في ثالث زيارة خارجية له منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منتصف أبريل الماضي، أجرى رئيس مجلس السيادة السوداني قائد القوات المسلحة، عبدالفتاح البرهان، مباحثات مع أمير قطر تميم بن حمد في الدوحة، أمس، تناولت اطلاعه على مستجدات الأوضاع في الخرطوم وجهود وقف العنف في بلده.

وعقب جلسة مباحثات مغلقة بين الجانبين، أكد تميم، وفق بيان للديوان الأميري القطري، نهج الدوحة الداعي إلى وقف القتال في السودان واعتماد الحوار والطرق السلمية لتجاوز الخلافات. وأعرب تميم عن تطلعه إلى انخراط كل القوى السياسية السودانية في مفاوضات واسعة وجامعة بعد الوقف الدائم للنزاع العسكري، وصولاً إلى اتفاق شامل وسلام مستدام، يحقق تطلعات الشعب في الاستقرار والتنمية والازدهار.

Ad

وأشاد أمير قطر بالجهود الإقليمية والدولية والمساعي الحميدة الهادفة لإنهاء النزاع وتحقيق الاستقرار، حفاظاً على وحدة السودان وأمنه.

من جانبه، عبّر البرهان عن شكره وتقديره لموقف قطر الداعم للسودان حكومة وشعباً، وبما يخدم الاستقرار والتنمية فيها.

وفي تصريحات منفصلة، قال البرهان لقناة الجزيرة القطرية، إن الجيش يعمل حالياً على هزيمة التمرد وإيقاف معاناة السودانيين، مؤكداً المضيّ لاستكمال المرحلة الانتقالية وإرساء الحكم المدني.

وفي وقت سابق، استقبل وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية، محمد الخليفي، البرهان لدى صوله إلى مطار الدوحة، فيما تتردد أحاديث عن استعداد قطر للعب دور وساطة بين الأطراف السودانية، بعد استقبالها الخميس الماضي وفداً من «قوى الحرية والتغيير».

والأسبوع الماضي، أجرى البرهان زيارة إلى كل من مصر ودولة جنوب السودان، عقب تقارير عن استعداده للقيام بجولة كان يفترض أن تقوده إلى السعودية التي تقوم بوساطة مع الولايات المتحدة، بهدف التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار بينه وبين زعيم «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي).

تظلّم وقتال

في المقابل، حمّل نائب قائد «الدعم السريع»، عبدالرحيم حمدان، (شقيق حميدتي) في لقاء خاص مع قناة «سكاي نيوز عربية» الإماراتية، البرهان المسؤولية عمّا آلت له الأوضاع في السودان، مشدداً على أن ما تقوم به قواته هو من قبيل الدفاع عن النفس.

وقال عبدالرحيم خلال وجوده في العاصمة الكينية نيروبي، في أول حوار له بعد العقوبات التي فرضتها عليه وزارة الخزانة الأميركية، أمس الأول، بسبب اتهامه بالتورط في جرائم ضد الإنسانية خاصة بإقليم دارفور المضطرب، إن «قرار واشنطن مجحف، وبُني على معلومات مأخوذة من جهات ضد الدعم السريع، وكان يجب أن يستهدف الطرف الآخر»، في إشارة إلى قوات الجيش. ورأى أن «الجهات التي أصدرت العقوبات لم تتريث لمعرفة من يخلق الفتن ويقتل الناس في دارفور»، مؤكدا أن قرار «الخزانة» الأميركية «ليس في محله ولا يهمنا أصلاً. وأنا جاهز للعدالة وجاهز للتحقيق».

واتهم نائب قائد القوات المدعومة خصوصاً من قبائل عربية تتركز في دارفور البرهان بأنه السبب الأساسي في الفتنة، وقال: «نحن نعرف والقبائل تعرف أن هناك طرفاً يقدّم السلاح والمال ليتقاتل الناس فيما بينهم، والحديث هنا عن نظام البشير، وعلى رأسهم البرهان». وأشار إلى أن «الدعم السريع» سعت بشدة إلى منع نشوب حرب بين القبائل العربية والإفريقية، في الإقليم الواقع غرب السودان.

أسلحة كافية

ورغم تشدّيده على عدم رغبته في إطالة الحرب المتواصلة منذ عدة أشهر وتأكيده الرغبة والاستعداد في التوصل إلى اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار، زعم عبدالرحيم أن لدى قواته أسلحة «تكفينا للقتال لمدة 20 سنة».

وشدد القيادي بالقوات المتهمة بتلقّي دعم من قوى إقليمية على أنه «لا تأتينا أي أسلحة من خارج السودان».

وتابع: «لم نكن جاهزين عندما بدأت الحرب، لأننا فوجئنا بها. لكن ربنا وفقنا لتسلّم كل مخازن الفلول وبعض مخازن القوات المسلحة ومخازن ثقيلة جداً فيها كل أنواع الأسلحة والإمدادات».

ولفت إلى أن جبهته لن توقف التفاوض، ومستعدة لقبول أي حل لوقف الحرب.

ووصف عبدالرحيم قرار البرهان بحلّ قوات الدعم السريع، الذي أعلن أمس الأول بأنه باطل، وقال إنه ليست لديه شرعية ليصدر مثل هكذا قرار.

كما حمل نائب قائد «الدعم السريع»، مسؤولية فضّ اعتصام القيادة العامة للجيش في 2019 للبرهان وفلول النظام السابق. واتهم عبدالرحيم قائد الجيش بـ «الانقلاب» على رئيس الحكومة المدني السابق عبدالله حمدوك.

ورأى أن «الاتفاق الإطاري» بين القوات المسلحة والمكونات المدنية الذي كان يفترض أن ينظم نقل السلطة عقب إزاحة الرئيس البشير، أقل من طموحات الشعب السوداني، «ويرفضه البرهان، لأن الاتفاق يُبعد الإسلاميين والإرهابيين والفلول عن السلطة».

وختم بالقول: «قدّمنا رؤيتنا، ونحن جاهزون لأي حل شامل وجذري يوقف الحرب، لأننا نعرف معاناة الشعب».

وساطة «إيغاد»

في السياق، ذكرت هيئة رؤساء دول المجموعة الرباعية الخاصة بالوضع في السودان (إيغاد) أن زعماء المجموعة التزموا، أمس الأول، بالعمل على ترتيب «اجتماع وجها لوجه بين الأطراف المتحاربة». وأكد بيان لـ «إيغاد» عقب اجتماع رؤساء المجموعة الرباعية في نيروبي أن الترتيبات تشير إلى توحيد جميع المبادرات من أجل السلام بالسودان، في إطار يعالج الصراع بشكل شامل. ودعا البيان الجهات الدولية الفاعلة إلى «دعم منصة واحدة وشاملة تقودها إيغاد».

وقد دان المجتمعون استمرار وتزايد تدهور الوضع الإنساني مع نزوح السكان وندرة الغذاء.

وحذّرت «إيغاد» من أن الصراع في السودان أصبح معقّدا، مع وجود مخاطر اتخاذه بعدا إقليميا بدخول ومشاركة مسلحين آخرين.

وفي وقت سابق الثلاثاء الماضي، قال الرئيس الكيني وليم روتو إنه تحدث هاتفياً قبل يومين مع البرهان «واتضح أنه تراجع عن اتهام كينيا بالانحياز إلى طرف في الصراع، وهو مستعد لانخراط منظمة إيغاد مع آخرين، بما في ذلك مصر ودول الجوار والسعودية وأميركا للتنسيق بين كل المسارات والمبادرات للوصول إلى حل».