زلزال مدمر يدمي المغرب

استفاق المغرب، أمس، على فاجعة جراء زلزال عنيف ضرب المملكة، ليل الجمعة ـ السبت، وخلف 1037 قتيلاً و1204 مصابين، منهم 721 حالة حرجة، فضلاً عن خسائر مادية فادحة شملت أبنية تاريخية، خصوصاً في مدينة مراكش المسجلة على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو.

وعلى الفور، وجه سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجهات المختصة في الكويت إلى تجهيز كل المستلزمات الإغاثية المطلوبة للمغرب لمواجهة الأزمة، حيث كلف مجلس الوزراء وزارة الخارجية التنسيق مع وزارة المالية وجمعية الهلال الأحمر الكويتية والجهات التي تراها مناسبة لإيصال تلك المساعدات.

سكان بين الدمار في أحد شوارع المدينة القديمة في مراكش (أ ف ب)

وبعث صاحب السمو، إلى جانب سمو نائب الأمير ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، ورئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد ببرقيات تعزية إلى العاهل المغربي، ضمنوها خالص تعازيهم وصادق مواساتهم في ضحايا الزلزال، راجين لهم الرحمة والمغفرة، وللمصابين سرعة الشفاء والعافية.

وتسبب الزلزال، الذي بلغت شدته 7 درجات على مقياس ريختر ووصفه مركز الأبحاث المغربي الوطني بالأقوى منذ قرن، في أضرار مادية جسيمة.

واضطر مئات المغربيين إلى اللجوء للساحات العامة في عدة ولايات بينها الرباط والدار البيضاء وأغادير والصويرة لتمضية ليلتهم في العراء خشية هزات ارتدادية بعد الصدمة والذعر اللذين تسبب فيهما الزلزال الذي حصد أرواح عائلات كاملة في قرى ريفية، لاسيما بناحية الحوز مركز الهزة الأرضية.

وأغلق ركام الأبنية القديمة التي انهارت شوارع المدينة القديمة في مراكش وجعل العديد من السياح الأجانب عالقين، كما انهارت طرق صخرية مما جعل قرى عديدة محاصرة بقلب سلاسل جبال الأطلس.

ونشرت القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية، بتعليمات من الملك محمد السادس، وسائل بشرية ولوجستية، جوية وبرية، للمساهمة في التعامل مع تداعيات الزلزال، بينما أطلقت السلطات الصحية نداء استغاثة للتبرع بالدم مع تواصل عمليات البحث عن ناجين محاصرين تحت الأنقاض.

منقذان يحاولان الوصول إلى محاصرين تحت أنقاض منزل تهدم في قرية بناحية الحوز قرب مراكش أمس (أ ف ب)

وفي حين قالت منظمة الصحة العالمية إن الزلزال ألحق أضراراً بأكثر من 300 ألف شخص، رجحت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية أن تكون الكارثة «واسعة النطاق».

وفي إطار التضامن الكويتي مع المغرب، وعملاً بتوجيهات القيادة السامية ومجلس الوزراء، أصدر وزير الشؤون الاجتماعية فراس المالك تعميماً إلى الجمعيات الخيرية بإطلاق حملة إغاثية عاجلة لمساعدة المنكوبين.

وقال وكيل الشؤون بالإنابة عبدالعزيز ساري، لـ «الجريدة»، إن الوزارة عممت على جميع الجهات الخيرية المشهرة، عبر المنظومة الآلية لجمع التبرعات، للمشاركة في الحملة العاجلة، ليتسنى رفع بعض المعاناة عن كاهل المتضررين بسبب الكارثة الإنسانية الواسعة، مؤكداً أن سرعة إطلاق الحملة تعكس الجهود المضنية المبذولة من الكويت ومؤسساتها لتقديم يد العون والمساعدة للشعوب المتضررة في شتى بقاع الأرض.

في موازاة ذلك، شددت الأمينة العامة لجمعية الهلال الأحمر مها البرجس على أن الجمعية على اتم الاستعداد لتقديم العون والمساعدة للشعب المغربي وتلبية الاحتياجات الملحة للمتضررين، معربة عن تضامن الجمعية وتعاطفها مع الأشقاء.

مغاربة وأجانب في العراء في ورزازات (شينخوا)

وتزامن مع ذلك صدور ردود فعل عربية ودولية واسعة لمساندة الرباط أمس، إذ عرضت السعودية والإمارات والبحرين ومصر والأردن والجامعة العربية وتركيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا والاتحاد الأوروبي وأوكرانيا والولايات المتحدة وروسيا والصين والهند وإسرائيل وغيرها من البلدان المساعدة، بينما قررت الجزائر تنحية الخلافات وفتح أجوائها مع جارتها لتسهيل نقل المساعدات وإخلاء المصابين من المناطق المتضررة.

وفي تفاصيل الخبر:

ضرب زلزال مدمر، وصف بالأقوى منذ قرن المغرب، ليل الجمعة ـ السبت، متسببا في أضرار جسيمة وحالة ذعر في مراكز ومدن كثيرة، في وقت أظهرت حصيلة أولية مقتل 1037 وإصابة 1204، منهم 721 حالة حرجة.

وأفادت وزارة الداخلية المغربية بتسجيل 394 حالة وفاة في إقليم الحوز مركز الزلزال، و271 وفاة في إقليم تارودانت، و91 في شيشاوة، و13 في مراكش المدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو).

وأشارت الوزارة إلى أن القوات المسلحة الملكية والسلطات المحلية والمصالح الأمنية والوقاية المدنية بكل المحافظات والأقاليم المعنية واصلت تجنيدها وتسخيرها لجميع الوسائل والإمكانات من أجل التدخل وتقديم المساعدات اللازمة، وتقييم الأضرار.

ونشرت القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية، بتعليمات من الملك محمد السادس، وسائل بشرية ولوجستية، جوية وبرية، للمساهمة في التعامل مع تداعيات الزلزال.

ومع تواصل أعمال البحث تحت الأنقاض ونقل الجرحى إلى المشافي لتلقي العلاج، اطلق «المركز الجهوي للدم» استغاثة للمواطنين للتوجه إلى مقاره للتبرع لإنقاذ أرواح العشرات ممن أصيبوا جراء الكارثة.

امرأة تبكي منزلها المتضرر من الزلزال في المدينة القديمة في مراكش(ا ف ب)

أضرار تاريخية

وتسبب الزلزال في أضرار مادية جسيمة، وأظهرت مشاهد انهيار جزء من مئذنة في ساحة جامع الفنا الشهيرة التي تعتبر قلب مراكش النابض.

واضطر المئات إلى اللجوء للساحة الشهيرة لتمضية ليلتهم في العراء خشية من هزات ارتدادية بعد الصدمة التي تسبب بها الزلزال الذي حصد أرواح عائلات كاملة في قرى ريفية بمنطة الحوز.

وأغلق ركام الأبنية القديمة التي انهارت شوارع المدينة القديمة في مراكش وجعل العديد من السياح الأجانب عالقين داخل الفنادق أو خارجها بعد توقف الحركة المرورية.

وانهارت طرق صخرية بسبب الهزة الأرضية العنيفة، مما جعل العديد من القرى محاصرة بقلب سلاسل جبال الأطلس ولا يمكن الوصول لها إلا عن طريق الجو.

وإلى جانب مراكش، شعر سكان الرباط والدار البيضاء وأغادير والصويرة بالزلزال الذي أثار حالة من الذعر في عموم البلد.

وخرج عدد من المواطنين إلى شوارع هذه المدن خشية انهيار منازلهم.

وفي وقت تسابق فرق الإنقاذ والإغاثة الوقت للوصول إلى المحاصرين تحت الأنقاض بعدة ولايات، ذكر جهاز الدفاع المدني أن سكان سبع ولايات، هي تندوف، وبني عباس، وتيميمون، وبشار، والنعامة، وتلمسان وسيدي بلعباس، شعروا بالزلزال دون أن تسجل أي خسائر.

الزلزال الأقوى

في غضون ذلك، ذكر المركز الوطني للبحث العلمي والتقني، ومقره الرباط، أن قوة الزلزال بلغت 7 درجات على مقياس ريختر، وهو ما يجعله الأقوى في تاريخ البلاد الحديث.

وأوضح أن مركز الزلزال يقع في إقليم الحوز جنوب غرب مدينة مراكش التي تعتبر مقصداً سياحياً كبيراً.

ورصد المركز وقوع مئات الهزات الارتدادية التي تم استشعارها بالعديد من المدن في محيط بلغ 400 كلم، حيث بلغت أقوى هزة ارتدادية 6 درجات.

وفي حين قالت منظمة الصحة العالمية إن زلزال المغرب ألحق أضراراً بأكثر من 300 ألف شخص في مراكش والمناطق المحيطة، حذرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، من «خسائر كبيرة محتملة»، ورجحت أن تكون الكارثة «واسعة النطاق».

وأشارت إلى أنه «على الرغم من وجود بعض الهياكل المقاومة، فإن المباني الأكثر عرضة للخطر هي الطوب اللبن والطوب غير المسلح المبني من الطين».

وكتبت في بيان لها: «من المعروف أن الزلازل الكبيرة في جميع أنحاء منطقة البحر الأبيض المتوسط تنتج موجات تسونامي كبيرة ومدمرة، وأحد الزلازل التاريخية الأكثر شهرة داخل المنطقة هو زلزال لشبونة الذي وقع في 1755، والذي قدرت قوته من البيانات غير الآلية بحوالي 8.0 ريختر». وتابعت: «يُعتقد أن زلزال لشبونة حدث داخل أو بالقرب من صدع تحويل جزر الأزور وجبل طارق، والذي يحدد الحدود بين الصفيحتين الإفريقية والأوراسية، قبالة الساحل الغربي للمغرب والبرتغال».

ووفقا للهيئة الأميركية، فقد كان هذا أقوى زلزال يضرب هذا الجزء من الدولة الواقعة في شمال إفريقيا منذ أكثر من قرن.

ووقع أسوأ زلزال في المغرب في العصر الحديث عام 1960 بالقرب من مدينة أغادير الغربية، وأدى إلى مقتل نحو 12 ألف شخص.

توجيه أميري

وفي وقت تواصل السلطات المغربية لملمة الجراح والأحزان التي خلّفتها الكارثة، وجه سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجهات المختصة بتجهيز كل المستلزمات الإغاثية المطلوبة للمملكة المغربية، وذلك لمواجهة تداعيات سلسلة الزلازل التي ضربت عدة مناطق جنوب المملكة.

وأعرب سموه عن خالص تعازيه إلى أسر الضحايا وتمنياته للمصابين بالشفاء العاجل، سائلا المولى تعالى أن يحفظ المغرب وشعبها من كل مكروه. وأحيط مجلس الوزراء بالتوجيه الأميري، حيث كلف وزارة الخارجية بالتنسيق مع وزارة المالية وجمعية الهلال الأحمر الكويتية والجهات التي تراها مناسبة لإيصال تلك المساعدات.

وأصدر وزير الشؤون الاجتماعية فراس السعود تعميماً لجميع الجمعيات الخيرية بإطلاق حملة إغاثة ومساعدات للمنكوبين.

وذكرت الوزارة عبر منصة إكس أن ذلك يأتي تنفيذا للتوجيهات السامية من القيادة السياسية، وفي إطار الدور الانساني لدولة الكويت.

وقالت الأمينة العامة لجمعية الهلال الأحمر الكويتية، مها البرجس، لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) ان الجمعية تواصلت مع جمعية الهلال الأحمر المغربية لتقديم أحر التعازي في ضحايا الزلزال والتمنيات بالشفاء العاجل للمصابين.

وأكدت البرجس أن الجمعية على أتم الاستعداد لتقديم العون والمساعدة للشعب المغربي وتلبية الاحتياجات الملحة للمتضررين في المناطق التي تعرضت للزلزال، معربة عن تضامن الجمعية وتعاطفها مع المتضررين.

وأضافت أن الجمعية تقوم بواجبها الإنساني لإغاثة الأشقاء والأصدقاء تجسيداً لحرص الكويت المستمر على عون المتضررين وإنقاذ ضحايا الزلازل.

أهالي منطقة مولاي ابراهيم يجمعون جثث ضحايا الزلزال(ا ف ب)

تضامن واسع

وتوالت ردود فعل عربية ودولية واسعة لمساندة الرباط، أمس، إذ عرضت السعودية والإمارات والبحرين ومصر والأردن والجامعة العربية وتركيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا والاتحاد الأوروبي وأوكرانيا والولايات المتحدة وروسيا والصين والهند وإسرائيل، وغيرها من البلدان، المساعدة.

وأرسل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد برقيتي عزاء إلى ملك المغرب، بينما أعربت وزارة الخارجية السعودية عن وقوف المملكة وتضامنها مع المغرب وشعبه الشقيق في هذا المصاب الجلل.

وقرر رئيس الإمارات محمد بن زايد، تسيير جسر جوي لإغاثة المتضررين، في حين أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن صدمته بعد الزلزال المروع، وعرض تقديم المساعدة اللازمة بمجال الإسعافات الأولية.

وأعلنت وزارة الخارجية الجزائرية، تعازي الجزائر لأسر الضحايا. وقالت الوزارة في بيان: «تتابع الجزائر ببالغ الحزن والأسى تداعيات الزلزال العنيف الذي أصاب مختلف المناطق المغربية، وتعرب عن صادق تعازيها لأسر الضحايا والشعب المغربي».

كما عبّر رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عن تعازيه لأقارب الضحايا، وعرض إرسال أي مساعدة تحتاجها الرباط.

كما أعطى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «تعليمات إلى كل الهيئات والقوى الحكومية لتقديم كل المساعدة الضرورية للشعب المغربي».

خطوة جزائرية

وفي خطوة لافتة، قررت الجزائر فتح مجالها الجوي لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية لإغاثة ضحايا الزلزال العنيف الذي ضرب عدة مناطق بالبلد الجار، رغم التوتر وانقطاع العلاقات الدبلوماسية بينهما.

وجاء في بيان لمكتب الرئيس عبدالمجيد تبون، أن الجزائر أبدت استعدادها التام لتقديم المساعدات الإنسانية، ووضع كل الإمكانات المادية والبشرية، تضامنا مع الشعب المغربي.

وسيسمح فتح المجال الجوي للجزائر بنقل المساعدات الإنسانية والجرحى والمصابين من والمناطق المنكوبة وإليها.