بعد مرور 6 أشهر على دورها التاريخي في إنهاء القطيعة الكبرى بين السعودية وإيران، دخلت الصين بقوة أمس على خط انقلاب النيجر، بعرضها الوساطة لحل الأزمة، التي أحرجت مجموعة غرب إفريقيا (إيكواس) وأغضبت فرنسا.
وقال السفير الصيني في نيامي، جيانغ فنغ، للتلفزيون النيجري، «حكومتنا تعتزم تأدية دور المساعي الحميدة والوسيط، مع الاحترام الكامل لدول المنطقة لإيجاد حل سياسي لهذه الأزمة».
وعقب اجتماع مع رئيس وزراء النيجر الانتقالي، علي الأمين زين، شدد السفير على أن «الصين تنتهج دائماً مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى» وتشجع الدول الإفريقية «على حل مشكلاتها بنفسها».
وتعد الصين شريكاً اقتصادياً رئيسياً للنيجر، خصوصاً في قطاع الطاقة، ويعمل البلدان على بناء أكبر خط أنابيب بإفريقيا، لتصدير النفط الخام من حقول أغاديم حتى ميناء سيمي في بنين.
وفيما تستغل حقول أغاديم مجموعة النفط الصينية (CNPC)، التي أنشأت أيضاً مصفاة في زيندر بطاقة إنتاجية 20 ألف برميل يومياً، تقوم شركات صينية أخرى ببناء سد كاندادجي على نهر النيجر، وهو مشروع ضخم تبلغ قيمته 1.1 مليار يورو في أقصى الغرب، ويفترض أن يولّد سنوياً 629 غيغاوات في الساعة لتمكين النيجر من التخلّص من اعتمادها على الطاقة من نيجيريا المجاورة.
وفي وقت سابق، كشف الأمين زين، أمس الأول، عن مباحثات مع فرنسا لسحب نحو 1500 جندي من النيجر، مع الحفاظ على تعاون دائم معها.
وقال الأمين، في كلمة تلفزيونية، «حكومة النيجر ألغت اتفاقات عسكرية مبرمة مع باريس، وبالتالي باتت قواتها في وضع غير قانوني، والمباحثات الجارية ينبغي أن تتيح انسحاباً سريعاً جداً»، مضيفاً: «ما يهمنا هو أن نحافظ على تعاون مع بلد تقاسمنا معه أموراً كثيرة، إذا كان ذلك ممكناً».
وإذ اعتبر الأمين أنّ السفير الفرنسي «تصرّف بازدراء» حين رفض تلبية دعوة وُجّهت إليه لعقد لقاء مع السلطات في 25 أغسطس، تعهد بأن «الشرطة لن تخرجه من مقر السفارة رغم أن وضعه حالياً غير قانوني».
وتطرق الأمين زين إلى عقوبات مجموعة إيكواس، التي هدّدت بالتدخّل عسكرياً لإعادة الرئيس بازوم إلى السلطة، موضحاً أن «الاتصالات لم تتوقف، الاتصالات والتواصل معها مستمر، وهناك آمال كبيرة بالتوصل إلى اتفاق خلال أيام قليلة».
وبشأن تهديد «إيكواس» بالتدخّل عسكرياً، قال رئيس الوزراء المدني المعيّن من العسكر: «نتوقّع أن نتعرّض لهجوم في أيّ لحظة. لقد تمّ اتّخاذ كلّ الترتيبات. ستكون حرباً ظالمة. نحن مصمّمون على الدفاع عن أنفسنا إذا ما تعرّضنا لهجوم».
وأكد أن «الحكومة والمجلس العسكري يعملان معاً على ضمان الأمن، والقوات المسلحة حققت انتصارات كبيرة منذ شهر يوليو الماضي في الحرب على الإرهابيين».
الى ذلك، بعد فترة وجيزة على حدوث انقلابَي النيجر والغابون، قرر رئيس غينيا بيساو عمر سيسوكو إمبالو، أمس الأول، تعزيز فريقه الأمني بالقصر الجمهوري بتعيين مسؤولين أمنيين جديدين، مؤكداً خلال حفل أدائهما اليمين أن «انقلابات ضباط الأمن الرئاسي أصبحت رائجة، لكن أيّ تحرّك مشبوه سيقابل بالردّ المناسب».وأصدر إمبالو الجمعة قراراً بتعيين الجنرال توماس دجاسي رئيساً للأمن الرئاسي، والجنرال هورتا إنتا رئيساً لمكتبه. وهذان المنصبان موجودان منذ فترة طويلة في الهيكل التنظيمي للحكومة، ولكن لم يتم شغلهما منذ عقود.
وشهدت غينيا بيساو 4 انقلابات منذ استقلالها عام 1974، آخرها في 2012. كما جرت محاولة لإطاحة إمبالو في فبراير 2022.
وأكد مصدر مقرب من وزير الجيوش الفرنسي، سيباستيان لوكورنو، أمس، وجود مباحثات مع النيجر «لسحب بعض العناصر العسكريين»، مؤكدا أن «الحوار لتسهيل تحركات القوات العسكرية الفرنسية» أحرز تقدما.
وأشار المصدر إلى «تحديد حركة القوات الفرنسية منذ تعليق التعاون في مجال مكافحة الإرهاب»، عقب الانقلاب العسكري في نيامي.
وللنيجر أهمية بالغة حاليا بالنسبة إلى الفرنسيين، خصوصا بعد سحب قواتهم من مالي إثر انقلاب 2020، وبعدها بوركينا فاسو العام الماضي، مما أثر على النفوذ الفرنسي في هذه المنطقة.
لكنّ فرنسا تصر على عدم الاعتراف بالسلطات الجديدة في نيامي، بعد إطاحة الرئيس بازوم، وتظاهر عشرات الآلاف في نيامي نهاية الأسبوع الفائت قرب القاعدة العسكرية الفرنسية، مطالبين برحيل القوات التي تتمركز هناك.