تواجه شركة غوغل تحديات حقيقية في ظل محاكمة تاريخية لمكافحة الاحتكار، والمرتبطة بسلوكها فيما يتعلق بالإنفاق لتكون الخيار الافتراضي على متصفحات الويب والهواتف الذكية، لكن ما هو الأكثر أهمية بالنسبة لأعمال البحث الناجحة عبر الإنترنت: خوارزمية الحوسبة التي تقرر النتائج التي سيتم عرضها أو البيانات التي تتتبع نتائج نقرات المستخدم؟

حتى داخل شركة غوغل، التابعة لـ «ألفابيت»، وهو أكبر محرك بحث في العالم، ظل هذا السؤال محل نقاش ساخن لسنوات، والآن أصبحت هذه سمة أساسية في محاكمة تاريخية لمكافحة الاحتكار، حيث تزعم وزارة العدل الأميركية أن «غوغل» تنفق مليارات الدولارات لخنق المنافسة والحفاظ على احتكارها للبحث عبر الإنترنت.

Ad

واستعانت الحكومة بتصريحات سابقة لكبير الاقتصاديين في غوغل، هال فاريان، الذي أدلى بشهادته خلال الأيام الأولى من المحاكمة هذا الأسبوع، وكان يشغل منصب المتحدث الرئيسي للشركة منذ عام 2002، حيث كان يجادل علنا في عام 2009 بأن خوارزمية الشركة كانت أكثر أهمية من كمية البيانات التي تم جمعها، بحسب وثائق قدمت كدليل حكومي في القضية أمس الأربعاء.

وقال فاريان، لصحيفة CNET في عام 2009، «إن حجم البيانات مؤشر زائف من وجهة نظرنا، لأن كمية أو جودة البيانات ليست هي التي تُحدث فرقاً، بل الخوارزمية المستخدمة في معالجتها». ويتماشى ذلك، مع تصريح آخر لصحفي في «نيويورك تايمز» عام 2011 عندما أرسل له رسالة بريد إلكتروني كتب فيها: «من المؤكد أن البيانات مهمة لمحركات البحث، ولكنها ليست القصة كلها، فمعرفة ما يجب فعله بهذه البيانات هو الأهم»، وفقا لأدلة المحاكمة.

لكن وجهة نظر فاريان لم تعجب بعض الزملاء، بما في ذلك كبير علماء «غوغل»، بيتر نورفيج، الذي كان الرئيس السابق لجودة البحث، وفقاً للوثائق التي قدمتها الحكومة. وقال «نورفيج» في حدث عام مارس 2010: «ليس لدينا خوارزميات أفضل من أي شركة أخرى، لدينا فقط المزيد من البيانات».

وتعد الحجج حول حجم البيانات التي تجمعها «غوغل» أمراً أساسياً في قضية الحكومة، ويزعم القائمون على مكافحة الاحتكار أن شركة غوغل تهيمن بشكل غير قانوني على البحث عبر الإنترنت، من خلال دفع ما يصل إلى 10 مليارات دولار سنوياً لتكون الخيار الافتراضي على متصفحات الويب والهواتف الذكية.

وتزعم الولايات المتحدة أن هذه الاتفاقيات منعت المنافسين، مثل «مايكروسوفت»، و«DuckDuckGo» من الحصول على ما يكفي من البيانات للمنافسة بفعالية. وقالت وزارة العدل، في بيانها الافتتاحي الثلاثاء، إن شركة غوغل تحصل على 16 ضعف البيانات التي يحصل عليها أقرب منافسيها التاليين، وهو محرك البحث «Bing» التابع لمايكروسوفت.

وتركز المحاكمة، المتوقع أن تستمر حتى منتصف نوفمبر، فقط على ما إذا كانت «غوغل» قد انتهكت القانون. ولم توضح وزارة العدل بعد العلاج الذي قد تسعى إليه في إجراء ثانٍ إذا حكم قاضي المقاطعة الأميركية أميت ميهتا لصالحها.

ومن الممكن أن تدفع الحكومة باتجاه أكبر عملية تفكيك قسري لشركة أميركية منذ تفكيك شركة AT&T عام 1984، والاحتمال الآخر هو إرغام «غوغل» على مشاركة بعض بياناتها لمساعدة محركات البحث المنافسة على تحسين جودتها، وفقا لما ذكرته «بلومبرغ»، واطلعت عليه «العربية.نت».

وتنفي الشركة أنها تحبط المنافسة، وأخبر محاموها القاضي الثلاثاء أن هناك خيارات أخرى على الإنترنت، وأن المستخدمين يختارون «غوغل» لأنه يمتلك أفضل أداة بحث، لكن كبار المسؤولين التنفيذيين أكدوا أهمية البيانات في رسائل البريد الإلكتروني الداخلية، حسبما أظهرت الأدلة الحكومية.

وقال رئيس قسم البحث في «غوغل» أودي مانبر، الذي انضم إلى الشركة عام 2006، في رسالة بريد إلكتروني أرسلها إلى فاريان عام 2009: «ليس صحيحاً على الإطلاق أن الحجم ليس مهماً».

وكتب مانبر: «خلاصة القول. إذا كان لدى مايكروسوفت نفس عدد الزيارات التي لدينا فسوف تتحسن جودتها بشكل كبير، وإذا كان لدينا نفس عدد الزيارات التي تتمتع بها فسوف تنخفض جودتنا بشكل كبير».

طريقة سحرية

وفي تبادل آخر عام 2020 مع مهندس غوغل دانييل راسل، قال فاريان إن «الصحافيين والمنظمين لم يكونوا متطورين بما يكفي لفهم وجهة نظره بأن كمية البيانات أقل أهمية من الخوارزمية».

وكتب فاريان: «إنهم يعتقدون أنه إذا سلمنا Bing مليار استفسار طويل فسيصبحون أفضل بكثير بطريقة سحرية». وأجاب راسل: «إن تأثير جودة البيانات حقيقي».

وفي شهادته هذا الأسبوع، ذكر فاريان أنه لا يزال يعتقد أن الخوارزمية أكثر أهمية، لكنه لم يقل أبدا إن البيانات ليست عاملاً أيضاً، مضيفا: «البيانات ذات قيمة. لكنها ليست كل شيء ونهاية كل شيء. المهارات البشرية لها قيمة. والمعايير الموضوعة مهمة».