«الوطني»: توقعات باستمرار تشديد أساسيات السوق
• «الأسعار ارتفعت للشهر الثالث على التوالي بفضل تزايد الطلب الموسمي وتمديد خفض الإنتاج»
ارتفعت أسعار النفط للشهر الثالث على التوالي في أغسطس، نظراً لاستمرار المعنويات الإيجابية وسط مؤشرات واضحة على ضيق العرض، فيما يعزى في المقام الأول لقيام منظمة أوبك وحلفائها بخفض الإمدادات، وكان أبرزها التخفيضات الحادة التي أعلنت عنها السعودية من جانب أحادي، إضافة إلى تزايد الطلب على النفط خلال فصل الصيف بوتيرة أفضل من المتوقع.
وتوقع تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، استمرار تشديد أساسيات سوق النفط وسط تمديد سياسات خفض إمدادات السعودية (وأوبك وحلفائها)، مما يبقي أسعار النفط مرتفعة (حاجز مقاومة جديد عند 85 دولاراً للبرميل) خلال الشهر المقبل أو نحو ذلك.
ومن المتوقع أن تبقى آفاق الطلب على النفط في المدى القريب داعمة، حتى في ظل تعرض بعض اقتصادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لمخاطر الركود. وقد يساهم التحسن الذي شهدته أخيراً المؤشرات الاقتصادية للصين، إلى جانب إمكانية تقديم المزيد من التحفيزات الحكومية، في تحقيق بعض النمو.
وحسب التقرير، أنهى مزيج خام برنت تداولات شهر أغسطس على ارتفاع، إذ وصل إلى 86.9 دولاراً للبرميل (+1.5% على أساس شهري، +1.1% منذ بداية العام الحالي حتى تاريخه)، في حين ارتفع سعر خام التصدير الكويتي بنهاية تداولات الشهر وصولاً إلى مستوى 89.8 دولار للبرميل (+2.3% على أساس شهري، +9.4% منذ بداية العام).
كما تحسنت المعنويات خلال أشهر الصيف مع تجاوز صافي الفروق بين عقود الشراء والبيع على المكشوف لخام برنت (الفرق بين المضاربات على زيادة الأسعار مقابل هبوطها) أكثر من 200 ألف عقد بصورة دورية خلال شهر أغسطس وارتفاعه لأعلى مستوياته المسجلة منذ أربعة أشهر وصولاً إلى 230.8 ألف عقد منتصف الشهر الجاري.
واستقرت الأسعار منذ ذلك الحين خلال شهر سبتمبر متخطية مستوى 90 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ عشرة أشهر بعد أن فاجأت السعودية وروسيا الأسواق بإعلانهما تمديد تخفيضات الإنتاج الطوعية بمقدار مليون برميل يومياً و300 ألف برميل يومياً، على التوالي، حتى نهاية العام الحالي، مما أدى لانخفاض المعروض في السوق بشكل أكبر.
وعلى الرغم من الأداء الضعيف للاقتصاد الكلي، بقي الطلب العالمي على النفط قوياً نسبياً هذا العام. وتقدر وكالة الطاقة الدولية أن يتراوح معدل نمو الطلب في المتوسط ما بين 2.2 و2.4 مليون برميل يومياً في 2023 بعد أن تجاوز الطلب مستويات قياسية بلغت 103 ملايين برميل يومياً خلال أشهر الصيف بفضل مرونة الطلب الصيني ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
أما في عام 2024، فتتوقع الوكالة نمو الطلب على النفط بوتيرة أبطأ كثيراً تصل إلى مليون برميل يومياً في ظل ظروف الاقتصاد الكلي الأكثر تشدداً على مستوى العالم، ومعايير كفاءة أكثر صرامة، وتزايد الإقبال على السيارات الكهربائية.
وعلى جانب العرض، كشفت المصادر الثانوية لبيانات إنتاج أوبك عن انخفاض إنتاج المجموعة بمقدار 886 ألف برميل يومياً إلى 22.6 مليون برميل يومياً في يوليو، نتيجة لقرارات الخفض الطوعي لإنتاج السعودية بنحو مليون برميل يومياً، ليصل بذلك إنتاج المجموعة بالقرب من أدنى مستوياته المسجلة في عامين.
وقابل قرار الخفض السعودي زيادة في الإنتاج من أنغولا والعراق بنحو 40 ألف برميل يومياً على أساس شهري.
وما يزال إنتاج الأعضاء المعفيين من خفض حصص الإنتاج، وتحديداً إيران وفنزويلا، يواصل ارتفاعه بالرغم من العقوبات الأميركية.
إذ ارتفع إنتاج إيران بنحو 250 ألف برميل هذا العام إلى 2.82 مليون برميل يومياً، فيما يعد الأعلى منذ ديسمبر 2018.
ويبدو أن رغبة الولايات المتحدة لمتابعة هذا الانتهاك ضئيلة للغاية نظراً لانشغالها بتنسيق جبهة العقوبات الأكثر أهمية وتحديد سقف الأسعار لمجموعة السبع ضد روسيا.
ويبدو أن هناك بعض المفاوضات السرية لإعادة إيران وفنزويلا للأسواق مرة أخرى، ومن المرجح أن تضع الولايات المتحدة تصوراً لثمن إعادة قبول هذين الشريكين بشكل كامل في سوق النفط العالمي مما قد يساهم في تحسن الإمدادات وبالتالي انخفاض أسعار البنزين بالنسبة للمستهلكين.
وانخفض إنتاج أوبك وحلفائها (الذين ينطبق عليهم قرارات خفض حصص الإنتاج فقط)، الذي يشمل إنتاج روسيا البالغ 9.42 ملايين برميل يومياً بمقدار 936 برميلاً يومياً في يوليو، إلى 35.6 مليون برميل يومياً. تجدر الإشارة إلى أن تعهدات روسيا الأخيرة بخفض الإمدادات بمقدار 500 ألف برميل يومياً في أغسطس و300 ألف برميل يومياً في سبتمبر - والتي تم تمديدها الأسبوع الماضي حتى نهاية 2023 - تشير على وجه التحديد لصادراتها وليس الإنتاج. وهذا لا يعني أن الإنتاج سينخفض تلقائياً، ومن الممكن أن يبقى الإنتاج ثابتاً أو قد يشهد زيادة، طالما تم توجيه كميات النفط المصدرة سابقاً نحو صهاريج التخزين أو استخدامها لزيادة صادرات المنتجات المكررة، التي لا تخضع لحصص خفض الإنتاج الخاصة بالأوبك.
وفي الكويت، استقر إنتاج النفط الخام في يوليو عند 2.55 مليون برميل يومياً، للشهر الثالث على التوالي، وفقاً لمصادر رسمية.
ومن المتوقع أن تحافظ الكويت على هذا المستوى حتى نهاية عام 2023، وبعد ذلك من المقرر أن ترفع الإنتاج إلى 2.68 مليون برميل يومياً، مما يعكس التخفيضات الطوعية السارية منذ مايو وفقاً لسياسة أوبك.
وفي ذات الوقت، ارتفع إنتاج الكويت وصادراتها من المنتجات المكررة لمستوى قياسي في يونيو، في ظل استمرار زيادة إنتاج مصفاة الزور، إذ بلغت صادرات المنتجات المكررة 1.1 مليون برميل يومياً، بنمو بلغت نسبته 38% على أساس سنوي، وفقاً لمبادرة بيانات المنظمات المشتركة (جودي).
وارتفعت كميات الديزل/ زيت الغاز وفقاً للمواصفات الأوروبية وزيت الوقود منخفض الكبريت في ظل تطلع الكويت لتزويد أوروبا والشرق الأقصى بهذه المنتجات.
وفي إطار مساعيها لدعم الطلب المتزايد على الطاقة الإنتاجية لمصافي التكرير في الوقت الذي تلتزم فيه بحصص خفض الإنتاج بسبب سياسة الأوبك وحلفائها، اضطرت شركة نفط الكويت لإعادة توجيه النفط الخام الذي كان مخصصاً لأسواق التصدير للمصافي المحلية (انخفضت صادرات النفط الخام بنسبة 11% منذ بداية العام حتى يونيو).
إلا أن هذا التحول يعتبر منطقياً من الناحية التجارية نظراً للفارق السعري بين أسعار المنتجات المكررة وسعر النفط الخام.
وفي الولايات المتحدة، أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية الأسبوعية ارتفاع إنتاج النفط الخام إلى 12.8 مليون برميل يومياً في أغسطس، بزيادة قدرها 700 ألف برميل يومياً منذ بداية العام حتى أغسطس (+5.8%)، أي أكثر من ضعف معدل العام الماضي، فيما يعزى لارتفاع إنتاجية الآبار الصخرية وتزايد أنشطة التنقيب والاستكشاف في ظل ارتفاع أسعار النفط. وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية ارتفاع إنتاج النفط إلى 13.1 مليون برميل يومياً في المتوسط خلال العام المقبل، بدعم من ارتفاع معدلات إعادة الاستثمار من منتجي النفط.
وفي ذات الوقت، أجلت وزارة الطاقة شراء 6 ملايين برميل من النفط الخام لإعادة ملء الاحتياطي الاستراتيجي للبترول المخصص للتسليم في شهري أكتوبر ونوفمبر بسبب ارتفاع الأسعار.
وانخفض الاحتياطي الاستراتيجي للنفط لأدنى مستوياته منذ 40 عاماً إلى 346.7 مليون برميل بعد سحب 250 مليوناً على مدار العامين الماضيين.