لقي 4 أشخاص حتفهم وأصيب العشرات مع تجدُّد أعمال العنف بين فصائل متنافسة في مخيم للاجئين الفلسطينيين بجنوب لبنان، وسط مخاوف من توسّع القتال، خصوصاً بعد استهداف نقطة أمنية للجيش اللبناني وسقوط قذائف على مدينة صيدا التي شلّتها المعارك.

ويخشى السكان من سيناريو مماثل لما حدث في مخيم نهر البارد للفلسطينيين بشمال البلاد، حيث شن الجيش اللبناني هجوماً استمر 15 أسبوعاً لطرد الجماعات الإسلامية في 2007.

Ad

وشهد مخيم عين الحلوة، وهو الأكبر من بين 12 مخيماً للفلسطينيين في لبنان، ويستضيف حوالي 80 ألفاً من إجمالي نحو 250 ألف لاجئ فلسطيني مسجلين في أنحاء البلاد، وفق الأونروا، عدة جولات من الاشتباكات منذ أواخر يوليو بين حركة فتح التي كانت تسيطر تاريخياً على المخيم، ومقاتلين إسلاميين متشددين متجمعين تحت عنوان «الشباب المسلم».

وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) إن الفصائل المسلحة استولت على 8 مدارس تابعة لها، مما أجبر الوكالة على توفير بدائل لاستضافة الطلاب مع اقتراب بداية العام الدراسي.

وأفادت تقارير محلية، أمس، باشتداد حدّة المعارك داخل المخيم​، خصوصاً على محور حي حطين- جبل الحليب، وسقطت عدة قذائف في مدينة صيدا التي قامت القوى الأمنية أمس بإغلاق مدخلها الجنوبي وتحويل السير إلى الطريق البحرية، فيما تعرّضت محطة توتال على طريق مغدوشة للقصف، مما ينذر بخطورة الطريق لسالكيها، باتجاه الخط البحري الساحلي.

وأقفلت الدوائر الرسمية في سراي صيدا الحكومي، بناء على قرار محافظ الجنوب منصور ضو، كما فعّلت الجامعة اللبنانية التزاماً بقرار رئيس الجامعة اللبنانية البروفيسور بسام بدران.

وقررت جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية تأجيل بدء الدروس للعام الدراسي والذي كان مقرراً الأسبوع المقبل إلى موعد يحدد لاحقاً.

وبدت الحركة شبه مشلولة في شوارع مدينة صيدا، وخاصة منها المحيطة بالمخيم، وخفيفة جداً في الأسواق التجارية وعند ساحة النجمة.

ودفعت الاشتباكات الأخيرة مئات العائلات إلى النزوح من المخيم، منهم من لجأ إلى أقاربه وحوالي 400 عائلة اتخذت من جامع قريب ملاذاً و78 عائلة أخرى تم استقبالها في مدرسة بصيدا، وفق ما أفادت «أونروا».

وأعلن الجيش اللبناني، أمس الأول، سقوط 3 قذائف في مركزين تابعين له قرب المخيم، مما أدى إلى إصابة 5 عسكريين أحدهم بحالة حرجة. وينتشر الجيش في حواجز أمام مداخل المخيم، الذي لا تدخله القوى الأمنية اللبنانية على غرار كل المخيمات الفلسطينية بموجب اتفاق ضمني بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطات اللبنانية. وتتولى الفصائل الفلسطينية نوعاً من الأمن الذاتي داخل المخيمات، عبر قوة أمنية مشتركة.

وأعربت قيادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، في ​لبنان​، أمس، عن إدانتها «استهداف مراكز للجيش اللبناني».

واعتبرت، في بيان، أن «استهداف ​الجيش اللبناني​ عمل مشبوه يضر بالقضية الوطنية الفلسطينية، ويخدم أعداء الشعبين الفلسطيني واللبناني، وفي مقدمتهم العدو الصهيوني».

من ناحيته، نفى المكتب الإعلامي لحركة حماس في لبنان، الاتهامات «للحركة والإخوة في حركة الجهاد الإسلامي وحزب الله بدعم الجماعات المسلحة في مخيم عين الحلوة ضمن معركة السيطرة على القرار الفلسطيني بالمخيمات الفلسطينية في لبنان». وشددت الحركة على أن «هذه الادعاءات الباطلة والمزيفة محاولات قديمة/ جديدة ضمن المحاولات اليائسة لتشويه صورة حركة حماس والمقاومة الفلسطينية».

في المقابل، رأى المجلس الوطني الأرثوذكسي اللبناني، في بيان، أن «الاشتباكات المتكررة داخل المخيم تنذر بأن هناك خطة أمنية مبرمجة ستطول الأمن القومي»، مبدياً تخوفه من «حرب ثانية شبيهة بمخيم البداوي وتصاعد وتيرة العنف الى الداخل اللبناني». ودعا الدولة والأجهزة الأمنية الى «اتخاذ قرار سريع دون الرجوع إلى أي طرف من المتنازعين ومن الأحزاب السياسية التي تدعم وجودهم».

وأشار المكتب السياسي لحركة أمل، الى أن «ما يحصل في عين الحلوة، يُدمي القلب ويشكل طعنات في ظهور المقاومين بالداخل، وهو عمل مشبوه كائناً من كان خلفه»، محذراً من «الوقوع في براثن الاقتتال الداخلي».

من ناحيته، أكّد نائب رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية في لبنان، بسام حمود، أنّ «عدم تجاوب الجهات المتصارعة في مخيم عين الحلوة مع كل دعوات التهدئة يضع الجميع تحت مقصلة المساءلة»، مضيفاً: «هل صحيح أن ما يجري سببه عدم تسليم المشتبه بهم باغتيال اللواء العرموشي والمغدور فرهود، أم أن خلف الأكمة ما خلفها؟».

وحذّر المدير العام للأمن العام بالإنابة في لبنان، اللواء الياس البيسري، من أن يتحول مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، بجنوب لبنان، إلى ملاذ للمطلوبين الفارّين من وجه العدالة، مشيرا إلى أن ما يحدث هناك خطير للغاية.

وقال البيسري، في حديث صحافي نشر أمس إن «ما يحصل خطير جداً، واذا تمدّد سيتحول إلى أزمة مُستنزفة والوضع في لبنان لا ينقصه أزمات»، مضيفاً: «لن نقف مكتوفي الأيدي جرّاء ما يحصل في المخيم، هذه أرض تخضع للسيادة اللبنانية، وهذا السلاح يحظى بغطاء من السلطات اللبنانية».

واجتمع البيسري أمس، بالتنسيق مع وزارة الداخلية والسلطة السياسية، مع الفصائل الفلسطينية في مكتبه وأبلغها «رسالة واضحة وهي أنه من غير المقبول أن يستمر الاقتتال في المخيم والذي تصيب شظاياه الجوار أيضاً» وذلك بالتزامن مع وصول عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية بمنظمة التحرير مسوؤل ملف لبنان.

إلى ذلك، دعا مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، أمس، إلى تحقيق دولي في انفجار مرفأ بيروت يوم 4 أغسطس 2020، مندداً بغياب المساءلة في هذه القضية، وهو الموقف الذي لاقى تأييداً من قوى لبنانية في مقدمها حزب «القوات اللبنانية».

في سياق آخر، عبر رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، نجيب ميقاتي، عن أسفه أمس لتغيّب عدد من الوزراء عن جلسة لمجلس الوزراء كانت مخصصة لبحث قضية النزوح السوري، مما أفقدها النصاب، مطالباً باتخاذ موقف وطني جامع حول ملف مقاربة ملف النزوح السوري المستجد عبر نقاط العبور غير الشرعية.