في خطوة من المرجح أن تؤثر سلباً على مبادرة «الحزام والطريق» الصينية، شهد اليوم الأول من قمة العشرين (G20) التي بدأت أعمالها في نيودلهي، توقيع مذكرة تفاهم تضم السعودية والإمارات والاتحاد الأوروبي وشركاء آخرين في المجموعة حول مشروع اقتصادي طموح يربط الهند بأوروبا عبر منطقة الشرق الأوسط.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن إطلاق هذا المشروع الدولي الذي يشمل ربط الشرق الأوسط والهند وأوروبا عبر السكك الحديدية وخطوط الشحن وكابلات الاتصالات العالية السرعة، موضحاً أن السعودية وإسرائيل والإمارات والأردن ستكون جزءاً منه.
وفي كلمته أمام القمة، أوضح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن الممر الاقتصادي سيساهم في ضمان أمن الطاقة العالمي وتطوير بنى تحتية تشمل سككاً حديدية ويوفر فرص عمل طويلة الأمد، وسيشمل مد كابلات اتصالات لتبادل المعلومات وخطوط أنابيب لتصدير الكهرباء والهيدروجين.
ووصفت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين المشروع بأنه «تاريخي»، مضيفة أن المبادرة من شأنها رفع حجم التجارة بين الاتحاد الأوروبي والهند بنسبة 40 في المئة.
في موازاة ذلك، نجحت قمة مجموعة العشرين في حل خلافات عميقة بخصوص الصياغة المتعلقة بالحرب في أوكرانيا. وتضمن الإعلان التوافقي، الذي تضمن 34 صفحة، اعترافاً بوجود وجهات نظر وتقييمات مختلفة لأحداث أوكرانيا، معرباً عن دعم «السيادة والسلامة الإقليمية»، دون أن يحتوي على عبارة «عدوان روسي» الواردة بإعلان قمة بالي في 2022.
وشدد إعلان المجموعة على أن استخدام الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها غير مقبول، داعياً روسيا وأوكرانيا إلى ضمان النقل الفوري والسلس للحبوب والمواد الغذائية والأسمدة من البلدين.
وفي تفاصيل الخبر:
في اليوم الأول من اجتماعات قادة مجموعة العشرين G20 في نيودلهي، التي عقدت بغياب الرئيسين الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين، كشف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، عن توقيع مذكرة تفاهم لممر اقتصادي يربط بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
وأوضح بن سلمان، خلال كلمته في قمة G20 بنيودلهي، أن الممر الاقتصادي سيساهم في تطوير بنى تحتية تشمل سككا حديدية، وربط موانئ ومد كابلات لنقل البيانات، وسيوفر فرص عمل طويلة الأمد، وسيزيد التبادل التجاري بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، مضيفا أن الممر سيساهم في ضمان أمن الطاقة العالمي، وسيعمل على مد خطوط أنابيب لتصدير الكهرباء والهيدروجين.
وقبل مصافحة ثلاثية مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والأمير محمد، أعلن الرئيس الأميركي أن مشروع البنية التحتية سيربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا بالسكك الحديدية وخطوط الشحن وكابلات الاتصالات عالية السرعة، مبينا أن السعودية وإسرائيل والإمارات والأردن ستكون جزءا من المشروع.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية اورسولا فودن ديرلاين إن اتفاق الربط يسرع التجارة البينية بنسبة 40%.
وفي رده المحتمل على «طريق الحرير» الصينية الجديدة، ألقى بايدن بثقله لإطلاق مشروعه الطموح على هامش قمة العشرين، مستغلا مساحة شاغرة تركها غياب نظيريه الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين في إظهار أنه يستعد مع مجموعة العشرين لتحقيق نتائج حقيقية، بحسب نائب مستشار الأمن القومي الأميركي جون فاينر.
ممرات عابرة
ووفق وكالة الأنباء السعودية، فإن حكومتي الرياض وواشنطن وقعتا أمس الأول مذكرة تفاهم تحدد أطر التعاون لوضع بروتوكول تأسيس ممرات عبور خضراء عابرة للقارات، من خلال الاستفادة من موقع المملكة الجغرافي الاستراتيجي، الذي يربط قارتي آسيا بأوروبا، لافتة إلى أن المشروع يسهل عملية نقل الكهرباء والهيدروجين عبر كابلات وخطوط أنابيب وكذلك إنشاء خطوط للسكك الحديدية.
كما يهدف إلى تعزيز أمن الطاقة، ودعم تطوير الطاقة النظيفة، إضافة إلى تنمية الاقتصاد الرقمي عبر الربط والنقل الرقمي للبيانات، من خلال كابلات الألياف البصرية، وتعزيز التبادل التجاري وزيادة مرور البضائع من خلال ربط السكك الحديدية والموانئ.
ورحبت السعودية بدور الولايات المتحدة لدعم وتسهيل التفاوض لتأسيس وتنفيذ البروتوكول ليشمل الدول المعنية بممرات العبور الخضراء.
دبلوماسية حذرة
ووفق فاينر فإن «الممر سيسمح بتدفق التجارة والطاقة والبيانات من الهند عبر الشرق الأوسط وصولاً إلى أوروبا»، مضيفا أن «الاتفاق أتى نتيجة أشهر من الدبلوماسية الحذرة ضمن الأطر الثنائية والمتعددة الأطراف».
ويأتي ذلك في الوقت الذي يعمل الرئيس جو بايدن على تطبيع محتمل للعلاقات بين السعودية وإسرائيل، في مواصلة لخطوة تمت مع الإمارات والبحرين والمغرب.
إمكانات هائلة
وفيما أكد جون فاينر أن هذا المشروع «يتمتع بقدرات هائلة»، ذكر موقع أكسيوس أنه يهدف إلى ربط الدول العربية بشبكة للسكك الحديدة يمكن أن تمتد إلى إسرائيل في حال تطبيع العلاقات، ثم إلى أوروبا عبر موانئها البحرية، إضافة إلى روابط بحرية مع الهند.
وأفادت مصادر أوروبية بأن ذلك سيترافق مع إقامة منشآت للطاقة، خصوصا لإنتاج ونقل الهيدروجين الأخضر، فضلا عن كابل بحري جديد لتعزيز الاتصالات ونقل البيانات.
ومن المقرر أن يسلط رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل الضوء على الطبيعة «التاريخية» لما يمكن أن يكون «الربط الأكثر مباشرة حتى الآن بين الهند والخليج وأوروبا».
قواعد اللعبة
من جهته، كتب مايكل كوغلمان الخبير بمركز ويلسون انه «إذا تحقق ذلك فإنه سيغير قواعد اللعبة عبر تعزيز الروابط بين الهند والشرق الأوسط»، مضيفا أن ذلك «يهدف إلى مواجهة مبادرة الحزام والطريق».
وتقوم بكين، من خلال «مبادرة الحزام والطريق»، التي تأتي ضمن إطار برنامج «طرق الحرير الجديدة»، باستثمارات ضخمة في عدد من الدول النامية لبناء البنية التحتية.
ويهدف هذا المشروع إلى تحسين العلاقات التجارية بين آسيا وأوروبا وإفريقيا وحتى خارجها، من خلال بناء الموانئ والسكك الحديد والمطارات أو المجمعات الصناعية، مما يسمح للعملاق الآسيوي بالوصول إلى المزيد من الأسواق وفتح منافذ جديدة أمام شركاته.
غير أن معارضيه يعتبرون أن بكين تهدف من خلاله إلى تعزيز نفوذها السياسي، كما ينتقدون الديون الخطرة التي يرتبها على الدول الفقيرة، وكان جو بايدن قد وصفه يونيو الماضي بأنه «برنامج الديون والمصادرة» الذي «لن يذهب بعيداً جداً».
مجموعة العشرين
في اليوم الأول من اجتماعات قادتها، نجحت قمة مجموعة العشرين G20 في حل خلافات عميقة بخصوص الصياغة المتعلقة بالحرب في أوكرانيا، وتوصلت إلى توافق بخصوص القضايا التي تواجه المجموعة.
وقال رئيس الوزراء الهندي ومضيف القمة ناريندرا مودي: «نتيجة العمل الشاق لفريقنا، وبدعمكم، توصلنا إلى توافق في الآراء حول الإعلان الختامي لقمة قادة مجموعة العشرين في نيودلهي، أنا أعلن اعتماده».
وتضمن الإعلان الختامي، الذي تبنته قمة نيودلهي، وتضمن 34 صفحة، اعترافا بوجود وجهات نظر وتقييمات مختلفة لأحداث أوكرانيا بين الدول الأعضاء في G20، وأعرب النص التوافقي عن دعم «السيادة والسلامة الإقليمية»، دون أن يحتوي على عبارة «عدوان روسي» الواردة بإعلان قمة بالي في 2022.
استخدام القوة
وإذ ناشد زعماء المجموعة جميع الدول المعنية بحرب روسيا وأوكرانيا التصرف بما يتفق مع أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة ككل، طالبوا بالامتناع عن التهديد أو استخدام القوة سعيا للاستيلاء على أراض بما يتنافى مع وحدة أراضي وسيادة واستقلال أي دولة، وتجنبوا التنديد بالحرب التي تشنها روسيا.
وشدد إعلان المجموعة على أن استخدام الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها غير مقبول، ودعا روسيا وأوكرانيا إلى ضمان النقل الفوري والسلس للحبوب والمواد الغذائية والأسمدة من البلدين.
ودعا الزعماء إلى إصلاح منظمة التجارة العالمية، وأكدوا أن مجموعة العشرين ليست منصة لحل المشاكل الجيوسياسية، وترى أن «الأزمات المتتالية» تهدد النمو العالمي على المدى الطويل، وقرروا دعم الجهود المبذولة لزيادة القدرة العالمية للطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول 2030، متعهدين بتسريع العمل لمكافحة تغير المناخ.
وقال الإعلان إن المجموعة وافقت على معالجة نقاط الضعف المتعلقة بالديون في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل «بطريقة فعالة وشاملة ومنهجية»، لكنها لم تضع أي خطة عمل جديدة، مضيفا أن الدول تعهدت بتعزيز وإصلاح بنوك التنمية متعددة الأطراف، كما قبلت الاقتراح الخاص بتشديد القواعد التنظيمية للعملات المشفرة.
وأعلن رئيس وزراء الهند إطلاق تحالف عالمي للوقود الحيوي، يضم الولايات المتحدة والبرازيل عضوين مؤسسين، لتسريع الجهود العالمية لتحقيق أهداف خفض صافي الانبعاثات للصفر، من خلال تسهيل التجارة في الوقود الحيوي.
وبينما تلقت تسع دول، هي بنغلادش ومصر وإسبانيا وموريشيوس ونيجيريا وهولندا والإمارات وعمان وسنغافورة، دعوة لحضور القمة، أعلن مودي انضمام الاتحاد الإفريقي رسمياً أمس إلى مجموعة العشرين، وانتقل رئيسه الحالي غزالي عثماني، رئيس جزر القمر، للجلوس إلى جانب قادة المجموعة.