«حزام» الصين و«الطريق» إلى الكويت
المولود الشرعي للصين بلغ السنوات العشر، بعدما أصبح واقعاً وعملاقاً، اليوم تجري الاحتفالات بالذكرى العاشرة لتأسيس «مبادرة الحزام والطريق» التي أطلقها الرئيس «شي جين بينغ»، فماذا تحقق؟ وماذا استفادت الكويت والعرب من هذا المشروع الذي وصفته الآلة الإعلامية الغربية بـ«فخ الديون» و«الإكراه الاقتصادي»، وهو أمر سخيف يندرج في إطار «الحرب الباردة» ضد الصين؟
بعد إطلاق المبادرة بأشهر معدودة في عام 2014 زار وفد صيني برئاسة سفير الصين الحالي «تشانغ جيانوي» دولة الكويت، والتقى في حينه المرحوم الشيخ ناصر صباح الأحمد، وسمع منه قصة مدينة الحرير والرؤية التي يعمل عليها وحلم بها، تلاقت الرؤيتان منذ البدايات، وكانت الكويت سباقة بل الدولة الأولى التي وقعت على مبادرة الحزام والطريق.
خطت الصين نحو الأمام وفق قواعد ثلاث قائمة على التشاور والتشارك والتقاسم، الأمر الذي جعل من المبادرة منتجاً عالمياً يساهم فيه جميع الأطراف ويستفيد منه العالم.
حتى الآن وقعت 20 دولة في الشرق الأوسط والكويت في طليعتهم وثائق التعاون في إطار المبادرة، التي تتكامل مع الخطط التنموية الاستراتيجية مع الصين، مثل رؤية السعودية 2030، ورؤية الكويت 2035، ومشروع النهضة لمصر، ورؤية قطر الوطنية 2030، وخطة الـ50 لدولة الإمارات، فبلغة الأرقام تكون الصين حتى شهر يونيو 2023 قد وقعت مع 152 دولة و32 منظمة دولية على أكثر من 200 وثيقة تعاونية بشأن البناء المشترك لـ«الحزام والطريق».
وعلى الأرض وبدون «بيع كلام» كما هي السياسة الأميركية أحياناً، على سبيل المثال، دفعت المبادرة ما يقرب من تريليون دولار أميركي من الاستثمار، وشكلت أكثر من 3000 مشروع تعاوني، وخلقت 420 ألف فرصة عمل للبلدان الواقعة على طول الطريق، وانتشلت ما يقرب من 40 مليون نسمة من خط الفقر.
بين الكويت والصين تاريخ حافل من التقارب، منذ زيارة المرحوم الشيخ جابر الأحمد عام 1965 عندما كان يشغل منصب وزير المالية إلى بكين، وبوفد كبير على رأسهم سمو الشيخ مشعل الأحمد، الذي سيحل ضيفاً على الدولة الصينية في هذا الشهر للتباحث وتوقيع اتفاقيات تعاون اقتصادية كبيرة.
تبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين جاء مبكراً عام 1971 قبل أي دولة خليجية، تبع ذلك زيارات متبادلة على مستوى القيادة وفي أكثر من مناسبة.
يتذكر السفير الصيني، كيف استقبل الشعب الصيني أثناء الغزو الوزير الشيخ أحمد الفهد، عندما كان في اللجنة الأولمبية الآسيوية، في الاستاد الدولي، وراح يصفق للكويت دعماً لها والوقوف معها، وتكررت لقاءات الشيخ أحمد الفهد مع الرئيس الصيني عدة مرات.
تستعد الكويت لافتتاح أول مركز ثقافي صيني في منطقة الخليج العربي، وهو حدث يأتي في إطار الانفتاح الصيني على العالم العربي، وهناك أكثر من 40 توءمة مما يعرف باسم «المدن الشقيقة» بين المدن الصينية والعربية، إضافة إلى 80 جامعة وكلية تقوم بتدريس اللغة العربية بعد أن فتحت أكثر من 50 كلية وجامعة تخصصاً في دراسة اللغة العربية، في حين اتخذت المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات قراراً بإدخال اللغة الصينية إلى المناهج التعليمية الإلزامية.
قد تشكل سنة 2023 فأل خير على العلاقة الكويتية الصينية في «سنة الأرنب» بحسابات الأبراج الصينية، وبحسب علم الفلك الصيني سيكون هذا العام أكثر سلاماً، وعادة ما يكون صاحبه محظوظاً، و«الأرنب» هو الحيوان الرابع في دائرة الأبراج، يرمز إلى النعمة والجمال والرحمة، ويبقى مصاحباً للون الأحمر، خصوصا لدى المنتمين إلى قومية «هان» الذين يشكلون 90% من السكان البالغ عددهم مليارا و400 مليون نسمة من أصل 56 عرقية في عموم البلاد.
عالم متعدد الأقطاب، هذا ما تسعى إليه الصين في سياستها الخارجية، ترجمتها باحتراف بدخولها طرفاً إيجابياً لإطفاء الحرائق الدولية، ووسيطاً موثوقاً في النزاعات الإقليمية، وآخرها المبادرة الحيوية بعودة العلاقات بين إيران والسعودية.
اكتسبت الصين «كدولة عظمى» عنصراً فاعلاً في علاقاتها الدولية عنوانه الثقة بها عند الأزمات.