منذ خرج علينا النائب محمد هايف قبل أيام بعباءة الزهو ليلقي على مسامع جموع الكويتيين بياناً احتفالياً بانتصاره الذي طال انتظاره، معلناً أن وزارة التعليم العالي قررت إلغاء الشُّعب المختلطة، ورغم أن أصداء كلماته ظلت تتردد، لاسيما مع ما واجهته من هجوم نواب وتأييد آخرين، لم نسمع للوزير المختص
د. عادل المانع بنت شفة، ولم يعقب على ما صرح به هايف بتأكيد أو نفي، وكأنه وزير في بلد آخر غير الكويت، أو أن القرار يمسّ وزارة أخرى غير وزارته، مما يكتب شهادة موثقة بترسيخ الضعف الحكومي أمام الضغط النيابي الذي لا يتوانى عن السعي لتحقيق مطالبه ولو على حساب التضحية بمستقبل الطلاب والطالبات عبر تأخير تخرجهم.
وقوبل قرار الإلغاء، الذي تمخض عن إلغاء الشعب، بإجماع طلابي على رفض صدوره في مثل هذا الوقت دون توفير البديل، لافتين إلى أن الدوام الدراسي على وشك الانطلاق، وبات الوقت ضيقاً، وأغلبية الطلبة سجلوا جداولهم.
من جهتها، أصدرت جمعية أعضاء هيئة التدريس بالجامعة بياناً وجهت فيه عدة رسائل إلى نواب مجلس الأمة والحكومة والإدارة الجامعية والمجتمع الكويتي.
وفي رسالتها إلى النواب، دعت الجمعية إلى «عدم التدخل في شؤون الجامعة دون فهم واقعها والتنسيق مع المعنيين فيها»، فضلاً عن ضرورة دعمهم لها تشريعياً «بشكل إيجابي من خلال التنسيق مع إدارة الجامعة والجمعية واتحاد الطلبة بما يخدم الصالح العام».
وفي رسالتها للحكومة، نادت بضرورة «إيقاف التدخلات السياسية والإعلامية غير المبررة في الجامعة»، داعية إدارة الجامعة بالتكليف إلى «عدم الخضوع للضغوطات السياسية والإعلامية وحماية استقلالية الجامعة».
واعتبرت الجمعية أن «ما حدث أضعف هيبة الجامعة»، مشيرة إلى ضرورة «إعطاء كلية الحقوق الفرصة لتقديم الحل بما يناسبهم وما يرونه في مصلحة الطلبة، مع توفير غطاء للكلية، والحرص على سرعة حل المشكلة».
أما رسالتها إلى المجتمع الكويتي، فأكدت أن «الجامعة كانت ومازالت وستظل حاملة راية العلم والقيم دون مزايدة عليها من أي جهة»، مشددة على أهمية الدعم من قبل مؤسسات المجتمع المدني لحماية التعليم والسعي نحو تطويره.
نيابياً، توالت التصريحات المؤيدة والمعارضة، إذ قالت النائبة جنان بوشهري، إنه فيما يتعلق بمفهوم الفصل، فقد أصبح قانون المنع لا قيمة تشريعية له، فأحكام المحكمة الدستورية تسمو على القوانين، «ولذلك سأتقدم اليوم بتعديل تشريعي يلغي قانون منع التعليم المشترك، وتترك الأمور التنظيمية داخل القاعات للإدارات الجامعية وهيئة التطبيقي».
من ناحيته، قال النائب عبدالوهاب العيسى، الذي أعلن دعمه الاعتصام الطلابي المقرر غداً، إن «الإدارة الجامعية الضعيفة رضخت للضغوط السياسية على حساب مصلحة طلبة جامعة الكويت رغم تطبيقها الصحيح لتفسير المحكمة الدستورية لقانون منع الاختلاط»، مشدداً على أن الضحية الأولى كلية الحقوق والعين على باقي الكليات، لذا على القوى الطلابية أن تنتصر لحقوقها حتى تقلب المعادلة».
في المقابل، ذكر النائب مبارك الطشة، أن «القانون 24/ 1996 ينص صراحة على فصل شعب الطلاب عن الطالبات نصاً صريحاً ونافذاً ولا يحتاج تأويلاً»، محذراً وزير التربية من أن أي تراجع عن هذا القرار هو بمنزلة نقض للعهد وخضوع لمخالفة القانون.
أما النائب د. عادل الدمخي، فأكد أن الربط بين منع الاختلاط ومشكلة الشعب المغلقة هو هروب من المشكلة الحقيقية الأكبر والمتمثلة في سوء الإدارة، والإهمال الحكومي للتعليم عموماً والتعليم العالي خصوصاً، فلا استقرار لوزير ولا لمدير جامعة ولا لعميد كلية، لافتاً إلى أن موقف الوزير ومدير الجامعة اليوم موفق، ويجب فتح الشعب للخريجين أولاً.
وفي تفاصيل الخبر:
في وقت دعت القوى الطلابية ممثلة في قائمة المستقلة وقائمة الوسط الديموقراطي الجميع الطلبة إلى المشاركة في الاعتصام الطلابي السلمي، غداً، للاحتجاج على قرار وزير التربية بإلغاء الشُّعب الدراسية المختلطة، توالت الردود النيابية المتباينة، وسط حالة من الغضب الشعبي، ترجمها الطلبة عبر دعوتهم، وذلك بسبب خضوع الوزير للتيار المتشدد على حساب مصلحة الطلبة.
وفي هذا السياق، قالت النائبة د. جنان بوشهري: «التزام أبنائنا الطلبة والطالبات بالجلوس في القاعات الدراسية محل اعتزاز، ودليل على احترام بعضهم البعض وحُسن تربية أسرهم الكريمة، وهذا ما انتهت له المحكمة الدستورية، وأكدته فيما يتعلق بمفهوم الفصل، فأصبح قانون المنع لا قيمة تشريعية له، فأحكام المحكمة الدستورية تسمو على القوانين».
وأضافت بوشهري: «سأتقدم اليوم (الأحد) بتعديل تشريعي يلغي قانون منع التعليم المشترك، على أن تُترك الأمور التنظيمية داخل القاعات للإدارات الجامعية وهيئة التطبيقي، علاوة على طرح شُعب دراسية متنوعة بين مشتركة ومنفصلة، وفق المتطلبات التعليمية والأكاديمية، وبما لا يضرّ مصلحة الطلبة، على أن تُترك حرية الاختيار في التسجيل لهم.
جاء ذلك في وقت ذكر النائب عبدالوهاب العيسى: «خضعت الإدارة الجامعية الضعيفة للضغوط السياسية على حساب مصلحة طلبة وطالبات جامعة الكويت، رغم تطبيقها الصحيح لتفسير المحكمة الدستورية بشأن قانون منع الاختلاط، مشدداً على أن الضحية الأولى كلية الحقوق، والعين على بقية الكليات، والطلبة سيتأخر تخرّجهم في الحد الأدنى سنتين»، مضيفا: «على القوى الطلابية أن تنتصر لحقوقها، حتى تقلب المعادلة».
بدوره، قال النائب عبدالله فهاد: «نستغرب عودة النقاش بشأن إلغاء الشُّعب الدراسية المختلطة في جامعة الكويت مرة أخرى، مع أن الأمر محسوم منذ إقرار قانون منع الاختلاط، وعليه، فقد صُمّمت مباني الجامعة الجديدة في الشدادية على أساس الفصل بين الطلبة والطالبات»، موضحا أن «ما يُثار حاليا بشأن تطبيق هذا القانون جدل في الوقت الضائع، وإذا كانت الجامعة تتذرع بقلّة الشُّعب الدراسية فهي مشكلة الإدارة، وعليها الإسراع في إيجاد الحل، بدلا من مخالفة القانون الذي أُقرّ بمباركة نيابية - شعبية - حكومية، وفقا لأحكام الشريعة».
من ناحيته، أوضح النائب د. مبارك الطشة «الأخ وزير التربية، القانون 24/ 1996 ينصّ صراحة على فصل شُعب الطلبة عن الطالبات نصّاً صريحاً ونافذاً، ولا يحتاج إلى تأويل، ونشيد بتعهداتكم والقيادات الجامعية في تطبيق القانون، وأيّ تراجع عن هذا القرار هو بمنزلة نقض للعهد، وخضوع لمخالفة القانون، لذلك يجب أن تكون المحاسبة على عدم تطبيق القانون أو تعطيله».
بدوره، قال النائب خالد الطمار: «نؤيد التزام مدير الجامعة بما تم الاتفاق عليه بإعادة فصل الشُّعب، وأن المباني مصممة أساساً لذلك، وقد حضرنا اجتماع اللجنة، وتم التأكيد على إدارة الجامعة لاتخاذ الإجراءات الإدارية لضمان عدم الإضرار بالطلبة».
من جانبه، ذكر النائب محمد هايف: «الأعذار الواهية تبطلها الحقائق الدامغة، قانون منع الاختلاط مطبّق في أكبر كلية، وهي التربية طلبتها 8 آلاف في 600 شعبة غير مختلطة، و10 شُعب فقط لظروف التخرّج قد تكون بنسة 1 بالمئة، أما كلية الحقوق فالطلبة 3000 تقريبا بـ 370 شعبة تقريبا، منها 275 مختلطا لأول مرة، مع أنها نفس مباني كلية التربية !!».
من ناحيته، أوضح نائب رئيس مجلس الأمة، محمد المطير: «تطبيق القانون قضية مبدئية لا تخضع للأهواء الشخصية، ولا المزايدات الجانبية، لذلك يجب تطبيق قانون منع الاختلاط، دون وضع عراقيل لعدم تطبيقه».
بدوره، قال النائب فهد المسعود: «نرحب وندعم تطبيق قانون منع الاختلاط الذي جاء بتوافق نيابي - حكومي سابق، وأثمّن دور وزير التربية ومدير جامعة الكويت بالتكليف، والإدارة الجامعية في تطبيق هذا القانون الذي تأخّر بسبب عدم الاستقرار في المنصب الوزاري والمناصب القيادية بالجامعة، والضغوط التي تُمارَس بحجة الشُّعب المغلقة».
من جانبه، قال النائب فايز الجمهور: «أحذّر وزير التربية من الرجوع أو التنازل عن قرار الفصل بين الجنسين ومنع الاختلاط بالجامعة، بسبب الضغوط التي تُمارَس عليه، التزامك لنا كنواب يحمّلك المسؤولية السياسية في حالة الرجوع أو التنصل من القرار، وستكون بداية عمل لك غير موفقة بألّا تلتزم بقراراتك ولا تحترمها، مع مراعاة تأمين الشُّعب الدراسية لأبنائنا الطلبة، وعدم إلحاق الضرر بتعطيل دراستهم، وتأمين الشُّعب اللازمة لهم.
بدوره، ذكر النائب حمد العبيد: «نؤيد التزام مدير الجامعة بما تم الاتفاق عليه في اللجنة من إعادة فصل الشعب، خصوصاً أن المباني مصممة أساساً للفصل بين الجنسين، وقد أكدنا في اللجنة على إدارة الجامعة لاتخاذ الإجراءات الإدارية لضمان عدم الإضرار بالطلبة».
من جانبه، قال النائب فلاح ضاحي: «شكراً للإخوة وزير التربية ومدير جامعة الكويت لالتزامهما بتطبيق القانون والنظام، فقضية إلغاء الشُّعب المختلطة هي مبدأ محسوم بقوانين مسبقة، ولن نغفل عن مشكلة الشُّعب الدراسية، فمستقبل الطلبة محل تقدير واهتمام، ولن تكون عائقا لتطبيق قانون توافقت عليه الرغبة الشعبية وأحكام الشريعة الإسلامية».
بدوره، أكد النائب د. عادل الدمخي أن «الربط بين منع الاختلاط ومشكلة الشّعب الدارسية المغلقة هو هروب من المشكلة الحقيقية الأكبر، والمثمتلة في سوء الإدارة، والإهمال الحكومي للتعليم عموما، والتعليم العالي خصوصا، فلا استقرار اليوم لوزير ولا لمدير جامعة ولا لعميد كلية، وموقف الوزير ومدير الجامعة موفّق، ويجب فتح الشُّعب للخريجين أولا، ثم لا بدّ من اعتماد الإضافي لأساتذة الجامعة في مثل هذه الحالة، والقرار الاستثنائي، وأن تتم زيادة فتح الشُّعب بديل المغلقة، وتكون هناك قرارات تدعم هذا التوجه من الوزير ومدير الجامعة والعميد».
«المستقلة»: المشاركة في الاعتصام انتصار لحقوق الطلبة
«الوسط الديموقراطي» تطلق حملة تواقيع لرفض القرار
دعت قائمة المستقلة جميع الطلبة إلى المشاركة في الاعتصام الطلابي السلمي، غدا، للاحتجاج على قرار وزير التربية وزير التعليم العالي غير المدروس، والذي أعلنه مدير الجامعة في هذا التوقيت حول عملية إلغاء الشُّعب المختلطة، وذلك بين كليتَي الآداب والتربية في مدينة صباح السالم الجامعية عند الساعة 12:30 ظهرا.
وأشارت القائمة المستقلة إلى أن المشاركة في هذا الاعتصام تعد انتصارا لحقوق الطلبة ومكتسباتهم في جامعة الكويت.
من جانبها، أطلقت قائمة الوسط الديموقراطي في الجامعة حملة تواقيع للتعبير عن رفض الطلبة والقوى الطلابية لقرار إلغاء الشُّعب الدراسية المشتركة في كلية الحقوق، غير المدروس.
وقالت القائمة، عبر بيان صحافي أمس، إن «إطلاق الحملة يأتي حفاظاً على استقلالية الجامعة من التدخل السياسي وصوناً لحقوق الطلبة في ضمان مستقبلهم الدراسي، وتنفيذا لحكم المحكمة الدستورية رقم 12 لسنة 2015، بشأن التعليـم المشترك، وهو ملزم لكل السلطات، وتأكيداً لرفضنا لقرار وزير التربية وخضوع العمادة ومدير الجامعة بإلغاء الشُّعب الدراسية المشتركة».
وطالبت القائمة القوى الطلابية ونواب مجلس الأمة ومؤسسات المجتمع المدني والقوى الفاعلة في المجتمع بدعم هذه المبادرة ومساندتها.
ضغوط برلمانية
من جهته، كشف المنسق العام لقائمة الوسط الديموقراطي، محمد القطان، عن حالة عدم استقرار وخوف وتوتّر أصابت طلبة الجامعة، بسبب الضغوط البرلمانية على مدير الجامعة لتطبيق قانون منع الاختلاط عند تسجيل الشُّعب الدراسية المشتركة، والتي جاءت في وقت حرج وغير مدروس.
وقال القطان، في تصريح صحافي: «لن نتكلم عن الدستور وعدم تطبيقه وبطش بعض النواب بقانون منع الاختلاط لإرضاء قواعدهم الانتخابية، فأصبح هذا الأمر معتادا ونعيشه يومياً من خلال خضوع المؤسسات لمطالبهم الرجعية، فتردي المؤسسة التعليمية وانتهاك استقلاليتها وتصنيف الجامعة العالمي ومشاكل الطلبة لم تعدّ بأهمية فرض الوصاية على الطلبة والمزايدة على أخلاقياتهم وتربيتهم». وتابع أن «القوائم الطلابية بدأت بروتينها المعتاد من خلال تكسباتها الانتخابية، وإصدار بيانات ركيكة ظنّاً منهم أن الزمن سيصبح ممحاة لمواقفهم السابقة، حيث كانوا يدعون إلى فصل الشُّعب، واليوم يتبنّون نهجاً شعبوياً في حملاتهم الانتخابية».
ولفت إلى أن «حجتهم في هذا الأمر بأنهم في وضع استثنائي، فهذا التغيير في المواقف يثير تساؤلات حول مصداقية تلك القوائم والتزامها بمبادئها، وهل فعلاً يحملون مرجعاً فكرياً يستندون إليه؟ وما هو الوضع الاستثنائي؟ ففي كل عام تتجدد معضلة الشُّعب ولا حياة لمن تنادي!».