حيث تُعدّ الأخيرة المعقل الرئيسي لقيادات عشائر عربية انتفضت ضدها بعد قيامها بعزل رئيس «مجلس دير الزور العسكري» حليفها بقتال تنظيم داعش. وتحدثت المصادر عن حركة نزوح لأهالي بلدتَي الطيانة وذيبان باتجاه مناطق سيطرة حكومة دمشق، في الضفة الغربية لنهر الفرات.
وركزت «قسد» هجماتها على ذيبان التي تحتضن مقر قيادة التمرد ضدها في مضافة شيخ مشايخ قبيلة العكيدات، إبراهيم الهفل، الذي اتهمته القوات الكردية بأنه «رأس الفتنة والتحريض ضدها»، معلنةً أنه «بات مطلوباً لقواتها».
وأعلنت «قسد» المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة أنها فرضت طوقاً أمنياً على بلدة ذيبان وقرية الحوايج، وقالت إنها تتجه إلى حسم المعركة.
واستقدمت القوات الكردية تعزيزات عسكرية غير مسبوقة في محاولة، لاستعادة قرى أخرى بالريف الشرقي لدير الزور، بعد سقوطها بيد عناصر العشائر.
ودعماً للمقاتلين العرب، شنّ مقاتلون موالون لأنقرة في شمال البلاد هجمات ضد مناطق سيطرة «قسد»، وفُتحت عدة جبهات انطلاقاً من مناطق السيطرة التركية في الحسكة والرقة وحلب، حيث اشتدت وتيرة القتال بين الطرفين.
احتجاجات السويداء
من جانب آخر، أفادت مصادر محلية في محافظة السويداء، جنوب سورية، بأن أعيان المحافظة وقادة الاحتجاجات المستمرة ضد حكومة دمشق، منذ 17 يوماً، دشنوا أعمال تشكيل هيئة سياسية مدنية في المحافظة، التي تشهد منذ أكثر من أسبوعين تظاهرات حملت في البداية مطالب اقتصادية، قبل أن تتحول إلى المطالبة برحيل الأسد ونظامه. وقالت المصادر إن الهيئة السياسية المدنية ستنبثق عن مؤتمر سياسي سيعقد في السويداء، التي تضم معظم الطائفة الدرزية في سورية، خلال الأيام المقبلة.
ووفق المصادر، فإن الهيئة المرتقبة ستقدم إلى المجتمع الدولي رؤيتها السياسية لمستقبل البلد الغارق بالأزمات، ومشاركتها في العمل السياسي على إعادة بناء الدولة.
ولفتت إلى أن المبادئ التي تنطلق منها تلك الهيئة تأكيد وحدة الأراضي السورية، ورفض أي مشروع انفصالي، وتعزيز مفهوم الإدارة اللامركزية، وطرح مفهوم الإدارة الذاتية ضمن إطار الخدمات وتأمين احتياجات المجتمع، وكذلك مواجهة ظاهرة تفشي المخدرات في المجتمع، والتي يُعتقد أنها انتشرت بشكل كبير بسبب دعم أجهزة أمنية لها.
ويأتي الحديث عن تشكيل الهيئة في وقت قام المحتجون خلال الأيام الماضية بتنفيذ عصيان وإغلاق مقار حزب البعث الحاكم في المحافظة.
وأظهرت صور ومقاطع فيديو، بثّها ناشطون في المحافظة أمس، خروج احتجاجات نسائية وأخرى فنية ونقابية في ساحة السير أو الكرامة، وسط مدينة السويداء، حيث كرر المحتجون مطالبهم بضرورة رحيل النظام السوري بكل رموزه.
وذكرت شبكات محلية معنيّة بتغطية أخبار الاحتجاجات في السويداء أن المتظاهرين أزالوا، أمس، صورة كبيرة للرئيس بشار ووالده حافظ الأسد «عمرها عشرات السنين» من على واجهة مبنى حكومي في ساحة الكرامة المركزية، خلال تظاهرة شعبية أمس الأول.