تصادف اليوم الذكرى الـ 60 لإقرار دستور الكويت، يستذكر فيها الكويتيون تاريخاً مشرفاً من الإنجازات تحققت عبر مسيرتهم الديموقراطية الثرية بالاستحقاقات والمحطات المؤثرة والمفصلية في تاريخ البلاد.
ففي 11 نوفمبر عام 1962 صادق أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم طيب الله ثراه (الحاكم الـ 11 للبلاد) على دستور الكويت (المعمول به حالياً) الذي شكل علامة فارقة في تاريخ الحياة السياسية في البلاد.
ويستحضر الكويتيون بكل فخر واعتزاز المحطات التاريخية التي مرت بها البلاد خلال مسيرتها الديموقراطية منذ نشأتها مروراً بالوثيقة الدستورية عام 1938 حتى ولادة (دستور 1962) وهو الوثيقة المهمة والأبرز في تاريخ البلاد.
وشكل دستور 1962 نقلة نوعية نحو دولة حديثة قائمة على مؤسسات دستورية ومنهجاً لحياة الكويتيين، ونظّم العلاقة بين الحاكم والشعب، وأكد حقوق المواطن المدنية وحقه في التعبير والتمسك بثوابت العدل والحرية والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين.
ومر الدستور قبل إقراره بمحطات مهمة بدأت بعد وقت قصير من استقلال البلاد عندما أعلن الشيخ عبدالله السالم «طيب الله ثراه» تطلعه لتبني نظام برلماني متين يرتكز على المبادئ الديموقراطية والمشاركة الشعبية لاسيما في إعداد الدستور.
وتحقيقاً لهذه الرغبة أصدر الأمير الراحل في 26 أغسطس 1961 قانوناً بشأن النظام الأساسي لفترة الانتقال وإجراء انتخابات للمجلس التأسيسي الذي يهدف إلى وضع دستور دائم للبلاد.
المجلس التأسيسي
وفي يناير عام 1962 تم افتتاح المجلس التأسيسي، حيث ألقى الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم كلمة الافتتاح قال فيها: «بسم الله العلي القدير نفتتح أعمال المجلس التأسيسي الذي تقع على عاتقه مهمة وضع أساس الحكم في المستقبل».
وانتخب أعضاء المجلس المرحوم عبداللطيف محمد ثنيان الغانم رئيساً للمجلس التأسيسي، فيما انتخب المرحوم د. أحمد الخطيب نائباً له.
وفي الجلسة السادسة من عمر المجلس التأسيسي تم انتخاب لجنة الدستور وضمت خمسة أعضاء هم المرحوم عبداللطيف الغانم رئيس المجلس التأسيسي و(الأمير الوالد الراحل) الشيخ سعد العبدالله وكان حينها وزيراً للداخلية ورئيس لجنة إعداد مشروع الدستور والمرحوم حمود الزيد الخالد وزير العدل (عضواً منتخباً) والمرحوم يعقوب يوسف الحميضي عضو المجلس وأمين سر اللجنة والمرحوم سعود عبدالعزيز العبدالرزاق عضو المجلس التأسيسي.
وعرضت اللجنة المشروع النهائي للدستور على المجلس التأسيسي، الذي أقره بإجماع أعضائه في جلسة 3 نوفمبر 1962 ثم قام المجلس بدوره بتقديم مشروع الدستور إلى الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم، الذي صادق عليه وأصدره في 11 نوفمبر 1962، وكان على الصورة التي أقرها المجلس ونشر في الجريدة الرسمية في اليوم التالي لصدوره.
أول انتخابات برلمانية
وأجريت أول انتخابات برلمانية شاملة في الكويت بموجب أحكام الدستور الجديد لاختيار أعضاء مجلس الأمة في يناير 1963 وكانت إيذاناً ببدء الممارسة السياسية تحت ظل أحكام الدستور الوليد.
ومرت المسيرة الديموقراطية في الكويت بالعديد من الأزمات منذ صدور الدستور إلى الغزو العراقي الغاشم، إذ شهدت البلاد خلال هذه الفترة ستة مجالس برلمانية وقفت الحياة النيابية خلالها مرتين الأولى عام 1976 حينما تم حل المجلس وتعطيل العمل ببعض نصوص الدستور أما الأزمة الثانية فكانت في عام 1986 حين تم حل المجلس مرة أخرى وأوقف العمل بالدستور.
وشكل أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد طيب الله ثراه في 10 فبراير عام 1980 لجنة للنظر في تنقيح الدستور مؤلفة من 35 شخصية كويتية من مختلف التوجهات وعقدت اللجنة 18 اجتماعاً لمناقشة 13 مقترحاً من الحكومة لتنقيح بعض مواد الدستور وفي 22 يونيو 1980 أنهت اللجنة المعينة أعمالها. وكان الدستور طوال مسيرة الحياة الديموقراطية في الكويت الحصن المنيع في مواجهة الكثير من الأزمات الداخلية والخارجية، لاسيما كارثة الغزو العراقي الغاشم في أغسطس 1990 حين توحد الكويتيين في الداخل والخارج قيادة وشعباً تحت ظل وراية الشرعية.
وبعد تحرير البلاد من براثن الاحتلال العراقي عام 1991 صدر مرسوم أميري بتشكيل حكومة جديدة لإعادة الإعمار والبناء، وفي أكتوبر 1992 عادت الحياة النيابية مرة أخرى ليمارس المجلس مهامه التشريعية والرقابية.
وعلى هذا النهج سار أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد طيب الله ثراه الذي كان يؤكد في كل مناسبة وخطاب حرصه على التمسك بما جاء بالدستور.
السياج والحصن
ودائماً أكد صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد في مناسبات عدة الحرص على التمسك بالدستور والقانون والحفاظ على الوحدة الوطنية باعتبارها السياج الذي يحمي الكويت والكويتيين والحصن لمجابهة التحديات.
وما كان حل مجلس الأمة حلاً دستورياً في الثاني من أغسطس الماضي والدعوة لتصحيح المسار بعد تأزم المشهد السياسي أخيراً إلا للتأكيد على الاحتكام إلى الدستور باعتباره الضمانة لاستقرار البلاد وأمنها. وأكد سمو أمير البلاد على ذلك في النطق السامي، الذي ألقاه نيابة عن سموه سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد في افتتاح دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الـ 17 لمجلس الأمة في 18 أكتوبر الماضي، بالقول «ها نحن قد وفينا بالعهد الذي قطعناه على أنفسنا في خطابنا الذي ألقيناه بتاريخ 22 يونيو 2022 حيث تم الاحتكام إلى الدستور، فتم حل مجلس الأمة حلاً دستورياً واحترمنا كذلك استناداً لنصوص الدستور إرادة الشعب باعتباره صاحب الكلمة المسموعة في تقرير مصيره، فكانت هذه الإرادة الشعبية هي التي أوصلت الأعضاء إلى مجلس الأمة ليكونوا نوابا فيه دون تدخل منا».
ففي 11 نوفمبر عام 1962 صادق أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم طيب الله ثراه (الحاكم الـ 11 للبلاد) على دستور الكويت (المعمول به حالياً) الذي شكل علامة فارقة في تاريخ الحياة السياسية في البلاد.
ويستحضر الكويتيون بكل فخر واعتزاز المحطات التاريخية التي مرت بها البلاد خلال مسيرتها الديموقراطية منذ نشأتها مروراً بالوثيقة الدستورية عام 1938 حتى ولادة (دستور 1962) وهو الوثيقة المهمة والأبرز في تاريخ البلاد.
وشكل دستور 1962 نقلة نوعية نحو دولة حديثة قائمة على مؤسسات دستورية ومنهجاً لحياة الكويتيين، ونظّم العلاقة بين الحاكم والشعب، وأكد حقوق المواطن المدنية وحقه في التعبير والتمسك بثوابت العدل والحرية والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين.
ومر الدستور قبل إقراره بمحطات مهمة بدأت بعد وقت قصير من استقلال البلاد عندما أعلن الشيخ عبدالله السالم «طيب الله ثراه» تطلعه لتبني نظام برلماني متين يرتكز على المبادئ الديموقراطية والمشاركة الشعبية لاسيما في إعداد الدستور.
وتحقيقاً لهذه الرغبة أصدر الأمير الراحل في 26 أغسطس 1961 قانوناً بشأن النظام الأساسي لفترة الانتقال وإجراء انتخابات للمجلس التأسيسي الذي يهدف إلى وضع دستور دائم للبلاد.
المجلس التأسيسي
وفي يناير عام 1962 تم افتتاح المجلس التأسيسي، حيث ألقى الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم كلمة الافتتاح قال فيها: «بسم الله العلي القدير نفتتح أعمال المجلس التأسيسي الذي تقع على عاتقه مهمة وضع أساس الحكم في المستقبل».
وانتخب أعضاء المجلس المرحوم عبداللطيف محمد ثنيان الغانم رئيساً للمجلس التأسيسي، فيما انتخب المرحوم د. أحمد الخطيب نائباً له.
وفي الجلسة السادسة من عمر المجلس التأسيسي تم انتخاب لجنة الدستور وضمت خمسة أعضاء هم المرحوم عبداللطيف الغانم رئيس المجلس التأسيسي و(الأمير الوالد الراحل) الشيخ سعد العبدالله وكان حينها وزيراً للداخلية ورئيس لجنة إعداد مشروع الدستور والمرحوم حمود الزيد الخالد وزير العدل (عضواً منتخباً) والمرحوم يعقوب يوسف الحميضي عضو المجلس وأمين سر اللجنة والمرحوم سعود عبدالعزيز العبدالرزاق عضو المجلس التأسيسي.
وعرضت اللجنة المشروع النهائي للدستور على المجلس التأسيسي، الذي أقره بإجماع أعضائه في جلسة 3 نوفمبر 1962 ثم قام المجلس بدوره بتقديم مشروع الدستور إلى الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم، الذي صادق عليه وأصدره في 11 نوفمبر 1962، وكان على الصورة التي أقرها المجلس ونشر في الجريدة الرسمية في اليوم التالي لصدوره.
أول انتخابات برلمانية
وأجريت أول انتخابات برلمانية شاملة في الكويت بموجب أحكام الدستور الجديد لاختيار أعضاء مجلس الأمة في يناير 1963 وكانت إيذاناً ببدء الممارسة السياسية تحت ظل أحكام الدستور الوليد.
ومرت المسيرة الديموقراطية في الكويت بالعديد من الأزمات منذ صدور الدستور إلى الغزو العراقي الغاشم، إذ شهدت البلاد خلال هذه الفترة ستة مجالس برلمانية وقفت الحياة النيابية خلالها مرتين الأولى عام 1976 حينما تم حل المجلس وتعطيل العمل ببعض نصوص الدستور أما الأزمة الثانية فكانت في عام 1986 حين تم حل المجلس مرة أخرى وأوقف العمل بالدستور.
وشكل أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد طيب الله ثراه في 10 فبراير عام 1980 لجنة للنظر في تنقيح الدستور مؤلفة من 35 شخصية كويتية من مختلف التوجهات وعقدت اللجنة 18 اجتماعاً لمناقشة 13 مقترحاً من الحكومة لتنقيح بعض مواد الدستور وفي 22 يونيو 1980 أنهت اللجنة المعينة أعمالها. وكان الدستور طوال مسيرة الحياة الديموقراطية في الكويت الحصن المنيع في مواجهة الكثير من الأزمات الداخلية والخارجية، لاسيما كارثة الغزو العراقي الغاشم في أغسطس 1990 حين توحد الكويتيين في الداخل والخارج قيادة وشعباً تحت ظل وراية الشرعية.
وبعد تحرير البلاد من براثن الاحتلال العراقي عام 1991 صدر مرسوم أميري بتشكيل حكومة جديدة لإعادة الإعمار والبناء، وفي أكتوبر 1992 عادت الحياة النيابية مرة أخرى ليمارس المجلس مهامه التشريعية والرقابية.
وعلى هذا النهج سار أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد طيب الله ثراه الذي كان يؤكد في كل مناسبة وخطاب حرصه على التمسك بما جاء بالدستور.
السياج والحصن
ودائماً أكد صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد في مناسبات عدة الحرص على التمسك بالدستور والقانون والحفاظ على الوحدة الوطنية باعتبارها السياج الذي يحمي الكويت والكويتيين والحصن لمجابهة التحديات.
وما كان حل مجلس الأمة حلاً دستورياً في الثاني من أغسطس الماضي والدعوة لتصحيح المسار بعد تأزم المشهد السياسي أخيراً إلا للتأكيد على الاحتكام إلى الدستور باعتباره الضمانة لاستقرار البلاد وأمنها. وأكد سمو أمير البلاد على ذلك في النطق السامي، الذي ألقاه نيابة عن سموه سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد في افتتاح دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الـ 17 لمجلس الأمة في 18 أكتوبر الماضي، بالقول «ها نحن قد وفينا بالعهد الذي قطعناه على أنفسنا في خطابنا الذي ألقيناه بتاريخ 22 يونيو 2022 حيث تم الاحتكام إلى الدستور، فتم حل مجلس الأمة حلاً دستورياً واحترمنا كذلك استناداً لنصوص الدستور إرادة الشعب باعتباره صاحب الكلمة المسموعة في تقرير مصيره، فكانت هذه الإرادة الشعبية هي التي أوصلت الأعضاء إلى مجلس الأمة ليكونوا نوابا فيه دون تدخل منا».