قضت محكمة التمييز المدنية، برئاسة المستشار فؤاد الزويد، بإلغاء قرار منع سفر أحد المدينين، لعدم توافر شروط منع السفر الصادرة بحقه، والتي أوردها قانون المرافعات، مؤكدة أن الطاعن كويتي الجنسية ولديه أسرة في البلاد، ولا تتوافر بحقه مظنة الهروب من البلاد، وهو شرط تطلبه القانون لإصدار قرار منع السفر.

ويفتح الحكم القضائي، وفق المنطق الذي انتهت اليه المحكمة، الباب لاستناد العديد من المدينين من المواطنين إلى المطالبة برفع منع السفر عنهم لانتفاء مبررات مظنة الهروب من البلاد، وتتحصل وقائع القضية في الدعوى التي أقامها مواطن بطلب رفع منع السفر عنه، والذي أصدرته إدارة التنفيذ، إلا أن محكمة أول درجة انتهت الى رفض التظلم، وأيدتها بذلك محكمة الاستئناف، فقام بالطعن على الحكم أمام «التمييز».. وقالت «التمييز»، في حيثيات حكمها، إن الطعن أقيم أمامها، وأودعت نيابة التمييز مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته مدير إدارة التنفيذ، وفي الموضوع بتمييز الحكم المطعون فيه، مشيرة إلى أن الطعن عرض على هذه المحكمة في غرفة المشورة، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة برأيها.

Ad

وأشارت إلى أنه عن الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته فهو سديد، لأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره.

وأضافت أن الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الثاني بصفته تم اختصامه ليصدر الحكم في مواجهته، ولم توجه له ثمة طلبات، وقد وقف من الخصومة موقفا سلبيا، ولم يقض له أو عليه بشيء، ومن ثم فإنه لا يعتبر بهذه المثابة خصما حقيقيا، ويضحى اختصامه في الطعن غير مقبول، مبينة أنه «لما كان الطعن قد أقيم في الميعاد المقرر قانونا بالمادة 153 من قانون المرافعات، بعد تعديلها بالقانون رقم 2019/12، وممن يملكه، وعن حكم قابل له مستوفياً شروطه وأوضاعه الشكلية المقررة قانوناً فهو مقبول شكلاً».

مسودة الحكم

ولفتت المحكمة الى أنه عن الدفع المبدى من النيابة ببطلان الحكم المطعون فيه لعدم توقيع مسودته من جميع أعضاء الهيئة التي أصدرته فهو سديد، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 3/115 من قانون المرافعات على أنه «كما يجب أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعاً عليها من الرئيس والقضاة عند النطق بالحكم وإلا كان باطلاً...» يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع أوجب أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعا عليها من جميع أعضاء الهيئة التي أصدرته وإلا كان الحكم باطلاً بطلاناً يتعلق بالنظام العام، مما تجوز إثارته من الخصوم أو من النيابة أو من محكمة التمييز من تلقاء نفسها ولو لم يسبق به أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى ورد على الجزء المطعون فيه من الحكم.

وأفادت بأن البين من الاطلاع على مسودة الحكم المطعون فيه، والمشتملة على أسبابه ومنطوقه، أنها مذيلة في ورقتها الأخيرة المتضمنة لمنطوق الحكم بتوقيعين فقط لعضوين من أعضاء الهيئة التي أصدرته، وكان مؤدى ذلك عدم تحقق المحكمة التي توخاها المشرع من إيجاب توقيع جميع أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم على مسودته المشتملة على أسبابه، ليقوم الدليل على أن المداولة استقرت على أسباب الحكم، كما ثبتت في مسودته، بما يكون معه الحكم المطعون فيه باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام مما يستوجب تمييزه.

وأوضحت أن الاستئناف أقيم في الميعاد القانوني مستوفيا أوضاعه القانونية ومن ثم فهو مقبول شكلاً، وحيث إنه وفي موضوع الاستئناف فإنه من المقرر أن مؤدى نص المادتين 297و298 من قانون المرافعات أنه يشترط لاستصدار الأمر بمنع المدين من السفر بوصفه إجراء وقتياً أن يكون حقا دائنا محقق الوجود وحال الأداء، ويقدم الدائن الدليل على وجود أسباب جدية تدعو الى ظن بخشية فرار مدينه من الدين، وأن يثبت أن مدينه قادر على الوفاء، وأن تقدير واجبات إصدار الأمر بالمنع من السفر، وكذلك تقدير أسباب التظلم من هذا الأمر هو من الأمور الموضوعية التي يستقل بها القاضي الذي يطلب منه إصدار الأمر ومن بعدها التي يرفع اليها التظلم منه.

المساس بحرية الإنسان

وذكرت المحكمة أنه لما كان هذا الإجراء يتضمن في ذاته مساسا بحرية الإنسان في الإقامة والتنقل التي كفلها له الدستور في المادة 31 فإنه ينبغي أن تتوافر المبررات لأن تصدر بالضرورة التي تحقق الغاية، وأن يكون بقاؤه مرهونا باستمرار توافر تلك المبررات، لأنه يقدر بالضرورة التي رعت اليه، وعلى ذلك لا يكون ثمة محل لأن يظل المدين مقيداً للحرية وممنوعاً من السفر متى حصر موجوداته لمحكمة وثبت من مركزه المالي عجزه عن الوفاء بالدين جملة واحدة وما يدعو إلى الظن بفراره من الدين.

وقالت: «ولما كان ذلك وكان البين من الأوراق أنها جاءت خالية من قيام ثمة دليل على توافر الشرطين الخاصين بثبوت قدرة المستأنف الصادر بشأنه أمر المنع من السفر المتظلم منه أو توافر أسباب جدية تدعو إلى الظن بخشية فراره من دينه، سيما وأن البين من مستندات الدعوى ان المستأنف كويتي الجنسية وله أسرة يقيم معها، وهو ما يؤكد صدق دفاعه بانتفاء مظنة هروبه خارج البلاد فراراً من الدين، الأمر الذي تكون معه قد تخلفت الشروط اللازمة لإصدار الأمر المتظلم منه، ويكون بذلك قد صدر في غير حالاته خليقا بالإلغاء».

وتابعت: «وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر فإن المحكمة تأمر بإلغائه، وفي موضوع التظلم بإلغاء الأمر المتظلم منه، واعتباره كأن لم يكن، وذلك على النحو الوارد بالمنطوق، وحيث إنه عن المصروفات وأتعاب المحاماة الفعلية فالمحكمة تلزم بها المستأنف ضدها عملاً بالمادتين 119و119 مکرر، و147 مرافعات».