تظاهر آلاف الأكراد اليوم ، في مدينة بإقليم كردستان العراق (شمال)، رافعين أعلام الإقليم احتجاجاً على التأخير في دفع رواتب موظفي الإقليم الحكوميين ومحملين الحكومة المركزية في بغداد المسؤولية.

وتأتي التظاهرة في الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي على خلفية توترات بين كردستان والسلطة المركزية، بعد ثلاثة أيام من أحداث شغب دامية شهدتها مدينة كركوك، التي لطالما شكلت نقطة نزاع بين بغداد وأربيل عاصمة الإقليم.

Ad

وتجمع آلاف المتظاهرين، وارتدى بعضهم الزي الكردي وسط مدينة دهوك شمال العراق بحسب مصور «فرانس برس»، وحمل معظم المتظاهرين أعلام إقليم كردستان.

كما رفعت لافتات كتب على إحداها: «كردستان لن تتراجع بوجه الممارسات السياسية العدائية للسلطات العراقية»، وكتب على أخرى «إقليم كردستان وحدة فدرالية دستورية لها كل الحق في حماية وجودها الدستوري»، وعلى ثالثة: «نتضامن مع أهلنا في كركوك».

وأوضح أحد المتظاهرين، مسعود طاهر محمد (45 عاما)، وهو يعمل موظفا في مستشفى حكومي في مدينة دهوك، ثالث أكبر مدن الإقليم، أنه لم يتسلم راتبه منذ أكثر من شهرين، وقال: «يجب أن نحصل على حقوقنا، وندعو الدول الى مساعدتنا لإنقاذنا من هؤلاء الظلّام، نحن نعيش في أوضاع غير جيدة ليس فقط اقتصاديا أو ماليا وانما ايضا سياسيا»، واضاف: «هذه سياسة خاطئة بحق أهالي كردستان (...) إنهم يريدون بمساعدة دول الجوار تصغير قوة الاقليم».

ورغم الخلافات المتكررة بين بغداد وأربيل، استطاعت الحكومة المركزية، برئاسة محمد شياع السوداني، تحسين العلاقات بشكل نسبي. وتتهم حكومة الإقليم الحكومة المركزية، منذ فترة طويلة، بعدم إرسال الأموال الخاصة برواتب موظفيها المدنيين. وكان الإقليم، بفضل صادراته النفطية، يتمتع بمصدر تمويل مستقل يمكنه من دفع الرواتب جزئيا، لكنه منذ نهاية مارس الماضي محروم من هذه الموارد بسبب خلاف مع تركيا وبغداد.

وتوصلت حكومة الإقليم الى اتفاق مع حكومة بغداد على تصدير نفط الإقليم عبر الحكومة المركزية، وفي مقابل ذلك يتم تخصيص 12.6% من الموازنة الاتحادية لكردستان العراق، ورغم إفراج حكومة بغداد الأحد عن 500 مليار دينار (حوالي 380 مليون دينار) لرواتب إقليم كردستان فإن تصحيح الوضع يتطلب ضعف هذا المبلغ شهريا، وفقا لحكومة أربيل.

وتصاعد التوتر بين الإقليم وبغداد إثر أعمال عنف شهدتها مدينة كركوك التي تعيش فيها قوميات متعددة، وشهدت كركوك تظاهرات دامية مساء السبت رغم انتشار قوات الأمن، ومحور الخلاف مقر قيادة عمليات القوات العراقية الذي كان بيد الحزب الديموقراطي الكردستاني.

ووافقت الحكومة المركزية على إعادة الموقع للحزب الديموقراطي، ما دفع متظاهرين من القوميتين العربية والتركمانية لتنفيذ اعتصام. وردا على ذلك قام مواطنون أكراد بالتظاهر. وأدت أعمال العنف الى مقتل أربعة متظاهرين أكراد، وفقا للسلطات المحلية.

إلى ذلك، دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى الابتعاد عن أي ممارسات من شأنها تغيير التركيبة الديموغرافية لمدينة كركوك العراقية، من أجل الحفاظ على السلام في المنطقة، حسبما أوردته وكالة الأناضول التركية للأنباء .

وقال الرئيس التركي للصحافيين على متن الطائرة، أثناء عودته من زيارة رسمية لمدينة سوتشي الروسية أمس ، إن «كركوك هي موطن التركمان، ومنطقة تعيش فيها الثقافات المختلفة بسلام لمئات السنين، ولن نسمح بزعزعة أمنها ووحدة أراضيها»، مضيفا أن أي فعل يلحق الضرر بتركيبة مدينة كركوك يعني إلحاق خلل بوحدة العراق، «ولن نسمح بأي ضرر يصيب وحدة واستقرار هذه المنطقة الجغرافية».

وأكد الرئيس التركي لوزير الخارجية حقان فيدان، ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، ضرورة متابعة ملف كركوك عن كثب، مبينا أن هدوءا نسبيا يسود مدينة كركوك في الوقت الحالي على ضوء نتائج اللقاءات مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أو مع النظراء السياسيين في العراق.

وأشار إلى أن المسؤولين الأتراك أجروا لقاءات مع أسرة بارزاني في إقليم شمال العراق، وأيضا على ضوء التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية التركي أثناء لقائه نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان اليوم في طهران، بدأت أجواء الهدوء تسود المدينة اعتبارا من اليوم. وكانت محافظة كركوك شهدت مطلع الشهر الجاري موجة اضطرابات على خلفية قرار من الحكومة العراقية بتسليم مبنى مقر قيادة العمليات المشتركة المتقدم إلى الحزب الديموقراطي الكردستاني، رافقها إحراق إطارات وإطلاق الرصاص بشكل أوقع 4 قتلى و13مصابا.