يكاد الكل يكون مجمعاً على أن حركة المجتمع الكويتي ناحية التغيير والتطوير والتقدم لا تتجاوز وتيرته ومداه «حركة البندول»، فهي محلك سر، وبسبب الحماس قد يصاب المجتمع في قصور حركته بوهم التقدم، بيد أن حقيقة الأمر تمسي تقدماً ولكن إلى الأسفل! والأمر يزداد تعقيداً عند متابعة ما تموج به النهضة الخليجية من حولنا، والأمر يصبح مؤلماً عندما ينشغل كيان مهم بالمجتمع في فك شفرة تداخل اللهجات بين سكان شرق وجبلة من يقول للملعقة «قفشة» ومن يقول لها «خاشوقة»!
وعليه، الكويت تحتاج لإعادة هيكلة وبناء يشمل الأرض ومن عليها، ولاسيما بناء عقلية كويتية متحضرة تؤمن بالتعايش والاختلاف، ومن المسلمات المكرورة في أدبيات التنمية المستدامة، أنه لا سبيل الى إنجاز مهمات التقدم في حياة المجتمع إلا من خلال تفجير طاقات الشباب، ونثق بهذا الصدد بدور الجهود الأصيلة والمبدعة للشباب الكويتيين متى ما مُكِنوا، في توليد دافعية حركة التقدم الى الأمام بوتائر مطردة ومتنامية نحو النهوض في كل مناشط الحياة، والتاريخ يشهد على ذلك، بشرط القضاء على الواسطة والمحسوبية وما هو متعارف عليه «هذا ولدنا» التي قتلت معه كل المواهب الكويتية، والأمر يزداد خطورة في المناصب القيادية، وعليه يجب أن يكون الاختيار لتلك المناصب وفق معايير الكفاءة والمهنية والاحترافية ليتم على أساسها وضع الرجل المناسب في المكان المناسب. ثمة إدراك موضوعي تاريخي يرقى الى مستوى الإيمان الراسخ بأن الاستغلال الأمثل لإمكانات الشباب الكويتيين يحمل مسؤولية كبرى في إشاعة تلك الطاقة المحركة للمجتمع ناحية التقدم الى الأمام، ومسؤولية تفجيرها تقع على حكومة النواف، ما من شأنه تجاوز كل اختناقات الواقع الراهن بما تحويه من عنصرية وازدواج واستقطاب في الجماعات والفئات.
ختاماً: إننا في مَسيس الحاجة في هذه اللحظة التاريخية لواقعنا غير المنضبط الى إصلاح سياسي حقيقي يمكننا من خلق مجتمع كويتي مدني منفتح على ذاته وعلى غيره، مجتمع مختلف يشيع حرية الحوار وحرية التفكير وحرية المواجهة والفعل، لاستكمال التحديث والتنمية في أصالة معاصرة تستوعب كل خوارزميات العصر الرقمي بما تشمله من قيم وثقافة كونية، غير ذلك يكون وهماً نعيشه اسمه التقدم!
اللهم قدر للكويت رجال دولة أقوياء، شرفاء، أمناء، ودمتم بخير.