امتداداً لحفلات «من غير ميكروفون»، التي حققت نجاحا كبيرا، في الفترات الماضية والتي سبق أن قدّمها مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي في مواسمه الماضية، كان الجمهور الكويتي على موعد مع حفل بعنوان «ألحان أبوبكر سالم»، بقيادة المايسترو د. خالد نوري، ومشاركة مجموعة من العازفين والمغنين الموهوبين في قاعة الشيخ جابر العلي الموسيقية، ومن إنتاج شركة سين.

المايسترو خالد نوري يقود الفرقة الموسيقية

Ad

واستهل مركز جابر موسمه الثقافي بالحفل في يوم الثلاثاء الماضي، لكن نظراً للإقبال الكبير، أعلن المركز تقديم حفل آخر من «من غير ميكروفون... ألحان أبوبكر سالم»، وجاء الإعلان بالشكل التالي: «يسعدنا تمديد الحفل ليلة إضافية، الأربعاء 13 سبتمبر».

وكما اعتاد الجمهور، فإن حفلات «من غير ميكروفون» تعتمد على هندسة القاعة «أكوستك»، وتوزيع الآلات الموسيقية بنظام معيّن، حيث يستغني تماما عن المؤثرات التكنولوجية، وعن تقنية تكبير الصوت، والمميز أن الكورال يؤدّى الأغاني أداء جماعيا، كما تختار الآلات الموسيقية وعدد العازفين بطريقة تبرز الألحان التي يعاد توزيعها، كي تتناسب مع تلك النوعية المغايرة من الأمسيات الغنائية، وذلك ليتمكن الجمهور من الاستمتاع بالموسيقى والغناء بنقاء عال.

عشاق الطرب

انقسم حفل أمس الأول، الذي شهد حضور حشد غفير من عشاق الطرب الأصيل، وامتد لأكثر من ساعتين، إلى قسمين تخللتهما فترة استراحة، حيث جاء الجزء الأول متضمنا 7 أغانٍ، ووقع الاختيار على أغنية «أقبلت تمشي رويدا»، ليفتتح بها الأمسية من كلمات حسن البصري وألحان أبوبكر سالم، ومن أجوائها «أقبلت تمشي رويدا، ودنت تنجز وعدا، وأتت بعد فريق، زادني شوقا ووجدا»، ، بعدها جاءت الأغنية الثانية «يا سُمّار»، التي كتبها وغناها أبوبكر، والتي تألّق فيها صوت الكورال، وجاءت الأغنية الثالثة بعنوان «سبحان من صوّر جمالك»، من كلمات أبوبكر سالم، وغنّاها راشد الماجد، وأبدعت الفرقة بأغنية «عادك إلا صغير»، لتسخن الأجواء في المسرح بأغنية «كثّر الله خيرك» من كلمات أبوبكر سالم، كما أبدعت الفرقة في أغنية «ما في أحد مرتاح»، من كلمات الناصر ومن ألحان أبوبكر سالم، وغناء الفنان عبدالله الرويشد، ومن أجوائها «ما في أحد مرتاح، كل واحد معه همّه على قده، حتى أنا يا صاح، همّ القلب عندي قد بلغ حدّه»، وأيضا غنت «قال بو محضار»، التي أعادت الجمهور إلى الزمن الجميل، والأغنية من كلمات المحتفى به.

وبعد استراحة قصيرة، انطلق الفصل الثاني من الحفل، وتضمن 7 أغنيات من روائع أبوبكر سالم، كان أولها أغنية «امتى أنا أشوفك»، ووسط تصفيق الجمهور جاءت أغنية

«حطني في عيونك»، من كلمات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، كما تغنّى الكورال بأغنية «هي السنين»، و»عسل دوعن»، في حين تألقت الفرقة عزفاً وغناء بأغنية «غيّار»، لتصل حماسة الجمهور إلى ذروتها بأغنية «يا ناسين الحبايب»، وأخيرا اختتمت الفرقة الحفل بأغنية «ما علينا يا حبيبي» من كلمات أبوبكر سالم.

اللغة العربية

أما عن سيرة الفنان الراحل أبوبكر سالم، فقد وزّع كتيب في الحفل، جاء فيه: «ولد المطرب والملحن والشاعر أبوبكر سالم عام 1939، في مدينة تريم التابعة لمحافظة حضرموت اليمنية، والتحق بمدرسة الأخوة في تريم، ثم التحق بمعهد إعداد المعلمين في عدن وتخرّج فيه، ليمتهن تدريس اللغة العربية فترة قصيرة، لكنه كان لا ينفك يفكّر في الفن الذي سكنه منذ الصبا».

وكانت نقطة الانطلاقة من عدن، حيث كتب أغنية بعنوان «يا ورد محلا جمالك»، وقد لحّنها بنفسه، على الرغم من صغر سنّه، لتكون أولى تجاربه مع الإذاعة، ومن ثم كتب أغنية «لما ألاقي الحبيب»، وأتبعها بأغنية ثالثة هي «أقبلت تمشي رويدا»، أما فرصة لقاء الجمهور أول مرة، فكانت على يد الفنان محمد مرشد ناجي، واستمر في المجال الغنائي يكتب ويلحن ويغني، ومن الأغنيات التي كتبها في تلك الفترة: «خاف ربك»، و«يا حبيبي خفيف الروح»، وغيرهما. ولم يكن الطموح الفني يتوقف عند عدن، بل سافر إلى فضاءات جغرافية أوسع، فكانت بيروت هي وجهته عام 1959، كما كانت نقطة التحول في حياته، حيث منحته فرصة خصبة كانت جديدة عليه، فأتاحت له أن يقدّم تعاونا فنيا مع أكثر من فنان عربي، مثل أغنية «من نظرتك يا زين» مع نجاح سلام، وأغانٍ مع هيام يونس.

جمهور كبير في الحفل

ولم يكن تعلّق أبوبكر سالم ببيروت بدافع الفن فقط، بل تعلق بها كإنسان أيضا، وظل يتردد عليها كثيرا في رحلاته من عدن، مرورا بمدينة جدة السعودية، إلى أن قرر أن يبدأ مرحلة فنية جديدة في جدة، التي قدّم فيها عددا من الأغاني الوطنية، ومن أشهرها «يا بلادي واصلي»، و«يا مسافر على الطايف».

وقدّم سالم أشهر الأغاني التي تمثّل الغناء الحضرمي والعدني والصنعاني، سواء من كلمات وألحان مطربي اليمن أو من ألحانه وكلماته هو، كما شكّل ثنائيا ناجحا مع الشاعر والملحن حسين أبوبكر المحضار، غير أن اللون الحضرمي ظل هو لونه الخاص والمفضل.

يشار إلى أن العمل المقبل الذي سيقدم في نفس قاعة الشيخ جابر العلي الموسيقية، بتاريخ 25 أكتوبر حفل الفنانة ناي البرغوثي، وهي عازفة الفلوت والمُلحنة والمغنية من رام الله في الضفة الغربية، وتشتهر ناي على وجه الخصوص بدمج موسيقى الجاز والموسيقى الشرق أوسطية، وقادتها موهبتها إلى تقديم عروض في أوروبا والولايات المتحدة والشرق الأوسط.

«سين» للإنتاج الفني في سطور

بدأت فكرة تأسيس شركة سين للإنتاج الفني بعد أن عمل فريق المؤسسين معا في هذا المجال في تجربة كشفت عن فرص واعدة للانطلاق بالفنون الأدائية في الكويت والمنطقة إلى آفاق جديدة، مما دفعهم إلى مواصلة عملهم بشكل مستقل وعلى نطاق واسع، واستنادا إلى الخبرة المشتركة للفريق في الإنتاج، وإدارة الفنون، وإعداد البرامج الثقافية، والموسيقي ومجال البحث والأعمال التجارية التسويق، تحولت شركة سين من الفكرة إلى الوجود الفعلي في الساحة الفنية، وبمكانة متفردة، جنبا إلى جنب مع فريقها من المبدعين والمصممين الموهوبين والشركاء. وأيًّا كان حجم أو نطاق الفعاليات التي تقدّمها، فإن «سين» تتطلع إلى بلوغ أعلى معايير المحتوى والأداء، وهو تطلّع مدعوم بالبحث والتطوير الإبداعي وطموح الاستفادة من المستوى العالمي المعاصر في هذا الحقل، بهدف تقديم ما يستحقه الجمهور دائما، وما يستحق وقتهم واهتمامهم، ويمسّ مشاعرهم وعقولهم وبما يتجاوز حدود توقّعاتهم.