«فاجعة درنة» كان يمكن تفاديها... وطرابلس تطالب بمحاسبة سلطات «الشرق»
في وقت مازالت تداعيات آثار الفيضانات التي اجتاحت شمال شرق ليبيا، فجر الأحد، نتيجة لمرور العاصفة دانيال بالمنطقة الواقعة تحت سيطرة حكومة مكلفة من البرلمان المدعوم من قائد قوات الجيش الوطني، خليفة حفتر، صوّبت سلطات العاصمة طرابلس، المدعومة من الأمم المتحدة وتركيا وقوى غربية، نيرانها باتجاه انهيار سدين مائيين في مدينة درنة التي حصدت الكارثة بها أكبر عدد من الضحايا والجرحى.
وطالب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، الداعم لحكومة الوحدة الوطنية، بزعامة عبدالحميد الدبيبة، النائب العام الصديق الصور، بفتح تحقيق شامل في كارثة الفيضانات التي ضربت درنة شمال شرق البلاد.
وقال المنفي في تصريحات ليل الأربعاء ـ الخميس: «طالبنا النائب العام بمحاسبة كل من أخطأ أو أهمل بالامتناع أو القيام بأفعال نجم عنها انهيار سدّي درنة».
كما طالب بأن تشمل التحقيقات «كل مَن قام بتعطيل جهود الاستغاثة الدولية أو وصولها إلى المدن المنكوبة».
في موازاة ذلك، أوعز رئيس حكومة الوحدة بفتح تحقيق عاجل في أسباب انهيار سدَّي درنة بعد الفيضانات الطوفانية التي تسببت بها العاصمة والأمطار المصاحبة لها.
وقال الدبيبة، في بيان مقتضب عبر منصة إكس: «خاطبت المستشار النائب العام بفتح تحقيق عاجل في ملابسات انهيار سدَّي درنة، ووجهت الأجهزة المعنيّة بالتعاون الكامل في ذلك».
وتقع درنة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، في نهاية وادٍ طبيعي طويل وضيق، وهو جافّ معظم أيام السنة. وفاضت ضفاف مجرى الوادي، وجرفت الجسور، وانفجر سدان، يعتقد أنهما لم يخضعا للصيانة منذ عام 2002، في أعلى الوادي، مما أدى إلى زيادة مياههما في الطوفان الذي جرف أحياء بأكملها إلى البحر.
في غضون ذلك، أفاد وكيل وزارة الصحة بحكومة الوحدة، سعدالدين عبدالوكيل، بأن فرق الإنقاذ المحلية والدولية تمكنت من إنقاذ 510 أشخاص من تحت الأنقاض في درنة التي أحصت مقتل أكثر من 7000 بها، إضافة إلى فقدان الآلاف.
وفي وقت سابق، قال رئيس بلدية درنة عبدالمنعم الغيثي، إن عدد القتلى في درنة من جراء الفيضانات الكارثية قد يصل إلى ما بين 18 و20 ألفاً، استناداً إلى عدد المناطق المدمرة.
في هذه الأثناء، تحدثت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، عن خطأ فادح «كان من الممكن تفاديه لمنع سقوط معظم الضحايا» جراء الفيضانات المدمرة التي خلفت آلاف القتلى والمفقودين بمناطق درنة وبنغازي والبيضاء والمرج وسوسة الواقعة بشرق ليبيا.
وقال الأمين العام للمنظمة، بيتيري تالاس، في جنيف إنه «لو تم إصدار إنذارات، لكانت هيئات إدارة الحالات الطارئة تمكّنت من إجلاء السكان، ولكنا تفادينا معظم الخسائر البشرية»، مشيراً إلى قلّة التنظيم في ظل الفوضى المخيمة على البلد المنقسم بين سلطتين منذ سقوط نظام الدكتاتور الراحل معمر القذافي.
ومع دخول عمليات الإنقاذ والإخلاء يومها الخامس، أمس، أعلنت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنيين، إرسال فريق بحث وإنقاذ للمشاركة بمساعدة المحاصَرين جراء السيول، إضافة إلى مساعدات إغاثية لوجستية وطبية.
وبالتزامن مع وصول سفينة تركية تحمل معدات لإقامة مستشفيين ميدانيين مع طاقم من 148 فردا وسيارات إسعاف إلى سواحل ليبيا، للمساعدة بجهود الإغاثة، أعلن برنامج الأغذية العالمي وإيطاليا بشكل منفصل، إرسال مساعدات إلى البلد الواقع بشمال إفريقيا.
وأوضح «برنامج الأغذية» أنه يستهدف مساعدة 5 آلاف أسرة مشردة بعد رصد نزوح نحو 36 ألف شخص من عدة مناطق بشرق ليبيا، في مقدمتها درنة، حيث جرفت المياه منازل واقتلعت أشجاراً ودمرت شبكات الصرف الصحي ومياه الشرب، وتسببت في قطع التيار الكهربائي والاتصالات بشكل واسع.
في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، أن بلاده أرسلت طائرتَي نقل إلى ليبيا لتقديم المساعدات مع فرق «متخصصة في مختلف المجالات»، وجاء ذلك في وقت واصلت فرق مصرية وإسبانية العمل على مساعدة المتضررين بشرق ليبيا.