كشفت مصادر مالية ورقابية معنيّة أن هناك عوامل إيجابية عديدة تجذب الاستثمارات الأجنبية للسوق المالي الكويتي، لكن يقابل ذلك عدد من المطالب والرغبات الهيكلية والتنظيمية، من أبرزها تسريع إجراءات التقاضي وحسم الخلافات التجارية، سواء كان ذلك عبر إعطاء أولوية لهذا النوع من القضايا، أو إنشاء محاكم تجارية اقتصادية متخصصة مستقلة، شريطة أن تنجز تلك الخلافات في أقصر وقت ممكن، وفق سقف زمني محدد أيضا، وذلك لأن بطء حسم تلك النزاعات الاقتصادية يعرقل التدفق الاستثماري.
وقالت المصادر إن من أكثر الملفات الشائكة التي تربك العديد من الشركات حاليا وترهقها قانونيا وماليا، ذيول مديونيات الأزمة المالية العالمية التي وقعت أواخر عام 2008، والتي مرّ عليها حاليا نحو 15 عاما ولم تنته بعد حتى الآن، حيث لا تزال في السوق والمحاكم نزاعات قائمة تخصّ مديونيات تلك الأزمة، والتي في أطرافها شركات مدرجة وصناديق استثمارية محلية.
وأوضحت أن تلك الملاحظة أثيرت مرارا وتكرارا في لقاءات تسويقية وترويجية خارجية تخص الاستثمارات المباشرة أو الاستثمارات المالية في البورصة، وخلال لقاءات العديد من الوفود الاقتصادية، حيث كانت النظرة التقييمية للسوق أنه يملك كل مقومات النجاح، خصوصا بعد أن أرست هيئة أسواق المال كل قواعد وأطر العمل الرقابي والتنظيمي للسوق المالي، وبشمولية غير مسبوقة تعالج كل أوجة أنشطة السوق المتطور، وتضاهي الممارسات العالمية في دقة المعالجة ووضوح الإجراءات والممارسات، لكن يبقى الشق المكمل وهو الفصل في النزعات عندما تنشأ، ويكون له سقف زمني وليس سجالا مفتوحا، كما هو حاصل الآن.
وفي هذا الصدد، كشفت المصادر أن طول الإجراءات أفرز أخيرا مساعي لتمرير أكبر عمليات لتهريب للأصول في السوق المحلي، بهدف حرمان الدائنين من الشركات المدرجة والصناديق الاستثمارية، وذلك عبر سلسلة تمويهات بأسماء شركات حديثة يتم تأسيسها لأغراض التسييل الذي يتم الترتيب له.
وأضافت أن هناك مساعي وعمليات ممنهجة بيع لبعض الأصول الجوهرية وترتيبات شهدها السوق أخيرا تحت غطاء إجرائي قانوني، إلا أنه تم توقيفها في اللحظات الحاسمة، نتيجة يقظة الدائنين واستنادا أيضا إلى قوة الموقف القانوني للدائنين.
في السياق ذاته، أوضحت المصادر جملة من الملاحظات الجوهرية على هذا الملف المكمل لأركان تكامل البنية التشريعة الاقتصادية، ومنها:
1 - النزعات المالية والاقتصادية تحتاج إلى سرعة في الحسم، خصوصا أن إطالة أمدها يشكّل أعباء وأكلافا عالية على أطراف النزاعات، وفي ذلك ضياع لحقوق المستثمرين والمساهمين.
2 - طول دورة الإجراءات وسنوات التقاضي يضرّ بسمعة السوق عموما، ويرفع من درجات المخاطر على مؤشرات كبريات الشركات الاسثثمارية، وبالتالي ينعكس ذلك على نصيب السوق من التوزيع للمبالغ المرصودة للمنطقة.
3 - هناك توصيات سابقة بضرورة وجدوى إنشاء محاكم اقتصادية تجارية متخصصة بهدف سرعة الفصل في النزعات الاقتصادية بأسرع وقت ممكن بشتّى الدرجات.
4 - بعض الدائنين أصحاب حق أصيل، لكن المدين يعتمد ويتمترس خلف سلسلة من الإجراءات المكفولة قانونيا، ويتم استخدامها لأهداف تتعلق بكسب أكبر قدر ممكن من الوقت للضغط على الدائنين أو في مسعى للإضرار بتلك الأصول وتبديدها واستدخال الأصول الجوهرية، وترك الأصول غير المدرة للدائنين.
5 - سرعة حسم الخلافات التجارية والاقتصادية ستقلل الكثير من النزاعات والمشاكل والخلافات، بعد أن يتم تعديل الوضع القائم الذي يراهن عليه كثير من المتلاعبين في السوق بأن الإجراءات تطول سنوات وسنوات، لكن في ظل نظام قانوني حاسم وسريع في الفصل بأقصر فترة زمنية ستقل معه الكثير من الخلافات، بعد أن يفقد الوضع القائم العامل الزمني الذي يتم الرهان عليه في كل المشاكل المتعلقة بالحقوق الاقتصادية المالية.
6 - أفراد وشرائح واسعة من صغار المستثمرين تتبدد أموالهم في خضم خلافات لا ذنب لهم فيها، حيث ترتكبها أطراف أخرى، لكن يصبهم أكبر الأضرار نتيجة تجميد أموالهم، في حين أن مرتكبي المخالفات يتمتعون بكل المزايا المالية، وبالتالي سرعة حسم تلك الخلافات من مكاسبها حماية الأقليات وصغار المستثمرين في الكيانات والشركات المدرجة.
7 - جهات حكومية ذاتها تعاني من هكذا إجراءات، حيث توجد بعض الخلافات وكذلك الغرامات العقابية والجزاءات التأديبية على شركات مدرجة تماطل في سدادها على أساس أن الجهة التي أوقعت الجزاء ستلجأ إلى التقاضي، وهو ما سيأخذ سنوات عديدة حتى تحصل على حكم نهائي.
8 - مشاريع كبرى تتم بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، تأخرت لسنوات وتعطلت بسبب طول إجراءات التقاضي، وتأخر حسم الخلافات، وبالتالي المال العام يصيبه بعض أضرار تلك الواقع.