شهدت مناطق إيرانية عدّة تحركات محدودة لإحياء الذكرى الأولى لوفاة الفتاة مهسا أميني خلال احتجازها من شرطة الآداب، واجهتها قوات الأمن بقبضة حديدية، فيما ذكرت منظمة حقوقية معارضة أن 13 مدينة كردية دخلت في إضراب كامل لإحياء ذكرى الوفاة التي أطلقت موجّهة احتجاجات دامية ضد نظام طهران.
وتداول نشطاء على منصة (إكس) فيديوهات تظهر استخدام السلطات الغازات المسيلة للدموع لتفريق متظاهرين في مدينتَي كرج وسقز مسقط رأس مهسا، حيث أعلنت السلطات حالة الطوارئ في عدد من المناطق الكردية.
وذكر «الحرس الثوري»، في كردستان، أنه اعتقل 12 في المحافظة، 2 في مريفان و7 في سنندج و3 في ديوان دره مرتبطين بمجموعات انفصالية، وضبط أسلحة مع بعضهم.
وأفادت تقارير بأن قوات الأمن أغلقت الطرق المؤدية إلى المقبرة التي ترقد فيها الشابة الكردية الإيرانية بمحافظة كردستان، لمنع تنظيم أي تجمُّع لإحياء ذكرى وفاتها، بعد مطالبة والدها بذلك قبل أيام. وقالت كثير من المنظمات الحقوقية الكردية إن «الحرس الثوري» احتجز أمجد أميني، والد مهسا، فترة وجيزة واستجوبه في سقز، لكنّ السلطات نفت ذلك.
انتشار وانفجار
ولم يقتصر انتشار القوى الأمنية بالمناطق الكردية، بل قامت عناصر الشرطة والتعبئة الشعبية «الباسيج» بالانتشار في شوارع المدن الكبرى والعاصمة طهران، بمساندة عناصر استخباراتية بلباس مدني، بهدف إحباط أيّ محاولة لتحريك الجماهير الغاضبة. وأفاد المدعي العام في قرتشك باعتقال شخص على صلة بمجموعات معادية للنظام كانوا يخططون لأعمال تخريبية بطهران والمحافظات المجاورة، لكنّ ذلك لم يمنع وقوع قتيل وجريحين في انفجار سيارة ملغومة قرب جامعة شمال طهران، وفق ما أفادت وكالة فارس.
ونقلت وكالة مهر عن الشرطة تأكيدها توقيف أفراد في محافظة خراسان الشمالية كانوا يحضّون السكان على الشّغَب، فيما ذكرت وكالة إرنا الرسمية أن الشرطة حددت هويات «97 مستخدماً لشبكة الإنترنت» في مدينة أصفهان، كانوا يسعون إلى التأثير على الرأي العام.
زيارة رئيسي
في غضون ذلك، التقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي عائلات 4 أفراد من قوات الأمن قضوا خلال احتجاجات العام الماضي في مدينة مشهد، ثاني كبرى مدن الجمهورية الإسلامية.
وأشاد رئيسي بـ «الفشل الفاضح لمشروع الأعداء في إثارة الشغب في إيران ووقف الإنجازات الوطنية للنظام والثورة في العام المنصرم».
ونقل عنه الموقع الإلكتروني للرئاسة قوله، إن «الأجواء الوطنية تبشّر بالإنجاز والتقدم في كل المجالات، ويقع الأعداء في حالة الضعف والأفول، رغم مساعيهم لإثارة الشغب ووقف الحِرَاك الإيراني نحو الأمام».
وإضافة إلى الاستنفار الإيراني الداخلي لإحباط أي تحرُّك، استبقت الحكومة الإيرانية الذكرى بالتنسيق مع دول الجوار، خاصة العراق وباكستان وأفغانستان وأذربيجان، للتأكد من منع أي مجموعات معارضة من إرسال «عناصر تخريب» للتسلل عبر الحدود، بعد أن اتهمت الجماعات الكردية والبلوشية في العراق وباكستان من افتعال صدامات دامية بين الأهالي والقوات الأمنية الإيرانية بمناطق الأقليات في كردستان وسيستان بلوشستان خلال احتجاجات العام الماضي.
وأكد بيان لقيادة قوات حرس الحدود العراقية، ليل الجمعة ـ السبت، أنه «في إطار جهود مسك كامل الحدود العراقية مع دول الجوار، تمكّنت قوة من لواء الحدود الثاني وفوج مغاوير حدود المنطقة الأولى، وبإسناد من قوات حرس الإقليم البشمركة، من مسك نقاط حدودية على الشريط الحدودي العراقي - الإيراني، بعد اشتباكات مع جماعات خارج نطاق القانون كانت تسيطر عليها ضمن الحدود الإدارية لمحافظة أربيل».
تحرُّكات خارجية
في المقابل، نظّمت مسيرات احتجاجية في عدد من العواصم الغربية، بينها برلين ولندن وواشنطن وكانبيرا لإحياء ذكرى مهسا، فيما أعلن الاتحاد الدولي للصحافة اعتقال أكثر من 100 صحافي في إيران منذ مقتل الشابة، والحكم على 21 منهم بالسجن.
وأمس الأول، أشار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في رسالة مسجلة، إلى الذكرى السنوية لمقتل مهسا، قائلاً إن النظام الإيراني قمع بوحشية الاحتجاجات السلمية للشعب.
وقال: «لقد دعمت الولايات المتحدة، إلى جانب دول أخرى في العالم، الشعب الإيراني في طريقه إلى العدالة والمساءلة واحترام حقوق الإنسان خلال احتجاجات العام الماضي».
كما أكد الرئيس جو بايدن، في بيان، مساندة بلده للإيرانيين والإيرانيات خلال احتجاجاتهم العام الماضي. وجاء ذلك بالتزامن مع فرض وزارة الخزانة الأميركية حزمة جديدة من العقوبات على مسؤولين وكيانات إيرانية ضالعين في قمع الاحتجاجات، التي خلّفت مئات القتلى بينهم عشرات من قوات الأمن، إضافة إلى توقيف الآلاف وتنفيذ حكم الإعدام بحق 7 أشخاص على خلفية قضايا مرتبطة بها.
أوكرانيا و«النووي»
على صعيد منفصل، انتقد مندوب إيران لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد ايرواني، ما وصفه بـ «مساعي أميركا المشؤومة» لخلق صلة زائفة بين استخدام روسيا المزعوم لطائرات إيرانية مسيّرة في حرب أوكرانيا، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 بشأن منع طهران من تصدير الأسلحة المرتبط بالاتفاق النووي المبرم عام 2015، بهدف اتهام إيران بانتهاكه بأنه «أمر مضلل، ولا أساس له من الصحة على الإطلاق».